لم يكن موفقاً أبداً العرض المسرحي الفكاهي الذي قدمه الرباعي اللبناني عادل كرم، عباس شاهين، رولا شامي ونعيم حلاوي على مسرح ثانوية فوردسون في ديربورن مساء الأربعاء الماضي. فمع أن الحضور كان حاشداً، وهذا أمر ربما أساء فهمه نجوم الكوميديا الذين أحبهم الناس من خلال لوحات فكاهية شاهدوها على مدار سنين مضت عبر شاشات الفضائيات اللبنانية من «أبو رياض» إلى «لا يمل» وصولاً الى «ما في متلو» حيث تألقوا في إنتاج وعرض اسكتشات كوميدية على الشاشة الفضية جمعت افراد العائلة والأصدقاء للاستمتاع بمشاهدتها.
بهذه الروح والخلفية توافد المهاجرون اللبنانيون في هذه المنطقة لمشاهدة نجوم من وطنهم الأم أحبوهم وأحبوا أعمالهم، لم يثنِهم عن ذلك توقيت العرض (منتصف الأسبوع) الذي لا يلائم طبيعة الحياة اليومية في ميشيغن، لاسيما هؤلاء الذين اصطحبوا أطفالهم كي يأخذوا جرعة من الفكاهة اللبنانية علها تساهم في شد الروابط الى جذورهم. لم يتردد هؤلاء في دفع أثمان التذاكر التي تبين لاحقاًً بان أداء «النجوم» لا يستحقها.
بل أكثر من ذلك، كان صبر الجمهور الذي حضر «على الوقت» (٨:٣٠ مساء) وانتظر «دون ملل» حوالي ساعة تأخر فيها العرض دون أن يكلف احد من «النجوم الكبار» نفسه عناء الاعتذار عن التأخير ولا تبريره. ولكن الطامة الكبرى هو الأداء المتدني والسوقي الذي صدم الجمهور من بداية العرض وحتى نهايته، ألفاظ وعبارات من «تحت الزنار»، استهتار بالمشاهد وبعقله، وبماله أيضاً. اسكتشان وكلمتان في الدعارة والجنس على خشبة مسرح في مؤسسة تربوية، ثم استراحة بعدها عرض «اسكتشين» آخرين لبضعة دقائق وانقضى الأمر. انتهى العرض! بدأ الناس بالخروج، وقف عادل كرم على المسرح مع رفاقه للإنحناء أمام الجمهور الذي كان قد «أنّبه» لأنه يحب أخذ الصور مع نجوم من أشكاله و«ببوزات» مختلفة، متسائلاً: ماذا تريدون بعد؟ (وهنا انحنى ودار مؤخرته إلى الناس وانصرف).
ولا نقول إننا نرفض النكات ذات المدلولات الإباحية التي تلامس موضوع العلاقات الجنسية ولكن عليها المضي ضمن المعقول وإضحاك المتلقي في آن معاً. ولكن أن يتحول اسكتش كوميدي إلى عرض إباحي من فيلم «بورنو»، لم يدفع الحضور ثمن تذاكرهم لمشاهدته.
يستثنى من العرض الهزيل والهابط بالمضمون والأداء، «اسكتش يتيم» فكاهي تهكمي على بعض الفضائيات العربية (الجزيرة، فلسطين، السورية وتلفزيون لبنان الرسمي)، يستحق التنويه، تألق خلاله عباس شاهين في تقديمه لأخبار الفضائية الفلسطينية الذي نال إعجاب الجمهور وتصفيقه عدة مرات. وهذه دلالة على ان نجاح الكوميديا ليس مبنياً حصراً على نكات الإباحة الجنسية و«السكس». بل إن أشهر نجوم الكوميديا في العالم هم الذين ابتعدوا عن استخدام الالفاظ والمدلولات الجنسية النافرة كوسيلة للنكات.
وفي هذا الإطار، لا بد من الإشارة إلى الوجوه المتجهمة عند مغادرة المسرح التي كانت ملامح الإحباط بادية عليها من أداء نجوم كان يؤمل منهم أن يقدموا الأفضل، وهم يعرفون أن باستطاعتهم فعل ذلك.
وعلى هؤلاء وفريق عملهم أن يتذكروا أن هذه الجالية معطاء تحب وطنها الأم، تتمسك بتراثها، وترحب بالوافدين منه نجوماً كانوا أم ضيوفاً عاديين، لكنها حتماً ترفض الابتزاز والإستهانة بها و«الضحك عليها». وذاكرتها واسعة وراصدة.
ثمة أمر آخر في غاية من الأهمية لا بد من التطرق اليه بكلمة، ولو على عجالة، وهو ان النجم يجب أن يحافظ على نجوميته وبريقها وأن يكون مثالاً صالحاً يقتدى به في المجتمع، لا يحق له أن ينحدر إلى الدرك الأسفل من الأخلاق والشذوذ والارتكابات، فبذلك يسقط في الهاوية وتأفل نجوميته.
مراقب
Leave a Reply