واشنطن – أسابيع قليلة تفصل صناع القرار في واشنطن عن جولة جديدة ومعقدة من المفاوضات للتوصل الى رفع سقف الدين الأميركي، الذي بلغ حده القانوني عند ١٦,٤ تريليون دولار، وسط مخاوف من انعكاس حدة المفاوضات على التحسن الملحوظ الذي يطال العديد من القطاعات الأميركية. وإذا كان الرئيس باراك أوباما قد نجح في إنجاز إتفاق مع الكونغرس لتفادي «الهاوية المالية» التي كانت تهدد نمو الإقتصاد فإن استحقاق رفع سقف الدين لن يكون مهمة سهلة للرئيس الديمقراطي بمواجهة مجلس نواب يسيطر عليه جمهوريون يدعون الى سياسات تقشفية لاسيما في مجال المساعدات الإجتماعية الحكومية.
وفيما يستعد المشرعون لشوط المفاوضات هذه سجلت بيانات صادرة عن عدة قطاعات إقتصادية أميركية تحسناً كبيراً لاسيما في الربع الأخير من العام ٢٠١٢.
فقد سجل قطاع الخدمات الأميركي توسعاً في نشاطه بأسرع وتيرة في عشرة أشهر خلال كانون الأول (ديسمبر) الماضي، وفق بيانات صادرة من معهد ادارة التوريدات.
وكانت قراءة مؤشر المعهد لقطاع الخدمات قد ارتفعت إلى مستوى 56,1 نقطة الشهر الماضي من 54,7 نقطة في تشرين الثاني (نوفمبر)، فيما انتظر المحللون تراجع القراءة إلى مستوى 54,1 نقطة.
ويرى محللون ان أداء الإقتصاد الأميركي سيكون أفضل هذا العام، حيث يبدو أداء قطاع الخدمات جيدا، وسيواصل قطاع المساكن الإنتعاش، وذلك بالتزامن مع تواصل التحسن في سوق العمل.
فقد واصلت سوق العمل إضافة المزيد من الوظائف خلال كانون الأول بنفس وتيرة الشهر السابق تقريباً، في الوقت الذي خاض فيه الكونغرس مفاوضات بين أكبر حزبين لتفادي «الهاوية المالية»، والتي انتهت إلى اتفاق يرى كثيرون أنه لا يعد حلاً شاملاً.
هذا وقد أضاف الاقتصاد الأكبر عالمياً 155 ألف وظيفة الشهر الماضي بالمقارنة مع الرقم المعدل بالرفع إلى 161 ألفا من 146 ألفا في تشرين الثاني في بيانات سابقة، في الوقت الذي كانت تشير فيه توقعات المحللين إلى إضافة ما يناهز 150 ألفا.
أما معدل البطالة الذي تراجع إلى أدنى مستوياته منذ كانون الأول عام 2008 عند 7,8 بالمئة في تشرين الثاني بعد تعديل النسبة بالرفع من 7,7 بالمئة، فقد ظل دون تغيير.
وفيما يخص عام 2012 بأكمله فقد شهد إضافة 1,84 مليون وظيفة، فيما أظهرت بيانات المراجعة السنوية لمعدل البطالة بلوغ متوسطها 8,1 بالمئة ليكون الأدنى في أربعة أعوام.
وخلال كانون الأول أضاف القطاع الخاص 168 ألف وظيفة، والمصانع 25 ألفاً، وبأعلى كثيرا من التوقعات عند أربعة آلاف فقط، فيما تراجعت الوظائف الحكومية للشهر الثالث على التوالي لتفقد 13 ألفاً الشهر الماضي. وقد ارتفع معدل الدخل في الساعة 2,1 بالمئة على أساس سنوي إلى 23,73 دولار ليكون أعلى ارتفاع في عام تقريبا، بينما ارتفع مجموع ساعات العمل خلال الأسبوع للموظف الواحد ليبلغ 34,5 ساعة في المتوسط بزيادة ست دقائق.
وإضافة الى التحسن في قطاعي الخدمات وسوق العمل والمساكن سجل القطاع الصناعي استقراراً خلال الربع الرابع حيث ظلت طلبيات المصانع الأميركية عند مستوياتها، باستثناء قطاع السيارات الأميركية الذي شهد ارتفاعاً كبيراً في المبيعات خلال العام الماضي بنسبة 13,4 بالمئة، لتصل المبيعات إلى 14,5 مليون وحدة عام 2012، وهو ما يجعل العام الماضي الأفضل لتلك الصناعة منذ سنة 2007. وتشير توقعات شركات صناعة السيارات إلى ان المبيعات سوف ترتفع العام القادم، حيث ترى «فورد موتورز» أن المبيعات ستكون بين 15 إلى 16 مليون وحدة خلال العام ٢٠١٣.
وفي المجال الصناعي أيضاً اعلنت مجموعة «بوينغ» الأميركية العملاقة لتصنيع الطائرات انها سلمت رقما قياسيا من 601 طائرة تجارية في 2012 بفضل زيادة وتيرة انتاجها، وسجلت ثاني افضل سنة في تاريخها لجهة الطلبيات.
مخاوف
ولكن الأسواق قد تظهر تراجعاً مع بدء جولة جديدة من المفاوضات بين الجمهوريين والديمقراطيين فيما يخص سقف الدين مع نهاية شباط (فبراير) أو بداية آذار (مارس) بعد تفعيل تدابير استثنائية من وزارة الخزانة لتأخير بلوغه لمدة شهرين. وكان مكتب الميزانية في الكونغرس الأميركي قد أشار في تقرير صدر الأسبوع الماضي إلى أن تمديد خفض الضرائب الذي شمل معظم الأميركيين سيؤدي إلى رفع عجز الميزانية الفدرالية بما يناهز أربعة تريليونات دولار على مدى عقد من الزمن.
ويشار إلى أن الأسواق أبدت بعض الحذر بعد نشر وقائع محضر اجتماع البنك الاحتياطي الفدرالي، والذي كشف عن وجود خلاف بين المسؤولين حول إنهاء برنامج التحفز الكمي الثالث هذا العام في ظل قلق تضخم الميزانية العمومية للبنك ما قد يتحول الى تضخم يخرج عن السيطرة.
ومن المعلوم أن البنك أشار في ١٢ كانون الأول إلى عزمه الإبقاء على أسعار الفائدة منخفضة طالما لا تزال نسبة البطالة فوق 6,5 بالمئة، ومعدل التضخم دون 2,5 بالمئة.
Leave a Reply