تاريخ الأكراد: ممالك الهوريين والميتانيين .. وسلطان الاتراك والصفويين
برز الدور الكردي على مسرح الساحة العربية في السنوات الاخيرة بعد سقوط النظام العراقي وتحول الإستقلال الذاتي في منطقة كردستان إلى شبه دولة داخل الدولة العراقية حيث يتمتع البرزاني بكل الصلاحيات المخولة لحاكم فعلي. وقد حرّك هذا الواقع الجديد طموح أكراد تركيا الذين يمثلون أكبر كتلة كردية في المنطقة، وقد تجددت تحركاتهم ثم خفتت بعد سجن زعيمهم عبدالله أوجلان، لكن تحركاتهم عادت وتجددت بعد تزعزع الموقف التركي بفعل الأزمة السورية وثورات «الربيع العربي» ليبرز الطموح الكردي في سوريا.
بإمكان الأكراد الذين يتجاوز تعدادهم أكثر من خمسة وثلاثين مليون نسمة أن يلعبوا دوراً هاماً في التوازنات السياسية التي تتفاعل بالمنطقة، ولكن السؤال هو في أي اتجاه سيكون الدور الكردي، هل في إتجاه خدمة مصالح واستقرار شعوب المنطقة، أم في اتجاه تغليب المصلحة الضيقة مما يعني خدمة المصالح المعادية وتأبيد أزمات المنطقة، بما يضر بمصالح الأكراد انفسهم؟.
يمثّل الأكراد أحد أهم مكونات المشهد الحضاري والإنساني بالمنطقة العربية الاسلامية، وقد كان لهم اسهامات هامة في حضارة المنطقة في مختلف عصورها وكانت أهم تلك الإسهامات في العصور الاسلامية الوسطى حيث ساهمت القبائل الكردية التي اعتنق أغلبها الإسلام السني الشافعي في عهد الخليفة عمر بن الخطاب (رض) في نشر الرسالة الانسانية الجديدة وحملوها إلى كل الآفاق وكان كثير منهم مقاتلون أشداء حموا ثغور الديار الإسلامية وصدوا الكثير من الحملات الصليبية،.
كما كان كثير من رجالات الأكراد من أهم القيادات والشخصيات التي طبعت أدوارها التاريخ العربي الإسلامي بطابع لن يُمحى مثل القائد العسكري وسلطان مصر والشام ومحرر بيت المقدس صلاح الدين الأيوبي وشيخ الإسلام ابن تيمية والمؤرخ ابن الأثير صاحب «الكامل في التاريخ» وعالم الأنساب وصاحب «الفهرست» ابن النديم وغيرهم كثير.
يعتبر الأكراد شعب عريق ضارب بجذوره في تاريخ المنطقة، وتمتد خارطة التَوَزع البشري الكردي من الجنوب الإيراني في بلورستان الى عمق الأراضي التركية من اورمية في الشرق الى سيواس في الغرب ثم يستمر الإمتداد الكردي الى شمال العراق وشمال شرق سوريا وهذا التوزع يَعُدُهُ الأكراد حدوداً لأراضيهم. كما يقطن الأكراد بشكل غير كثيف موزعين بين أرمينيا وأذربيجان وباكستان وبلوشستان وأفغانستان.
وتتميز أغلب الأراضي الكردية بطبيعتها الجبلية الوعرة حيث يتجاوز علو بعضها الخمسة آلاف متر كما تتوفر على مناطق خصبة وممطرة وعلى مدخرات مائية هائلة. والى جانب الموارد الطبيعية والبترول خاصة في شمال العراق، يمثل الماء احد أهم العناصر التي تجعل من المنطقة ذات أهمية استراتيجية قصوى مستقبلاً.
تحكم العشائرية والقبلية العلاقات السياسية والإجتماعية والإقتصادية بين الأكراد ويعتبر شيخ القبيلة هو رأس جماعته بيده تجتمع كل الخيوط ومنه تصدر التوجيهات والأوامر الى بقية افراد القبيلة. والشعب الكردي عبارة عن مزيج من مجموعات بشرية قدمت من مناطق القوقاز الى ما يعرف الآن بالمناطق الكردية قبل اكثر من ألفين وخمسمائة عام قبل الميلاد، وأهم هذه المجموعات البشرية هم الهوريون والميتانيون الذين استطاعوا ان يؤسسوا بعض الممالك القوية التي زاحمت البابليين قبل أن يقضي عليها جيرانهم الأشوريون. وقد تتالت الهجرات على المنطقة الكردية فقدمت في القرن العاشر قبل الميلاد موجات أخرى من مجموعات بشرية من أصول هندوأروبية من القبائل الميدية والكردوخية وامتزجت مع سكان المنطقة القدامي لتُكوّن الشعوب الكردية.
لم تستطع القبائل الكردية أن تبني دولا أو ممالك قوية في تاريخها القديم تضاهي دول جيرانها البابليين والأشوريين ما عدا فترة الهوريين والمتانيين التي انهارت ممالكهم تحت ضربات الاشوريين. لم تكن القبائل الكردية أحسن حظا في تاريخها الوسيط اذا وقعت بين فكي كماشة الدولة الفارسية الصفوية من الشرق والدولة التركية العثمانية من الشمال، وهما قوتان عظمتان في تلك الفترة وقد عاش الكرد منقسمين بين الدولتين المتناحرتين حيث ظلت الحروب تتعاقب بينهما الى حدود «معركة جالديران» في العام 1514 التي ايقن بعدها الطرفان بعدم قدرتهما على حسم الحرب لصالح احدهما فقررا بعدها ابرام «اتفاقية أماسيا» في العام 1555 والتي بمقتضاها تم اقتسام البلاد الكردية وتم القضاء على بعض الامارات الكردية التي كانت تتمتع بالاستقلال منذ الاتفاق الذي ابرم في 1915 بين السلطان العثماني وشيوخ القبائل والذي تشارك بمقتضاه في الحملات العسكرية العثمانية وفي حماية حدود دولتها مع الدعاء للسلطان العثماني في خطب الجمعة وقد تواصلت الاتفاقيات بين الفرس والاتراك عبر السنين وكان آخرها في اسطنبول في العام 1913 وقد كرست كل هذه الاتفاقيات والمعاهدات تقسيم المناطق الكردية وبقيت المشكلة الكردية تراوح مكانها الى حدود قدوم جحافل الاستعمار الاوروبي الى المنطقة العربية الاسلامية.
الإستعمار الأوروبي يعيد تركيب المنطقة: دول «سايكس بيكو» وتأزم القضية الكردية
ورثت الدول العربية والإسلامية الحالية المشكلة الكردية التي ازدادت صعوبة عبر السنين حيث تغيرت مواقع بعض القبائل الكردية عبر التهجير أو الهجرات الى مناطق جديدة نتيجة الإقطاعات التي كانت بعض القبائل تحصل عليها مقابل خدمتها في العسكرية ضمن الجيش العثماني. وقد قامت القوى الاستعمارية اثر سقوط الدولة العثمانية بتقسيم ميراثها في العام 1916 ضمن اتفاقيات «سايكس بيكو» بين فرنسا وبريطانيا وروسيا في حين استقلت تركيا على يد كمال اتاتورك الذي ألغى النظام الملكي في العام 1924 وأعلن قيام النظام الجمهوري. ظلت الدول العربية كمحميات ضمن سلطان الدول المستعمرة الى أن وقع اعلان استقلالها تباعا، كل دولة ضمن الحدود الجغرافية التي حددها الاستعمار، وكان ضمن تلك الحدود والجغرافيا أقليات إثنية أهمها المكون الكردي الذي يمتد، كما أسلفنا الذكر، في ايران وتركيا والعراق وسوريا وبعض دول آسيا الوسطى.
لا يمكن للأكراد أن يلوموا الدول العربية التي تتقاسم الاراضي الكردية بسبب انها لم تكن تملك من قرار ترسيم تلك الحدود الدولية شيء كما أنها لا تملك حق تغييرها الا عبر قرارات دولية جديدة. فالعرب والأكراد شقيقان لعب الاستعمار بجغرافيا بلادهم ليخلق ازمة الاقليات التي تعاني منها المنطقة والتي تعتبر الى جانب الطائفية أحد حجري الرحى التي تُطحن بها المنطقة كلما أراد «مفتتوها» ذلك. أصبحت التجزئة واقعاً عربياً كردياً اسلاميا قُننّ بمقتضى اتفاقية «سايكس بيكو».
وبعد اكتشاف ثروات النفط بالمنطقة العربية الغنية كذلك بالمعادن والغاز عملت القوى الإستعمارية بمساعدة كثير من «زعماء» المنطقة المرتبطين بها على استمرار وضع التجزئة لاستعمالها كسياسة لضرب الأعراق بعضها ببعض عبر ايقاظ الاطماع والنزعات الإنفصالية لدى الاقليات دون مراعاة مسألة التوازنات داخل المجتمعات مما تسبب في كثير من الاحيان في هزات عنيفة خلفت حروباً ومزيداً من التشرذم بالمنطقة. ويواصل الاستعمار توظيف مشكلة الاقليات كبؤر لتأبيد التجزئة والتقسيم مثلما يحصل في المنطقة العربية اليوم، فمسالة الاقليات ليست مشكلة عربية أو اسلامية فقط بل أن كثير من الدول بما فيها دول الاستعمار تعاني هي الأخرى منها في بلدانها لكنها كانت تعالجها وتحلها بأشكال سياسية سلمية، لكن في المقابل كانت تستعمل نفس المشكلة كوقود لاشعال التطاحن والصراعات داخل مستعمراتها وأشباه مستعمراتها عبر ممارسة سياسة «فرّق تسد» التي تعتبر عملتها الرابحة بالمنطقة.
«وقعت الفأس في الرأس» بعد ابرام اتفاقيات «سايكس بيكو» سيئة الذكر ثم وقع تنفيذها وفق اجندات واستراتيجيات استعمارية للهيمنة على المنطقة واستمرار «شفط» خيراتها عبر اللعب على مشاكلها وأزماتها ومن أهمها القضية الكردية التي «زرعت» ضمن عمليات التقسيم التي أُسست وفقها الدول العربية لتكون عصا الاستعمار التي يتكأ عليها «وله فيها مآرب أخرى».
آفاق المشكلة الكردية: عوائق الوحدة والإنتماء
يرى البعض أنه قد أتيح للأكراد فرص كثيرة لإقامة دولتهم لكنهم فشلوا في ذلك ولم يعبروا عن وعي قومي كفيل بأن يجبر القوى الاستعمارية على التسليم بحقهم في دولة قومية، ويذهب آخرون الى أنّ مردُ هذا الفشل يعود لعوامل تاريخية واقليمية وسياسية وذاتية منعت قيام دولة الأكراد الكبرى:
– التراخي الكردي وعدم اقتناص الفرصة التي اتاحتها «عصبة الأمم» (الأمم المتحدة) لما أعطوا حق ممارسة الاستقلال الذاتي بمناطقهم والبرهنة على قدرتهم على تسيير شؤونهم. وجاء ذلك بعد المشروع المشترك الذي قدموه مع الأرمن للأمم المتحدة من أجل استقلالهم في العام 1920، ويقضي المشروع قيام دولة مستقلة لكل منهما برعاية الولايات المتحدة وقد تناولت «معاهدة سيفر» ذلك في موادها التفصيلية لكن الأكراد لم يتابعوا قضيتهم كما فعل الأرمن.
– الدور التركي السلبي والذي عمل على ضرب الزعامات الكردية بعضها ببعض عبر اغراءات المصالح والإقطاعات. كما أجهز كمال أتاتورك على أملهم لمّا أُعْطِيَ الأكراد فرصة الإستقلال فزحف عليهم وضمّ مناطقهم ، ثم ركّز على مبدأ القومية التركية الطورانية ولم يترك أمام بقية الأقليات إلاّ حل واحد وهو الذوبان في العنصر التركي المُمسك بكل مفاصل الدولة وبكل قوة.
– ضعف تجربة دولة مهاباد الكردية التي قامت في اقصى شمال غرب ايران في العام 1946 في منطقة محدودة ومكشوفة وكان من الممكن ان تكون في مناطق تركية لكثافة عدد الأكراد هناك وشساعة أراضيهم وقد دامت «دولة مهاباد» سنة قبل أن يقضي عليها شاه إيران.
– عدم وجود استراتيجية كردية توحد الأهداف وتضع الأولويات واستمرار الإنقسامات بين الزعامات حول أهداف متناقضة. ففي حين يسعى عبد الباسط سيدا في سوريا والطالباني والبرزاني في العراق لأن يكونوا جزءا من الدول التي يقطنونها عبر تقاسم السلطة مع بقية الإثنيات الأخرى يرفض عبدالله اوجلان ذلك ويطالب بإستقلال كردستان تركيا، فيما يدعو آخرون الى المشاركة ضمن أحزاب غير كردية لدخول البرلمانات التركية وقد انتسب فعلا الكثير من المثقفين الى الأحزاب التركية تحت سقف العيش المشترك ضمن اطار دولة ديمقراطية، مثل علي أصلان الكردي الذي كان عضواً في حزب العمل التركي ثم اصبح رئيسا له في العام 1969، وكانت غاياته أن يعمل على تكافؤ الفرص بين كل مواطني الدولة التركية ونيل الجميع حقوقهم بغض الطرف عن أعراقهم ضمن اطار دولة تركية ديمقراطية وهذا الإنقسام يعطي انطباع سيء عن مدى توحّد الأكراد حول قضيتهم.
– صعوبة جغرافيا المناطق الكردية وتعرجاتها وعدم وضوح الحدود وتداخل التوزع السكاني مع الإثنيات الأخرى. فالحروب والهجرات الطوعية للعمل والتهجير القسري والتزاوج جعلت أغلب شعوب المنطقة مختلطة، كما انخرط كثير من الأكراد في الجيوش العثمانية واستقروا في مناطق بعيدة عن كردستان مما يصعب تحديد اطار جغرافي واضح ومتفق عليها لقيام الدولة الكردية. كما ساهمت بعض القيادات العسكرية الكردية التاريخية مثل أسد الدين شيركو وصلاح الدين الأيوبي في جلب كثير من الأكراد الى الشام ومصر وفلسطين وكذلك خلال فترات المماليك والأيوبيين مما جعل مسألة الأعراق تخبو إلاّ في المناطق المنعزلة والجبلية الكردية التي مازالت تحافظ على «نقاء» العنصر الإثني أو المناطق ذات الكثافة الكردية مثل تركيا حيث يمثل الأكراد نِسَب عالية من السكان.
– الصراعات الكردية-الكردية التي زادت في اضعاف الموقف الكردي دوليا مثل القتال الدموي الذي نشب في 1994 بين «الحزب الديمقراطي» بزعامة مسعود برزاني و«الاتحاد الوطني» بزعامة جلال طالباني والذي تواصل الى ما يقارب الأربعة اعوام وخلف دماراً وقتلى وقد سارعت قوى دولية ومتنفذة الى تطويق النزاع ولكن مشاهد القتال كانت تعطي دائما صورة غير جيدة عن الاطراف التي تقود العملية السياسية وتمثل الأكراد.
تناول كثير من رجال السياسية والمهتمين بشأن الأقليات في المنطقة العربية بالبحث كل ما تقدم من مشكلة الاقليات الكردية بالمنطقة العربية الاسلامية في محاولة لاستشراف أفق حل يجنب المنطقة تبعات ردات فعل عكسية تنتج عن أي استقلال أو إعادة فكفكة ثم تركيب في المنطقة، ويؤكد هذه الامكانية ما صرح به الرئيس العراقي جلال الطالباني حول المشكلة الكردية حين قال: «إن استقلال أكراد العراق عن الدولة العراقية أمر غير مطروح وفكرة غير عملية لأنّ كردستان العراق يقع بين دول تقطنها أقليات كردية لم تجد القضية الكردية فيها حل بعد، وإذا ماتم استقلال كردستان العراق وردت تلك الدول الفعل بغلق حدودها سينهار الكيان المستقل بسهولة»، ويريد الطالباني هنا ان يشير الى أن المشكلة الكردية لا يمكن حلها إلاّ ضمن اتفاقات وتوافقات اقليمية ودولية.
يذهب البعض الى انه لا مناص من عملية اعادة تقسيم المنطقة وقيام الدول على اساس عرقي واثني طبقا لمبدأ ويلسون في حق الشعوب في تقرير مصيرها، في حين يذهب البعض الآخر الى أن توزّع الأكراد في دُول عديدة ومساحات شاسعة في إيران وتركيا وسوريا والعراق أذربيجان وأرمينيا وجورجيا يجعل المشكلة معقدة وتتطلب توافقات واعادة تفكيك المنطقة وتركيبها من جديد وهو ما يعني فقدان دولة مثل العراق الى جانب الأراضي لثروات بترولية هائلة، كما تعني فقدان دول اخرى مثل تركيا لمساحات شاسعة من أراضيها وثرواتها، كما يعتبر هذا الرأي أنّ مسألة الاقليات مشكلة لغم يمكن أن يثير انفجاره تداعيات لا يمكن السيطرة عليها وهي معضلة اذا وقع تحريكها بهدف بذر الفتنة يمكن أن تزلزل المنطقة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً كما أنها قد تشعل فتيل حروب لا تنتهي لذلك يرجح هذا الفريق بناء دول مدنية وديمقراطية بالمنطقة العربية الاسلامية لأنها الكفيلة بالقضاء على مشكلة التمييز الطائفي والعرقي وحل مشكلة الاقليات ويستشهدون على ذلك بالنظم الأوروبية التي استطاعت أن تُذوّب العناصر العرقية داخل الدول الديمقراطية متجاوزة بذلك مشكلة الأقليات التي تعج بها أوروبا.
إن مشكلة الاقليات ليست مشكلة دول وهوية فقط بل إنها في المنطقة العربية مشكلة جيوستراتيجية، مشكلة المطامع في اراضي هي شريان للمستقبل، بلدان تجري من فوقها الانهار العذبة ومن تحتها الغاز والنفط وتقع في قلب الشرق العربي والاسلامي وعلى مفترق طرق العالم وكل هذه العناصر ذات الأهمية القصوى تجعل من المنطقة محط الصراعات الإقليمية والدولية التي توضع من أجلها الخرائط على الطاولات من جديد لفكفكة المُوَحَد أو تقسيم المُقَسَم أو الضم، كل حسب حاجته والذي كنا نخال أنه مات وحُنّط في التوابيت يُبعثمن جديد إن اقتضت الضرورة، والحي الذي ينبض حياة، بقدرة قادر، يُغيّب في غياهب النسيان كأن لم يكن.
إنه صراع حول الشرق ..حول المستقبل ..حول عصب الحياة، البترول والغاز والمياه.
Leave a Reply