منذ اغتيال وسام الحسن في الاشرفية ثبت أن الرئيس الفعلي لبلد «خيال الصحرا»هو العماد جان قهوجي الحريصٌ على إستقرار البلد أمام فورة المجانين والأغبياء الذين إستخدموا الدم الذي لم يجف بعد من أجل السلطة والعبور على جثة الدولة. وبينما كانت البلاد غارقةً في الحزن على قتل رئيس «فرع المعلومات» السابق ومرافقه، من دون الإنتباه الى القتيلة الفقيرة جورجيت سركسيان وتشريد٥٠ عائلة لولا همة العماد ميشال عون وتياره، ارتأى رئيس الجمهورية أن يحث القضاء على الإسراع في إنهاء التحقيق مع ميشال سماحة وكأنه يربط بين الأمرين في التفاتة غريبة وغير مسبوقة.
وفي عز إنقلاب التيار السلفي الزرقاوي على الدولة وخروج مسلحيه إلى الشوراع وقطع الطرقات ومحاولة التوتير المذهبي عبر نصب الحواجز الطائفية عند الناعمة ووادي الزينة والهجوم على الضفة المقابلة من جسر الكولا وإستخدام السلاسل والهجوم على العلويين في جبل محسن الذي أصبح «مفششة خلق» لهؤلاء المتخلفين، ورغم رفض جماعة «لبنان آخراً» إنشغل خليفة إلياس سركيس بدعوة «الطاولة« إلى حوارالطرشان بدل أن يصدر استناباتٍ قضائية، كما فعل مع آل المقداد، بحق المحرض الأول على إقتحام السرايا الحكومية فؤاد السنيورة والإعلامي الموتور نديم «قطيشة» الذي ثبت أنه جبانٌ مرتين رغم صوته العالي ونبرته «الجعارية»: مرةً عندما إستأذن الرجل الحقيقي في منزله، ومرةً عندما حرض بقايا «الكتائب» و«القوات» و«الجيش السوري الحر» بهتاف «يا شباب ويا صبايا يلا يلا عالسرايا» لكنه بقي في مسجد محمد الأمين لوحده ربما لأن مستشاره البيتي أمره بذلك. صدق غالب قنديل عندما قال «يتحدث بعض الدجالين عن انفلات الشارع وما نشاهده ليس شارعاً عفوياً بل عملاً منظماً من رعاع ومرتزقة حشدوا بالمال لحرق الدواليب وقطع الطرق والاعتداء على الناس.. ودوريات مسلحة لميليشيات منظمة تنفذ مخططاً استخباراتياً مجرماً وليس فورة غضب».
لم يصدر سليمان مذكرات توقيف بحق القواتي بيار نمور المشهور بتعامله مع اسرائيل والذي قاد المعتصمين في خيم «المستقبل» أمام السرايا ثم إختفى بعد كشف «المنار» له، أو ضد السوري السلفي الذي شوهد في الصورة وهو يرمي حرس السرايا الذين عينهم المرحوم رفيق الحريري، بالحجارة وألواح الخشب، إضافةً إلى جماعة قرطة «حينكر» التي فيما مضى كانت تقدس السرايا الحكومية عندما كان يحتلها أسوأ رئيس حكومة عرفه لبنان وذلك رغم تظاهر نصف الشعب اللبناني ضده فلم يرف له جفن، لكنها اليوم لعقت كلامها وحاولت إقتحام السرايا مستغلةً دماً جديداً وقبل أن تختم قراءة سورة الفاتحة على المغدور. ولم يصدر سليمان مذكرات توقيف بحق خالد الضاهر وأحمدالأسير الملقب بالشيخ ومعين المرعبي الذي دعا بالأمس القريب إلى قتل قائد الجيش داعياً الى العصيان المدني من أمام منزل رئيس الحكومة في طرابلس. الجناح العسكري لربطة آل المقداد قض مضجع الدولة لكن الجناح العسكري للإرهاب السلفي التكفيري ليس خطراً على الأمن الوطني رغم رفع علم «الجيش اللحدي» في ساحة الحرية ومشاركة هؤلاء مع بعض الفلسطنيين في إطلاق النار على الجيش ومحاولة استفزاز الطرف الآخر للرد من أجل توسيع المعركة وتجييش وتسعير الفتنة المذهبية. ولكن الطرف المقابل في «٨ اذار» إحتفظ برباطة جأشٍ أسطورية يستحق عليها جائزة «نوبل» للسلام بينما يجب إختراع جائزة «نوبل» للكذب وللخراب مفصلة على قياس جوقة «الدنيا هيك». ولا يظنن أحدٌ أن جمهور «٨ آذار» صمت عن جبن أو عن عجز لكنه آثر الصبر من أجل حرمة الموت التي لم يأبه لها «قطشة» ومعلمته (يذكرني الأول بقطشات أبو خليل في سينما راديو في برج البراجنه) ولأنها تبين يقيناً أنها حريصة على البلد من تهور صاحب مشروع «إما أنا في السلطة أو الفوضى«! ولعل هذا ما جعل «١٤ عبيد زغار» يطير صوابهم من عدم استدراج ردة فعل الطرف الآخر رغم استخدامهم أساليب الحرب الأهلية من قنص وقتل على الهوية وقطع طرقات مثل أشباههم من العصابات المسلحة في سوريا الذين اختطفوا الحجاج اللبنانيين هناك. السبب الثاني الذي أثار جنون المنقلبين على الدولة هو إنقلاب سحرهم عليهم بعد أن كرت سبحة الدعم الدولي لحكومة ميقاتي وتخلي الجميع عنهم.
الأمبراطور أشرف ريفي ذكر بعض الفرضيات المتعلقة بإغتيال وسام الحسن منها أن الأخير كشف ٣٦ شبكة تجسس إسرائيلية لكن أصحاب الرؤوس الحامية، وعلى رأسها المنافق وليد جنبلاط، لم تعبر عقله المريض فكرة أن الإغتيال يحمل بصماتٍ إسرائيلية فسارع هو وسعد المهاجر إلى إتهام سوريا والرئيس بشار الأسد شخصياً بعد ثوانٍ معدودة من الجريمة. هذا ما حدث بالضبط في جريمة إغتيال الرئيس رفيق الحريري الذي ثبت، بالصوت والصورة، أن طائرات الرصد والإستطلاع الصهيونية كانت ترقب تنقلاته وتحركاته قبل استهداف موكبه في شباط (فبراير) ٢٠٠٥. لكن المجرم ميليس والمحققين الدوليين من بعده لم يطرحوا ولو لثانية واحدة إحتمال أن هكذا عملية لايقدر عليها إلا جهاز قتل محترف مثل «الموساد»! بل أن القاضي السابق «المقلوع» دانيال بيلمار تعاون مع إسرائيل في قضية التحقيق، ونقل كل أجهزة كمبيوتر المحكمة «الإسرائيلية» عبر تل أبيب.
التليفزيون «الأزرق» بدأ تحريضه ضد السياسيين المناوئين فاقتطع كلاماً من خارج السياق لتصاريح سياسية سابقة أدلى بها العميد مصطفى حمدان واللواء جميل السيد والعماد ميشال عون ضد الممارسات المغلوطة لفرع المعلومات ورئيسه السابق موحياً أن لهؤلاء ضلعٌ في مقتل الحسن جرياً على عادة «التيار الأزرق». ومرة جديدة، يعتقد هؤلاء المساكين أن التوقيت سيخدمهم ونحن على أبواب الإنتخابات النيابية، لأنهم (أكيد أكيد أكيد) سوف يتهمون كل من يصوت ضدهم بأنه قاتل وسام الحسن كما فعلوا بعد إغتيال الرئيس الحريري!
ولعل المضحك في جماعة المأزق دعوتها إلى إسقاط حكومة نجيب ميقاتي. أن ورقة حوت المال ليست ثمينة عندي وعند الكثيرين من اللبنانيين وبالتالي إذا «انقلع» هو وحكومته فلا أسف عليهما أقله لأنها حكومة الحريري والسنيورة مجتمعةً وليست حكومة «حزب الله» كما ثبت قطعاً من ممارسات رئيسها. لكن إذا رحلت هذه الحكومة ولم تؤلف حكومة غيرها فإن حظوظهم لن تكون جميلة ولن تحقق لهم ما حقق ميقاتي من إنجازات صبت في مصلحة «قرطة حنيكر». ثم أن هذه الفئة الباغية تسلمت حكومات ووزارات فماذا فعلت لمنع الإغتيالات والقتل، أو على الأقل كشف خيوط الجرائم السابقة؟! ولم يكف إتهام سوريا فوراً ومن دون دليل وحتى قبل رفع الجثث، حتى إنبرى بعض الموتورين من «فرقة حصب الله» إلى التلميح بمسؤولية المقاومة وإقحام سلاحها في الجريمة المروعة، وهذا مؤشر بحد ذاته على الغاية من قتل الحسن، ومن المستفيد فعلياً من ذلك! لقد لبوا نداء إسرائيل بأنه «لا يكفي إتهام الأسد». ولم ينقصنا إلا تشدق مي الشدياق وغمزها من سلاح المقاومة عندما جعجعت أن الجنوبيين كانوا يعيشون عيشةً هانئة تحت الإحتلال الإسرائيلي حتى جاء «حزب الله» وخرب حياتهم. الشدياق هذه ما فتأت تحملنا ذنب محاولة قتلها لكنه ليست بأفضلٍ من أطفال ونساء ورجال «قانا» والجنوب والبقاع وكل لبناني مناضل.
مخطط إغتيال وسام الحسن واضح جداً رغم بهورة «١٤ عبيد زغار»، الهدف منه هو تحويل أنظار الرأي العام الإسرائيلي عن العجز المشين حيال الخرق الإستراتيجي للمقاومة عبر طائرة «أيوب» وبالتالي الإنتقام من لبنان عبر الفتنة الطائفية والهدف الثاني خليجي، من أجل إيصال «ثوار بولتون وفيلتمان» مجدداً إلى الحكم وقطع وعزل المقاومة من أجل القضاء عليها بعد الفوز بالإنتخابات النيابية وترئيس سمير جعجع لكي يتولى هذه المهمة على دماء وسام الحسن. يظن ثوار الفشل الذريع في لبنان أنهم يعيشون الآن نفس الظروف عندما أجبروا عمر كرامي على الإستقالة ثم تسلموا السلطة من بعده. لكن الزمن الأول تحول، فخيطوا بغير «هـ المسلة»!
Leave a Reply