عمان – باغت الشارع الأردني الجميع إذ لم تنجح خطة النظام هذه المرة، ولم يستطع الملك عبدالله الثاني «إرضاء» الاردنيين بانتخابات تشريعية يقول معارضون إن نتائجها ستكون معروفة مسبقاً في حين يبدو أن «الإخوان المسلمين» بانتظار «انتفاضة» أو «حوار».. للالتحاق بأحدهما. وبالرغم من أن الملك قد جمّد في وقت سابق قرار رفع الأسعار تفادياً لغضب الشارع، إلا أن «صندوق النقد الدولي» كان الآمر الناهي هذه المرة.. فكان انفجار الغضب في شوارع عمّان وباقي المحافظات.
رجال الأمن الأردني يفضون التجمعات في شوارع عمان. (رويترز) |
وبدا أن الشعب الأردني قد حسم خياره بعدم تمرير قرار رفع الدعم عن أسعار الوقود وهي الوصفة الاقتصادية التي غالباً ما يفرضها صندوق النقد الدولي على الحكومات كشرط للاستدانة فخرج الآلاف في تظاهرات غاضبة، أعادت إلى الأذهان انتفاضات شعبية مماثلة شهدها الأردن منذ نهاية الثمانينيات.
ويشهد الأردن منذمطلع الأسبوع الماضي احتجاجات واسعة تصاعدت في العاصمة والمحافظات لتواجه بالغاز المسيل للدموع والهراوات، والرصاص الحي في بعض المناطق. وفي عمان تحديداً لم يتنازل المحتجون عن هتافهم بالرغم من محاولات تفريقهم المتكررة، وعلت أصواتهم بـ«يسقط يسقط عبد الله»، في إشارة الى الملك الأردني.
ومن المعروف أن النظام الاقتصادي الأردني يتصف بالتبعية للمنظمات الاقتصادية والنقدية الدولية، ولديون الدول المؤثرة وشروطها التي لا تنتهي، وبالرغم من محاولاته الدؤوبة منذ فترة طويلة لتحضير الشعب لقرار رفع الدعم، عن طريق «التجييش الإعلامي» الهادف إلى امتصاص غضب الناس، إلا أنه تفاجأ فيهم في الشارع، لا يطالبون بتجميد القرار فقط، بل بإسقاط النظام.
ويبدو أن هذا التصعيد أثار مخاوف السفارة الأميركية في عمان التي حذرت رعاياها من التواجد في مناطق التظاهرات. وكانت الحكومة الأردنية قررت رفع أسعار المشتقات النفطية بنسب متفاوتة تراوحت بين عشرة و53 بالمئة في بلد يعتمد اقتصاده على المساعدات الخارجية بشكل كبير.
وتواصلت الاحتجاجات الشعبية على مدى أيام الأسبوع، حيث تم إغلاق منطقة وسط العاصمة عمان والطرق الرئيسية في عديد من المدن والمحافظات الأردنية، ووصلت التظاهرات إلى حد الصدام مع قوات الشرطة والأمن، واستخدام الغازات المسيلة للدموع لتفريق المحتجين، فما كان من السفارة الأميركية سوى أن دعت رعاياها إلى تجنب مناطق التظاهرات. وقالت السفارة في بيان إنها «تراقب الوضع بحذر في عمان وفي جميع أنحاء البلاد» في حين سجل مقتل أحد المتظاهرين يوم الخميس الماضي.
ويشهد الاردن منذ ليل الثلاثاء الماضي احتجاجات واعمال شغب شملت اعتداءات على مبان ومؤسسات حكومية ومراكز أمنية وأوقعت إصابات بعد قرار الحكومة زيادة أسعار المحروقات في بلد قارب عجز موازنته خمسة مليارات دولار.
من جهتها، طلبت الحكومة الأردنية من قيادة الحركة الإسلامية (الإخوان المسلمون) تهدئة الشارع، في الوقت الذي حذر فيه رئيس الوزراء الأسبق أحمد عبيدات من إعلان حالة الطوارئ لقمع ما وصفها «الانتفاضة الشعبية».
وقال بيان صادر عن «الإخوان» إن وفدا من قياداتها التقى الأربعاء الماضي نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية عوض خليفات بدعوة من الأخير في مبنى وزارة الداخلية، وأن الوزير طالب الوفد بالإسهام في تهدئة الأوضاع والحيلولة دون إلحاق الضرر بالمنشآت العامة والخاصة.
وحسب البيان فإن الوفد طالب الحكومة بالتراجع عن قرار رفع أسعار المحروقات. وحثت قيادات الإسلاميين -بحسب بيانهم- الحكومة على التعامل بمسؤولية مع المواطنين المحتجين والإفراج عن المعتقلين على خلفية الاحتجاجات ومحاسبة كل من يعتدي على حق المواطنين في التعبير. ويذكر أن «الإخوان» رفعوا سقف احتجاجاتهم خلال الشهر الماضي مطالبين بتعديل قانون الإنتخابات التشريعية، ولم تلق مطالبههم آذاناً صاغية الى الآن.
ومن المعروف أن النظام الاقتصادي الأردني يتصف بالتبعية للمنظمات الاقتصادية والنقدية الدولية، ولديون الدول المؤثرة وشروطها التي لا تنتهي، وبالرغم من محاولاته الدؤوبة منذ فترة طويلة لتحضير الشعب لقرار رفع الدعم، عن طريق «التجييش الإعلامي» الهادف إلى امتصاص غضب الناس، إلا أنه تفاجأ فيهم في الشارع، لا يطالبون بتجميد القرار فقط، بل بإسقاط النظام.
ولطالما استخف النظام الملكي الأردني بشباب أمضوا السنة الماضية في تظاهرات بانتظار الشرارة الأوسع لتحركهم، وهم على علم بأن القرار الأخير لا يمثل سوى النظام الاقتصادي الفاسد. ومن سخرية الأمور أن رئيس الحكومة عبدالله النسور لم يجد حجة سوى أن يتهم «الحراك الشعبي الأردني» و«الربيع العربي» بالوقوف وراء ارتفاع الأسعار.
Leave a Reply