دمشق – دخلت الأحداث السورية شهرها الـ٢٣ ولاتزال الدولة السورية بقيادة الرئيس بشار الأسد متماسكة وقادرة على ضرب معاقل المسلحين في كافة المحافظات الملتهبة ولاسيما في ريف دمشق وإدلب وحلب، في الوقت الذي لم تدم «فقاعة» احتلال مطار «تفتناز» العسكري في شمالي البلاد، أكثر من عدة ساعات تلفزيونياً قبل أن يتبين أن المجموعات المهاجمة «وقعت في كمين جديد»، أفشل ما كان يُراد من الهجوم على المطار بالتزامن مع الإجتماع الروسي- الأميركي في جنيف حيث نقلت المصادر قول المبعوث الدولي الأخضر الإبراهيمي إن احتلال مطار تفتناز يغير التوازنات على طاولة المفاوضات ولكن رد نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف كان أنه على علم بكافة تفاصيل العملية ويعرف أن الجيش السوري كان قد سحب معداته وطائراته من المطار قبل دخول المسلحين اليه.
وفور الإجتماع أعلنت موسكو، أن استبعاد الرئيس بشار الأسد عن العملية السياسية في سوريا غير وارد في «بيان جنيف» الصادر في 30 حزيران (يناير) الماضي، وهو على أي حال أمر «يستحيل تنفيذه». ودعت المعارضة إلى أن تقترح أفكاراً من جانبها للحوار مع دمشق رداً على الأفكار التي طرحها الأسد في برنامجه للحل.
وكانت وزارة الخارجية الروسية ذكرت، في بيان امس الاول، «برأينا أن الأولوية هي لوقف فوري لكل أعمال العنف وإراقة الدماء وإرسال المساعدات الإنسانية إلى السوريين، بمن فيهم النازحين واللاجئين»، مضيفة أنه «في الوقت ذاته يجب إطلاق عملية انتقالية سياسية في سوريا يكون هدفها تضمين القانون المساواة في الحقوق المكفولة لكل المجموعات الاتنية والطائفية في هذا البلد»، لكنها تمسكت برفض «أي تدخل خارجي أو وصفات حلول جاهزة».
وإذا كان لقاء جنيف التحضيري، لم يخرج بتوافق واضح حول النقطة العالقة، وهي بقاء الأسد، إلا أنه حمل في طياته بعض الإيجابيات حسبما نقلت التقارير الإعلامية، ولكن الأجواء الروسية-الأميركية عادت للتعكر بعد مجزرة جامعة حلب التي ارتكبها المسلحون وأودت بحياة العشرات من الطلاب واللاجئين في الحرم الجامعي، حيث انتقدت روسيا بحدة الموقف الاميركي من المجزرة، خصوصاً بعدما اتهمت واشنطن دمشق بارتكابها، وذلك في وقت واصلت موسكو العمل على تعزيز اسطولها الحربي المتواجد في سواحل البحر المتوسط، ومستوى نشاطها في مرفأ طرطوس السوري، استعداداً لمناورات كبرى تعتزم تنفيذها في أواخر كانون الثاني (يناير) الحالي.
وبعد ساعات لم تستبعد وزارة الخارجية الأميركية أن تكون السلطات السورية قد شنت غارات جوية على جامعة حلب، فقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، خلال مؤتمر صحافي في العاصمة الطاجيكية دوشانبي، «رأيت على الـ«سي أن أن» بيانات لا تستبعد أن تكون القوات المسلحة (السورية) نفذت الاعتداء، لا يمكنني تصور تجديفٍ أكبر من هذا».
ووقعت مجزرة جامعة حلب في اليوم الأول من الامتحانات الجامعية وذهب ضحيتها أكثر من 80 قتيلا، وأصيب 160، في أضخم هجوم من نوعه يستهدف جامعة سورية منذ اشتعال الأزمة قبل سنتين.
وفي طهران، رأى نائب الرئيس الإيراني محمد رضا رحيمي أن المباحثات التي جرت بين الوفدين الإيراني والسوري برئاسة رئيس الحكومة السورية الدكتور وائل الحلقي في طهران، «من شأنها أن تعزز العلاقات التاريخية بين البلدين»، مؤكداً «التزام إيران بالاتفاقيات الموقعة بين البلدين والعمل على تنفيذ بنودها». وشدّد على دعم طهران «لمبادرة الرئيس السوري بشار الأسد كسبيل منطقي ومناسب لحل الأزمة السورية».
وتتمسك الدول الداعمة لصمود النظام السوري، وعلى رأسها روسيا والصين، بمواقفها من الأزمة السورية وحق الشعب السوري في تقرير مصيره دون تدخل غربي.
فقد رفضت موسكو الأسبوع لماضي مبادرة تقدمت بها حوالي 56 دولة إلى مجلس الأمن الدولي لإجراء تحقيق في ارتكاب جرائم حرب في سوريا من خلال المحكمة الجنائية الدولية، محذرة من أنه ستكون لهذا الأمر «نتائج عكسية على مستوى الهدف الرئيسي حاليا وهو الإنهاء الفوري لسفك الدماء»، كما أنها «لن تؤول إلا إلى تعزيز المواقف المتشددة لدى الأطراف المتنازعة».
ورأى نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، في مقابلة مع قناة «سي ان ان» الأميركية بثت الأسبوع الماضي، «بدأنا تحقيق الانتصار، وأنا متأكد من أننا سننتصر في النهاية وأنا متفائل للغاية». وأضاف «أستمد ثقتي بالوضع من الرئيس (بشار) الأسد وهو ايجابي ومتفائل طوال الوقت». وأكد أن «القوات السورية لم تفقد سيطرتها على المناطق الشمالية والشرقية من البلاد»، مضيفاً «يمكننا الذهاب إليها في أي وقت ويمكن للجيش استعادة هذه المناطق».
وقد بدأت تظهر في وسائل الإعلام الغربية خلال الأيام الماضية تقارير عن وحشية «جبهة النصرة» الفصيل الأقوى في المعارضة السورية المسلحة، حيث كشفت وكالة «رويترز» أن المسلحين المنضوين تحت هذا التنظيم المحسوب على «القاعدة» قد أتوا من كافة أصقاع الأرض بهدف «إقامة دولة إسلامية في سوريا سواء رضي المعارضون أم أبوا».
وتختلف الروايات بشأن مدى التنسيق بين الجماعات الأصولية ووحدات الجيش السوري الحر جماعة المعارضة المسلحة الرئيسية. ويشيد كثير من المعارضين بمهارات الجهاديين التي اكتسبوها في أفغانستان أو العراق ويقولون بأنهم من اشجع المقاتلين رغم ميلهم إلى العزلة، حسب «رويترز».
Leave a Reply