ديربورن، ديربورن هايتس – خاص «صدى الوطن»
كان الثلاثاء الماضي يوماً تاريخياً للجالية العربية، حيث سجلت صناديق الإقتراع في مدينة ديربورن، التي تمثل الثقل الإنتخابي العربي في ميشيغن، إقبالاً غير مسبوق بلغ أكثر من ٥٠ بالمئة في شرق المدينة ذات الأغلبية العربية الساحقة وهو ما انعكس بشكل واضح على نتائج الإنتخابات المحلية على نطاق المدينة، ليعلن عن ولادة جديدة للجالية العربية التي بدأت تتلمس طريقها أيضاً في مدينة ديربورن هايتس رغم الهزيمة التي مُني بها المرشحان لعضوية مجلس «كريستوود» التربوي.
جانب من الإحتفال بفوز سلامة في قاعة «لابيتا» في غرب ديربورن. (عدسة نافع أبوناب) |
وبعد يوم إنتخابي حماسي لم تهدأ خلاله الماكينات الإنتخابية جاءت النتيجة الصاعقة بفوز عريض للمرشح العربي سالم سلامة لمنصب قاض في محكمة ديربورن، فيما احتفظت ماري لاين وآيمي بلاكبورن بعضوية مجلس ديربورن التربوي بعد منافسة شرسة من المرشحة ماري بيتلشكوف المعروفة بمواقفها العدائية من الجالية العربية.
رسائل فوز سلامة
سطر الفوز الإنتخابي لسلامة رسالتين أساسيتين رسختهما صناديق الإقتراع التي صبت لصالحه بفارق حوالي أربعة آلاف صوت عن منافسه القاضي الحالي ريتشارد وايغونيك، مع التأكيد على أهمية الإقتراع الغيابي الذي ركزت عليه حملة سلامة.
الرسالة الأولى أن الجالية العربية دخلت مرحلة الوعي الانتخابي حيث كان الإقبال في اليوم الإنتخابي غير مسبوق وعوض تخلف سلامة بالإقتراع الغيابي بأكثر من ١٢٧٥ صوتاً، مع العلم أن نسبة الإقبال على الإقتراع الغيابي كانت بدورها أيضاً غير مسبوقة حيث صعدت الى ضعف النسبة التقليدية ما يؤشر الى نجاح حملة حث الناخبين على التصويت المبكر.
أما الرسالة الثانية فكانت أن الناخب الأبيض في مدينة ديربورن كان متقبلاً لمرشح عربي حيث بلغت نسبة التصويت لصالح سلامة في غرب المدينة حوالي ٤٨ بالمئة وذلك نتيجة السمعة الطيبة والكفاءة العالية التي يتمتع بها إضافة الى نسج تحالفات انتخابية مؤثرة كان لها تأثيرها على صوت الناخبين البيض الذين يتركزون في غرب المدينة، مثل دعم رئيس البلدية جاك أورايلي ومسؤولين آخرين لحملته.
غير أن الكلمة الفصل في فوز سلامة كانت للصوت العربي الكثيف، حيث كان سلامة متأخراً بـ١٢٧٥ صوتاً غيابياً ومتخلفاً بـأكثر من ٥٠٠ صوت في غرب المدينة ولكن فارق الستة آلاف صوت لصالحه في شرق ديربورن قلب المعادلة رأساً على عقب وأعطاه فوزاً ساحقاً، يبدو أنه سيفتح شهية الترشيح العربي لمناصب مختلفة في الإنتخابات القادمة.
فقد حصل سلامة في أقلام شرق ديربورن ومنطقة ديكس ذات الكثافة اليمنية ٧٨٢٤ صوتاً مقابل ١٩٠٢ لوايغونيك. في حين حصل سلامة على ٧٠٨١ صوتاً في غرب المدينة مقابل ٧٥٩٨ لوايغونيك.
سلامة مع انصاره بعد اعلان الفوز. |
يذكر أن مركز مدرسة لاوري الإنتخابي شهد الكثافة الأعلى للتصويت في شرق المدينة (الأقلام من ١ الى ٢١) يوم الإنتخابات بنسبة بلغت ٥٢ بالمئة في حين سجل مركز سالاينا النسبة الأدنى (٤٢ بالمئة)، في حال إقبال الأقلام ذات الكثافة العالية للمسنين الذين يميلون للتصويت غيابياً مثل قلم «فورد فيلدج» (٢٧ بالمئة).
أما النسبة الأعلى على نطاق ديربورن فسجلت على الضفة الغربية في المدينة (الأقلام ٢٢ الى ٥٠) وبالتحديد في مدرسة ليندبرغ (٦٢ بالمئة) مع العلم أن التقديرات تشير الى وجود حوالي ٤ آلاف ناخب عربي مسجل في غرب المدينة. وقد بلغت نسبة الإقبال في عموم ديربورن بما فيها التصويت الغيابي ٦٥ بالمئة، فيما كانت نسبة الإقتراع المباشر حوالي ٥١ بالمئة.
ويذكر أن هناك ٦١,٣٣٦ ناخباً مسجلاً في المدينة اقترع منهم حوالي ٤٠ ألفاً، حيث حصل سلامة على 18,150 صوتا (56 بالمئة) فيما حصل وايغونيك، وهو قاض في محكمة المدينة منذ العام 2005، على 14,020 صوتا فقط. والجدير بالذكر أن سلامة حصل على ٣,٢٤٥ صوتاً غيابياً مقابل ٤٥٢٠ لوايغونيك.
رسائل فوز بلاكبورن ولاين: الصوت العربي يحسم
أما المعركة الإنتخابية الأكثر ضراوة على مستوى ديربورن فكانت المنافسة على مقعدين في «مجلس ديربورن التربوي» بين ثلاث مرشحات، حيث سعت ماري بيتلشكوف لإزاحة ماري لاين أو آيمي بلاكبورن، العضوين الحاليتين في المجلس، مستفيدةً من دعم تحالف واسع شمل رئيس البلدية وخمسة أعضاء في المجلس البلدي ونقابة المعلمين في ديربورن والفرع المحلي للحزب الديمقراطي، إضافة الى دعم «اللجنة اليمنية الأميركية للعمل السياسي» (وايباك) والمحامي المعروف مايكل بري (٩٣ عاماً).
ولكن التزام الناخبين العرب بالتصويت لصالح اللائحة المدعومة من قبل «اللجنة العربية الأميركية للعمل السياسي» (أيباك) حسم السباق لصالح بلاكبورن ولاين بمواجهة بيتلشكوف التي أثار دعم «وايباك» لها علامات استفهام كبرى لدى الناشطين السياسيين في الجالية خاصة وأنها معروفة بمواقفها العدائية للعرب.
ويذكر أن بيتلشكوف عندما كانت عضواً في المجلس تقدمت بمشروع يقضي بمنع الطلاب من التحدث بالعربية في المدرسة، كما سبق وحرضت مدرباً رياضياً في ثانوية «فوردسون» كان يقوم بنشاطات تبشيرية على مواصلة مقاضاة مدارس ديربورن عامة بعد فصله من عمله.
كما سعت الى إقرار آلية للتحقق من مكان إقامة الطلاب المنتسبين لمدارس ديربورن بعد أن هالها الأعداد المتزايدة لهم.
وفيما كان المتطوعون في ماكينة «وايباك» يبذلون الجهود الحثيثة لتأمين الفوز لبيتلشكوف في أقلام شرق المدينة ولاسيما في منطقة ديكس، قبل أن تستدرك «أيباك» الموقف وتبث نداءات هاتفية مسجلة «روبو كول» تحث على ضرورة التضامن العربي والتصويت لصالح بلاكبورن ولاين الصديقتين للجالية العربية واللتين دافعتا لسنوات طويلة عن حقوق المعلمين والطلاب والأهالي العرب في مدارس ديربورن العامة.
وبالفعل كان ما أرادت «أيباك» حيث تفوقت لاين على بيتلشكوف في شرق المدينة ذات الكثافة العربية بحوالي ٢٦٠٠ صوت، فيما حلقت بلاكبورن في الصدارة وكانت النتيجة النهائية كفيلة بإلحاق الهزيمة ببتليشكوف وجهود «وايباك» «غير المدروسة» وبتوجيه رسالة جانبية لرئيس البلدية أورايلي، خاصة بعد أن حجبت «أيباك» دعمها عن النائب في كونغرس الولاية عن ديربورن جورج ديراني بسبب دعمه لبيتلشكوف.
وتأتي أهمية هذه المعركة لتؤكد قدرة الصوت العربي في المدينة على ترجيح الكفة لما يخدم مصالح الجالية دون إغفال أهمية التحالفات الإنتخابية الفعالة التي كانت النتيجة المخيبة في ديربورن هايتس خير دليل على أهميتها.
بالمحصلة حصدت بلاكبورن 19,124 صوتاً ولاين 16,930 صوتاً، فيما حصلت بتليشكوف على 13,784 صوتاً. مع العلم أن منطقة ديربورن التعليمية تشمل جزءاً من مدينة ديربورن هايتس (خمسة أقلام إقتراع) ذات أغلبية عربية انعكست في النتيجة التي جاءت لصالح بلاكبورن ولاين (حوالي ١٢٥٠ صوتاً لكل منهما مقابل ٩٢١ لبتليشكوف)
خسارة سويدان وزينب فـي ديربورن هايتس: الصوت العربي لا يكفي
رغم الزخم الذي اكتسبته الجالية العربية في ديربورن هايتس في الآونة الأخيرة لاسيما بعد انخراطها في الشأن التربوي في منطقة «كريستوود» التعليمية، جاءت نتيجة صناديق الاقتراع مخيبة للآمال لتؤكد أن الجالية العربية في هذه المدينة تعيش الحالة نفسها التي عاشتها الجالية في ديربورن قبل ١٥ عاماً، حيث لا يزال ثقلها الإنتخابي غير كاف لفرض النتيجة المطلوبة وهو ما يتطلب بناء تحالفات وصداقات مماثلة لتلك التي تحققت في ديربورن، لتتمكن من فرض مصالحها الإنتخابية.
ورغم أن الطلاب العرب يشكلون أغلبية في مدارس «كريستوود»، إلا أن الناخبين العرب المسجلين في هذه المنطقة التعليمية يشكلون أقلية لا تتخطى نسبة ٣٠ بالمئة.
وأمام التوازنات الحالية لم تكف الحماسة الإنتخابية التي ولدتها احتجاجات الأهالي والمؤسسات الحقوقية على إهمال الطلاب العرب أكاديمياً وعدم توظيف المعلمين العرب في مدارس «كريستوود» لتأمين الأصوات الكافية لتحقيق فوز أي من العضو العربي المعين في المجلس حميد سويدان أو المرشحة عن المقعد الثاني زينب حسين، وتقدر نسبة إقبال الناخبين العرب في هذه المنطقة التي تتمتع بمستوى معيشي ودخل مرتفع نسبياً، بحوالي ٥٠ بالمئة.
وقد فازت العضو الحالية ديان ويرد بـ6,328 صوتاً على منافستها حسين التي حصلت على 3,379 صوتاً، فيما فاز جيمس تايلور 6,338 صوتاً على سويدان الذي حصد 2920 صوتاً فقط.
يذكر أن القاضي ديفيد طرفة الذي فاز بالتزكية في الانتخابات الأخيرة، احتل منصب قاض في محكمة مدينة ديروبرن هايتس بعد تمكنه من نسج التحالفات الإنتخابية الناجحة إضافة الى تمتعه بسيرة رصينة وسمعة طيبة.
فوز براين مسلم على مستوى ميشيغن
الإنتخابات حملت أيضاً فوزاً هو الأول من نوعه لمرشح عربي أميركي مسلم على مستوى الولاية حيث فاز براين مسلم بسباق عضوية مجلس أمناء «جامعة ميشيغن ستايت» عن الحزب الديمقراطي بعد أن حصد ١,٧٧٧,٠٠٨ صوتاً على مستوى الولاية بينها أكثر من ٢١ ألفاً في ديربورن و١٢ ألفاً في ديربورن هايتس، مقابل ١,٧٠١,٩٦١ صوتاً لأقرب منافسيه الجمهورية ميلاني فوستر.
Leave a Reply