دمشق – يستمر الاقتتال في سوريا ولكن باستراتيجيات مختلفة في حين يواصل الجيش السوري ملاحقة المسلحين وتطهير الجيوب التي مازات تنشط في ريف دمشق وبعض احياء حلب فيما تعتمد المعارضة المسلحة أسلوب التصعيد العسكري وبالتفجيرات كلما كان هناك مؤتمر أو حدث حتى تشد الانتباه وتعطي زخما تحفيزيا للمجتمعين الذين قضوها «رايح جاي» لا يجتمعون الا لتنفض اجتماعاتهم وهكذا..
الرئيس بشار الأسد كان واضحاً في حوار مع قناة «روسيا اليوم»، «لن يستطيع العالم تحمّل كلفة غزو سوريا» أكد الرئيس السوري الذي قال إن «كلفة الغزو الأجنبي، لو حدث، ستكون أكبر من أن يستطيع العالم بأسره تحمّلها، لأنه إذا كانت هناك مشاكل في سوريا، خصوصاً وأننا المعقل الأخير للعلمانية والإستقرار والتعايش في المنطقة فإن ذلك سيكون له أثر «الدومينو» الذي سيطال العالم من المحيط الأطلسي إلى المحيط الهادي».
ورأى الأسد، في مقابلته، أن تداعيات هذا الغزو ستؤثر ايضاً على باقي أنحاء العالم، مضيفاً «لا أعتقد أن الغرب يمضي في هذا الاتجاه، لكن إذا فعلوا ذلك، لا يمكن لأحد أن يتنبأ بما سيحدث بعده». من جهة ثانية، أكد الرئيس السوري «أنا لست دمية، ولم يصنعني الغرب كي أذهب إلى الغرب أو إلى أي بلد آخر، أنا سوري، أنا من صنع سوريا، وعلىّ أن أعيش وأموت في سوريا».
مواقف الأسد هذه جاءت بالتزامن مع فشل المعارضة السورية المجتمعة في الدوحة في توحيد صفوفها وفي ظل تمسك روسيا بدعمها للنظام السوري وعلى رأسه الأسد وتراجع حدة المواقف الدولية من نظام دمشق الذي بات شيئاً فشيئاً يضع التحالف الدولي الغربي-التركي-الخليجي أمام أمر واقع يقول إن المجموعات المسلحة أعجز من أن تزحزح الدولة السورية التي لازالت متماسكة رغم مرور 19 شهراً على الأزمة.
ضعف المسلحين الميداني ظهر جلياً في المساعي الحثيثة التي تبذل لتوريط المخيمات الفلسطينية في الصراع الدائر في سوريا، فقد أعلنت «الجبهة الشعبية – القيادة العامة» رفضها «محاولات الزج» بفلسطينيي «مخيم اليرموك» في النزاع في سوريا. وقال المسؤول الإعلامي للجبهة أنور رجا إن الاشتباكات التي دارت الأسبوع الماضي في المخيم «لم تتدخل فيها القوات السورية على الإطلاق» ونفى مشاركة فلسطينيين الى جانب النظام السوري في المعارك ضد المعارضة واضاف «أرادت مجموعات مسلحة، التسلل إلى المخيم فتصدت لها لجاننا الشعبية ومنعتها من الدخول وكانت تريد ان يصبح المخيم ممرا ومنصة توجه منه الضربات للقوات السورية». وحملت «الجبهة الشعبية» دولة قطر مسؤولية دماء عشرة من رجالها قتلوا في معارك المخيم الأسبوع الماضي.
ووبموازاة التطورات الداخلية، خرجت مؤشرات سلبية عدة من اجتماعات المعارضة السورية في الدوحة، سواء عبر نجاح جماعة «الاخوان المسلمين» في فرض سيطرتها على الامانة العامة للمجلس الوطني، او عبر غياب تمثيل المرأة والاقليات، وصولاً الى الاصطدام العلني مع مبادرة «سيف-فورد»، والاستقالات الجماعية من المجلس، ما دفع المنظمين الى تمديد الاجتماع 24 ساعة في محاولة لإيجاد مخرج، وذلك بالتزامن مع التصعيد الميداني من جانب مسلحي المعارضة، الذين بعد ايام على هجومهم الواسع على ضواحي دمشق، عبر المئات منهم الحدود التركية لشنّ هجوم كبير على قرية كردية ما اوقع عشرات القتلى في الاشتباكات.
ففي الدوحة، شددت جماعة «الإخوان المسلمين» قبضتها على المجلس الوطني السوري، حيث اوصلت للأمانة العامة، التي تضم ٤١ عضواً، ٢٣ شخصية من بين أعضاء الجماعة أو بعض الشخصيات المقربة منها، أو ذات الاتجاه الإسلامي. كما لم يتم انتخاب أي امرأة في الأمانة العامة، ولم تحصل الأقليات من علويين ومسيحيين ودروز وأكراد على تمثيل متكافئ. وانسحب أكثر من 20 عضواً من المجلس عبر الاستقالة.
وفي المواقف الإقليمية، ذكرت وكالة «الأناضول» التركية إن وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي اعتذر عن حضور اجتماع ثلاثي كان يتوقع أن يعقد في أنقرة غداً السبت مع نظيريه التركي أحمد داود أوغلو والمصري محمد كامل عمرو بشأن الوضع في سوريا.
وعبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن اعتقاده بأن الغرب يراجع نهجه تجاه المعارضة السورية، داعياً الدول العربية إلى اخذ زمام المبادرة في الأزمة السورية. وكرر أن موسكو ترفض أي قرار يعبر فيه مجلس الأمن الدولي عن تأييده لأحد طرفي النزاع السوري، موضحا أن «الذين يدعون روسيا إلى تأييد قرار منتظر، يصرون على ضرورة رحيل الأسد وضرورة أن تواصل المعارضة مقاومتها له».
وأكد لافروف إن كلا من السلطات السورية والمعارضة سيتقاتلون حتى تحقيق نصر نهائي لأحدهما، مشيرا إلى أن روسيا تدعو المعارضة إلى توحيد صفوفها على قاعدة الاستعداد لتنفيذ إعلان جنيف وأضاف لافروف أن «النتائج التي توصل اليها المبعوث الدولي لسوريا الاخضر الابراهيمي تفيد بأن طرفي النزاع في سوريا ينويان الاستمرار في القتال حتى النصر النهائي»، مشيرا إلى أن «الإبراهيمي يستنتج بأنه لن يكون هناك أي انتصار». وتابع لافروف أنه «إذا كانت الأولوية مجازا هي الرئيس الأسد وتنحيه أو إسقاطه، فان أصحاب هذا الموقف يجب أن يدركوا انهم سيدفعون ثمن ذلك، ولكن ليس حياتهم بل حياة السوريين، لأن الأسد لن يتنحى ولن يرحل»، مشيرا إلى أنه «لا يمكن اقناعه باتخاذ مثل هذه الخطوة، وهو يسمع كيف يوصف من قبل زعماء الغرب وبعض الدول العربية والدول المجاورة التي تهدد بكل ما هو ممكن».
وكررت روسيا في أكثر من مناسبة تمسكها بالرئيس الأسد كجزء من الحل للأزمة في سوريا، داعية إلى إجراء حوار وطني سوري تحت مظلة النظام الحالي، في حين تشترط أطياف من المعارضة رحيل الرئيس الأسد كشرط لبدء حوار يفضي إلى إيجاد مخرج للأزمة
Leave a Reply