نشرت مجموعة الأبحاث الدولية المعروفة باسم «مجموعة يورو آسيا» تقريرها السنوي عن أهم عشرة مخاطر جيوسياسية تنتظر العالم في العام 2013. وأشار التقرير الجديد إلى أن التوتر بين الدول العربية وإسرائيل يقع بين المخاطر العشرة الأهم التي تواجه الأسرة الدولية.
وتُعتبر «مجموعة يورو آسيا» أشهر شركة عالمية للاستشارات حول المخاطر السياسية في العالم، وهي تتخذ من نيويورك مركزاً رئيساً لها، ولديها فروع في واشنطن ولندن وطوكيو. ولدى المجموعة طاقم مؤلف من 150 موظفاً دائماً يستندون في عملهم إلى تقارير من حوالي 800 خبير في أكثر من 80 دولة خارج الولايات المتحدة.
جنود أميركيون في أفغانستان |
وأشار رئيس المجموعة إيان بريمر إلى أنه من بين المخاطر الكبرى المنتظرة يمكن إدراج أزمة الديون الأوروبية، وتقلبات الأسواق، وكذلك التوترات في الشرق الأوسط، خصوصاً التوتر بين إيران والدول العربية من جهة، وبين إسرائيل والدول العربية من جهة ثانية. وشدد بريمر على أن منسوب المخاوف بشأن المخاطر الجيوسياسية أكبر من اللازم. ويرى أنه برغم «الفوضى» السياسية في الولايات المتحدة، «والتي لا ريب في أنها ستستمر خلال الشهور المقبلة»، وقضية أزمة الديون الأوروبية والاقتصاد الياباني الذي يراوح مكانه، فإن المخاطر في الدول المتطورة ليست كبيرة جدا.
ويعدد بريمر المخاطر في ما يسميه «السجل الأسود» على النحو التالي:
1- الأسواق اليقظة: جاء في تقرير مجموعة «يورو آسيا» أن الأسواق اليقظة ستظل في حالة تقلب وعدم استقرار، سواء من الناحية السياسية أو من الناحية الاقتصادية، مقارنة بالديموقراطيات الغربية. وأشار إلى أنه «من المهم فهم أن عهد النمو في الأسواق اليقظة انتهى وأنه ينبغي التعامل مع كل دولة بشكل منفرد».
2- الصين وثورة المعلومات: يزعم بريمر أن السيطرة الحكومية في الصين على حرية المعلومات يمكن أن تلحق الضرر بنمو الطبقة الوسطى، التي تحتاج إلى مقاربة دائمة للمعلومات في التعليم، العمل وأيضاً في المنزل. وعلى سبيل المثال، فإن من شأن بعض المعلومات المتوفرة على شبكة الانترنت أن تزعزع شرعية الحكم الشيوعي في الصين، لذلك فإن بكين تحرص على تنقيتها جيدا أو حتى منعها بالكامل.
3- الربيع العربي: يصف بريمر في تقريره الوضع العربي بـ«الصيف العربي». وجاء في التقرير أن «التوتر الصاعد حول مواجهة إيران مع دول المغرب وإسرائيل يشكل خطرا منفصلا قائما بحد ذاته». لكن بريمر يشير أيضا إلى أنه عدا إيران، يعيش الشرق الأوسط حاليا مرحلة تغييرات وتوترات مثل التطرف الديني الإسلامي، وصعود منسوب العداء بين السنة والشيعة داخل الدول وبين دول الشرق الأوسط، فضلاً عن تراجع نفوذ القوى العظمى الغربية مثل الولايات المتحدة المنشغلة أكثر بأزماتها الداخلية.
4- الولايات المتحدة: يشير التقرير إلى أنه لا يُتوقع ركود كبير في الولايات المتحدة في العام المقبل، برغم أن انعدام اليقين السياسي والتوترات بين المشرعين تجاه السياسة المالية، ستؤثر سلباً على نسبة النمو في الاقتصاد الأقوى في العالم.
5- اليابان، إسرائيل وبريطانيا: تجد هذه الدول الثلاث، نفسها، وفقاً للتقرير، في وضعية جيوسياسية مشابهة. أولا، الأهمية والعلاقات الخاصة التي تجمعها بالولايات المتحدة تراجعت في العام الأخير، مقارنة بالماضي. وفضلا عن ذلك، يرى بريمر أن قدرة هذه الدول الثلاث على التأثير في «الألعاب» الجيو سياسية تقلصت. كذلك فإنها منشغلة بمشاكل داخلية كثيرة، الأمر الذي يجعل متعذرا عليها الرد بشكل ناجع على التحديات في الحلبة الدولية.
6- أوروبا: ستواصل أزمة الديون التشويش على الأسواق. ويبين التقرير أن دول كتلة اليورو ستواصل عملية الاندماج التي تقودها المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، لكنها ستحتاج إلى إصلاحات أوسع لحل الأزمة، لأن الإصلاحات وخطط التقشف «وفرت مزيدا من الوقت»، لكن الأزمة لا تزال قائمة.
7- إيران: يتوقع التقرير تكثيفا في حرب الظلال التي تديرها الدول الغربية ضد إيران ومشروعها النووي. وفي هذا السياق فإن بريمر يشير إلى أن الهجمات السيبيرية والاغتيالات والحملات الديبلوماسية ستتواصل في العام الجديد. ويضيف ان «لهذا التوتر ولحرب الظلال هذه احتمالات هائلة بأن تزعزع الأسواق وتضغط نحو رفع أسعار النفط».
أما المخاطر الأخرى في التقرير فتتعلق بتباطؤ الاقتصاد الهندي والتوتر في آسيا، مثلا بين الصين واليابان وكوريا الشمالية.
خطر إندلاع حروب تهدد الاستقرار العالمي
أما أكثر بؤر العالم المهددة بالحروب في عام ٢٠١٣ بحسب الخبراء فلا تشمل الصراع المرتبط بالمخدرات الذي يدور رحاه في المكسيك، ولا التوترات المتصاعدة في بحر الصين الشرقي، ولا خطر الحرب في شبه الجزيرة الكورية، ولا الأزمة المرتقبة مع تنظيم الانتخابات المقبلة في زمبابوي، ولا الفوضى القائمة في الصومال، ولا حديث الحرب على إيران بذريعة برنامجها النووي، ولا حتى الأراضي الفلسطينية المحتلة، ذلك أن هذه الأزمات ليست قابلة للاشتعال بما فيه الكفاية حالياً، حسب مجلة «فورين بوليسي»، أما أبرز بؤر التوتر القابلة للإشتعال حسب المجلة الأميركية فهي:
– السودان: لا يشكل اندلاع أزمة السودان أية مفاجأة، فمشكلة الأخير لم تنته مع انفصال الجنوب في العام 2011. فالبلاد مهددة بمزيد من التفتت، مع استمرار الأزمة الاقتصادية وتصاعد التمرد في ولايات دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق.
– الصراع التركي-الكردي: الطقس البارد في الجبال خلال فصلي الخريف والشتاء خفّف من وتيرة القتال على جبهة تركيا و«حزب العمال الكردستاني»، لكن ربيع العام 2013 ينذر بالتصعيد في الجولة الحالية من الحرب المستمرّة بين الأتراك والأكراد، التي تعدّ الأكثر دموية من نوعها منذ تسعينيات القرن الماضي، إذ أودت بحياة 870 شخصاً منذ منتصف العام 2011.
– سوريا ولبنان: يستمر الصراع في سوريا في التنقل بين عدّة جولات بشعة وإن كانت مسارات الحل السلمي بدأت تتبلور إلا أن مسار التدهور الأمني لا يزال وارداً، فالعنف الدائر على الساحة السورية حوّلها إلى مجال خصب للمجموعات الأصولية المتطرّفة، التي تستفيد من الدعم المالي لدول الخليج العربية، ومن الخبرات العسكرية للتنظيمات الجهادية حول العالم. هذا الوضع لا يمكن تجنب آثاره السلبية على لبنان المجاور، حيث تعيش بيروت دائماً تحت تأثير دمشق، خاصّة مع اهتزاز البنى الحاكمة في لبنان، ما ينشأ عنه سرعة تأثر البلد بالفوضى الآتية من الجوار.
– العراق: مع اتجاه سوريا نحو الفوضى، تشحذ السكاكين وترسم خطوط المعارك في العراق، الذي اختار الوقوف إلى جانب روسيا والصين وإيران، بوجه الولايات المتحدة وتركيا ودول الخليج. وإذا ما انزلقت سوريا إلى الفوضى فإن التوترات ستزيد في العراق، ومن شأنها أن توقعه مجدداً في أتون الاقتتال الداخلي.
– أفغانستان: لا يزال الاستقرار بعيداً عن أفغانستان، عشية الانسحاب المرتقب لقوات «حلف الناتو» في العام 2014. العلاقات بين واشنطن وكابول تستمرّ في التدهور، بعد تعاقب عمليات القتل التي استهدف بها جنود أميركيون مدنيين أفغان، وورود تقارير عن إحراق قوات أميركية في البلاد لعشرات من المصاحف. في وقت، تعيش البلاد تحت خطر انشطار القوى الأمنية والدخول في نفق الصراعات الأهلية المظلمة.
– باكستان: تستمر غارات الطائرات الأميركية من دون طيّار في توتير العلاقات مع واشنطن، رغم الاعتذار الأميركي عن استهداف جنود باكستانيين في تشرين الثاني العام 2011، فيما سجل الأسبوع الماضي هجوماً إرهابياً قتل وأصاب حوالي ٣٠٠ شخص.
– الساحل الإفريقي (مالي، نيجيريا، وما وراءهما): حالة عدم الاستقرار تفجرت على جبهات كثيرة في منطقة الساحل في العام 2012، ويتوقع توسعها في العام التالي، مع ترقب التدخل العسكري الأجنبي في مالي، واستمرار نزيف الدم الذي أودى بالآلاف خلال السنوات القليلة الماضية، في شمال نيجيريا ، حيث تنشط جماعة «بوكو حرام» الأصولية المتطرفة.
– جمهورية الكونغو الديمقراطية: تنذر أحداث السنة المشرفة على الانتهاء في الكونغو الديموقراطية، بالأسوأ على صعيد السلم الأهلي والأوضاع الإنسانية في البلاد، حيث تصاعدت وتيرة التمرد في المناطق الشرقية، خاصة عبر حركة «إم 23» التي سيطرت على مدينة غومي، ما يستحضر لدى السكان مشاعر وظروف الحرب الأهلية العاصفة التي شهدتها بلادهم.
– كينيا: كلما اقتربت انتخابات 2013، تتصاعد المخاوف من اندلاع العنف في هذا البلد، الذي يعرف درجات عالية من الفقر والبطالة والتفاوت الاجتماعي، في ظل فشل الإصلاح الأمني واستفحال الاستقطاب الإثني.
– آسيا الوسطى: تضم المنطقة قائمة من الدول غير المستقرة، لا خبر سعيد يمكن زفه في العام 2013 في طاجيكستان، التي تتدهور علاقاتها مع أوزبكستان، وتتصاعد صراعاتها الداخلية التي تغذي المطالب الانفصالية في شرق البلاد، على ضوء توسع مشاهد الحرب الأهلية الطاجيكية. وقرغيزستان ليست أفضل حالاً، حيث تنهش فيها الصراعات الإثنية، على ضوء ضعف الحكومة المركزية، ولا مبالاة الخارج بمؤشرات تنذر بالأسوأ. أما أوزبكستان فهي تعيش أزمة عدم وضوح مستقبل حكمها، بعد الرئيس الحالي إسلام كاريموف (74 عاماً). كازاخستان بدورها عرفت في العام 2012 عدداً من الهجمات الإرهابية، وتعيش في ظل تصاعد المظالم الاجتماعية والاقتصادية، بينما تحاول طرح نفسها كجزيرة استقرار في بحر المنطقة المضطرب.
وكالات، «فورين بوليسي»، «السفير»
Leave a Reply