القاهرة – حسمت المعارضة الوطنية المصرية خيارها في القتال حتى النهاية في المعركة ضد «أخونة» الدولة، إذ اتخذت قراراً جريئاً وخطيراً في آن معاً، بالذهاب إلى الصناديق يوم السبت المقبل، والتصويت بـ«لا» على دستور «الإخوان المسلمين»، وذلك بعد انسداد مساعي التسوية السياسية كافة، والتي كان آخرها الدعوة التي وجهها الجيش المصري للقوى السياسية والاجتماعية كافة لاجتماع ساهمت الضغوط التي مارستها الرئاسة المصرية في تخفيض سقفه من «حوار وطني» إلى «اجتماع للمّ الشمل»، ومع ذلك لم تتمكن المؤسسة العسكرية من عقده، برغم موافقة المعارضة على الحضور، ما يوحي بأن تأجيله أو إلغاءه قد جاء بسبب الضغوط الرئاسية ذاتها.
وبعد قرار المعارضة بقبول المسار السلمي لإسقاط «حكم المرشد» عاد الهدوء النسبي الى المشهد السياسي في مصر عشية الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد، الذي قسم الشارع المصري بين مؤيد ومعارض وسط مطالبات المتظاهرين بتنحي الرئيس محمد مرسي «القاتل»، واتهامه بالمسؤولية عن اعتداءات مناصري «الإخوان» على المتظاهرين العزل في ميادين القاهرة.
ورغم قبولها بإجراء الإستفتاء أعلنت جبهة الإنقاذ الوطني عن مخاوفها العميقة إزاء عملية التصويت بسبب غياب الشروط اللازمة لضمان نزاهته. واعتبرت الجبهة في بيان أن إجراء الاستفتاء على مرحلتين يمتد بينهما أسبوع كامل مخالف لنصوص القانون رقم 73 لسنة 1956 والذي يوجب، عند إجراء الاستفتاء على أكثر من مرحلة، أن يتم ذلك في يومين متتاليين، كما أن الفصل بين المرحلتين من شأنه التأثير على نتائجه، ويفتح الباب أمام التأثير على إرادة الناخبين وممارسة العنف وعمليات التزوير في حال تبين أن نتيجة المرحلة الأولى غير مرضية لطرف دون الآخر.
وسيجرى الإستفتاء في عشر محافظات هذا السبت إضافة الى تصويت المغتربين، على أن تستتبع باقي المحافظات يوم السبت التالي. وأضاف البيان إن المؤشرات تفيد بأن الإشراف القضائي على الاستفتاء لن يكون كاملاً في ضوء انقسام موقف القضاة ورفض القطاع الأكبر منهم المشاركة في عملية الإشراف على التصويت، وهو ما يعتبر خللاً كبيراً بشروط النزاهة.
وشدد بيان الجبهة أنها ما زالت متمسكة بموقفها المطالب بتأجيل الاستفتاء على الدستور لأسباب عدّة، على رأسها غياب التوافق الوطني، والظروف السياسية والأمنية المتدهورة، والتخبّط الواضح في القرارات التي تتخذها مؤسسة الرئاسة.
وعلى الجانب الآخر بدأ ائتلاف القوى الإسلامية التحرك بشكل مكثف لاستقطاب الشارع بالتصويت بـ«نعم».
لكن التكتل الإسلامي لم يكن كعادته موحد الصف، فقد دعا الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، المرشح الرئاسي السابق ورئيس حزب «مصر القوية»، وهو أحد القياديين السابقين في «الإخوان»، المصريين جميعاً إلى المشاركة في الاستفتاء على الدستور، والتصويت بـ«لا».
من جهة ثانية، أرجأ وزير الدفاع المصري الفريق أول عبد الفتاح السيسي الحوار الذي دعا إليه «للمّ شمل الأسرة المصرية»، والذي كان مخططا له الأسبوع الماضي.
وجاء في بيان نشر على صفحة المتحدث العسكري على موقع «فايسبوك» إنه «نظراً لردود الأفعال التي لم تأت على المستوى المتوقع منها بشأن الدعوة الموجهة إلى القوى الوطنية والسياسية للقاء لم شمل الأسرة المصرية… يشكر السيد الفريق أول عبد الفتاح السيسي القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي كل من تجاوب مع هذه الدعوة ويعلن إرجاء التنفيذ إلى موعد لاحق».
Leave a Reply