إيست لانسنغ – خاص «صدى الوطن»
أظهرت الانتخابات الأخيرة الكثير من العلامات المضيئة للجالية العربية في ديربورن، ابتداء من نسبة الإقبال المشرفة وصولاً الى تحقيق النتائج الإيجابية التي كان من أبرزها انتخاب قاض عربي لمحكمة ديربورن واحتفاظ حلفاء الجالية بمقاعدهم في مجلس ديربورن التربوي.. لكن الإنجازات لم تقتصر على مدينة ديربورن فقد أفضت الإنتخابات أيضاً الى فوز أول عربي أميركي مسلم بسباق انتخابي على مستوى الولاية قاطبة، بعد أن نجح براين مُسلَّم، المرشح عن الحزب الديمقراطي، بالفوز بسباق عضوية هيئة أمناء «جامعة ميشيغن ستايت».
وحاز مُسلَّم على حوالى المليون وتسعمائة ألف صوت من ناخبي الولاية في سابقة هي الأولى من نوعها لمرشح عربي مسلم في تاريخ ميشيغن.
ومُسلَّم ترعرع في وسط الجالية في شرق ديربورن حيث أنهى تعليمه الثانوي في مدرسة «فوردسون» بسيرة طلابية مميزة على المستوى التعليمي وعبر نشاطاته العديدة والمتنوعة.
مسلم مع جو بايدن |
ففي ثانويته كان مُسلَّم رئيساً لصفه وقائداً لفريق كرة القدم الأميركية (الفوتبول) وكذلك كان عدّاء في السباقات المدرسية، وإضافة الى تفوقه الرياضي عرف مُسلَّم كيف يخطط لنجاحاته حيث تمكن في العام 1992 من الحصول على منحة جامعية للعب في فريق «جامعة ميشيغن ستايت» للعبة «الفوتبول» وهي خطوة كانت بمثابة النقلة النوعية له التي شقت طريقه للنجاح. ومسلّم كان طالباً في الجامعة ومساهماً فيها كمساعد قائد لفريق كرة القدم، ثم تخرج منها في العام 1996 بشهادة مهندس في العلوم التجارية بدرجة شرف.
ويعترف مُسلَّم أن دراسته في «جامعة ميشيغن ستايت» أدخلته إلى عالم وحياة مختلفة وغيرت نمط الحياة التي كان يعيشها في ديربورن حيث عرف مُسلَّم أصدقاء جدداً وكون لنفسه شبكة من العلاقات الجامعية والإجتماعية ساعدته في بناء وتطوير مستقبله فيما كان يحقق الإنجازات الرياضية مع فريق «سبارتنز» الجامعي.
ويقول مُسلَّم إن دخول «جامعة ميشيغن ستايت» «كان مناسباً جداً بالنسبة لي حيث ساعدني على الإندماج في محيط متنوع ومكنني من الإلتقاء بطلاب من مختلف الخلفيات والإثنيات والأعراق».
عمل مُسلَّم بعد تخرجه كمسؤول في القطاع المالي لمجموعة «أكسا أدفيزار» حيث أصبح واحداً من أهم موظفي الشركة في البلاد حيث يشرف الآن على إدارة أكثر من ١٥ مدينة مختلفة، وقد تحصل مُسلَّم على جائزة «أكسا أدفيزار» كأفضل وكيل للعام.
ويؤكد مُسلَّم أيضاً أنّ ميدان عمله ليس سهلاً حيث تقارب فيه نسبة الفشل التسعين في المئة، ولكن ذلك لم يمنعه من الإصرار على تحقيق النجاح.
ويضيف «من الصعب الحصول على زبائن وقد فشل الكثيرون في هذا المجال، لكني إستفدت بدون أدنى شك من شبكة العلاقات التي كونتها خلال إنتسابي إلى فريق الجامعة الذي ساهم بشكل كبير في تحقيق نجاحاتي المهنية بعد أن فتح لي كل الأبواب ووضعني على المسار الصحيح».
وفي سعي منه لرد الجميل إلى الجالية العربية التي تواصل دعمه ينشط مُسلَّم حالياً في «مؤسسة مدارس ديربورن» التي يرأسها حالياً. وقد إستطاعت المؤسسة التي انطلقت عام 1992 أن تدعم مدارس ديربورن العامة بمنح تعليمية بقيمة مليون وخمسمائة ألف دولار لمساعدة المدارس على إنتداب المدرسين. كما تقوم «مؤسسة مدارس ديربورن» لجمع التبرعات لشراء التجهيزات التي تحتاجها مدارس ديربورن عبر القيام بنشاطين إثنين في السنة هما نزهة تقام فيها مباريات الغولف إضافة الى حفل فني. وقد قدمت «مؤسسة مدارس ديربورن» معدات مدرسية مثل الألواح وتجهيزات فنية وحواسيب وكتب وغيرها من التجهيزات.
ونتيجة الإنتخابات الأخيرة، سيكون مُسلَّم أحد الأعضاء الثمانية في مجلس الأمناء في «جامعة ميشيغن ستايت» التي تقع في مدينة إيست لانسنغ. وتشرف هيئة الأمناء على ميزانيات الجامعة وما تتطلبه من معاملات مالية ومناقشة المشاريع ورسم السياسات وهو ما يعني أنه سيشارك في تسيير مؤسسة يقدر رأسمالها بحوالي ملياري دولار، وفي هذا الصدد يقول مُسلَّم أنه محظوظ في تولي هذا المنصب لكونه «قريب جداً مما يحب ويفضل»،
«أنا أحب العمل في مجال التعليم والشباب وهذه الخطة هي كل ما كنت أصبو إليه من خلال تقدمي للإنتخابات حيث يمس هذا المنصب كل القطاعات المهمة بالنسبة لي، وأريد أن أشكر هنا المليون وتسعمائة ألف ناخب من ميشيغن الذين صوتوا لي، إني اعتبر نفسي الشخص الأكثر حظاً في العالم».
وقد عبر مُسلَّم عن شكره العميق لمساندة الجالية العربية له وعن أمله في أن يفتح فوزه وفوز المحامي سالم سلامة في ديربورن طريقاً جديداً للعرب الأميركيين للتقدم الى مناصب عامة آخرى والتطلع إلى مستقبل جديد واعد.
ويقول مُسلَّم «لقد ضربت الأجيال الصاعدة المثل لما حثوا أولياءهم على التصويت متجاوزين عقلية التفرقة وهو أمر مشجع ومصدر فخر لنا جميعاً»، وأضاف «عندما يتعلق الأمر بالشأن العام فلا بد للعرب أن يتركوا جانباً إختلافاتهم الشرق أوسطية، فلا يهم أن تكون لبنانياً أو أردنياً أو عراقياً، وليس المهم أن تكون مسلما أو مسيحيا أو يهوديا، فهذه الأشياء لا تهم في هذا البلد، نحن كجالية لا بد أن نظل مهتمين بالشأن السياسي والإستثمار في هذا المجال، لقد فزنا بإنتخابات على مستوى الولاية وهو ما يعطينا أملاً أكبر بمستقبل أفضل لجاليتنا».
ويأمل مُسلَّم في أن يستطيع أن يشجع مزيد من العرب الأميركيين على تغيير تفكيرهم و«الخروج من الدائرة الضيقة التي حصروا أنفسهم فيها». ويدعو مُسلَّم الأجيال الشابة إلى عدم التردد وإنتهاز فرص الدراسة في الجامعات حتى البعيدة منها، مذكراً أن كل شاب يريد أن يتعرف إلى العالم الحقيقي ما عليه إلا الخروج ليعرف ماذا هناك».
«العالم لا يشبه ديربورن وعلى أبنائنا، إذا أرادوا المنافسة أن يتعلموا ويتعرفوا على ما هو أبعد من ديربورن، جذورنا وثقافتنا وأسسنا ستكون دائماً في بيوتنا، ويجب أن لا يمثل إبتعاد أحد أولادنا عنا مشكلة لأنهم سيحتفظون دائماً بالعقيدة التي إنغرست فيهم عبر السنين، وليس هناك من مشكلة أين أذهب.. المهم أني سأكون دائماً إبن ديربورن».
Leave a Reply