توصل ثلاثة محامين، هم مايك جعفر وزكريا مهدي وقاسم دخل الله من «مجموعة جعفر ومهدي القانونية» في ديربورن، الى تسوية قضائية مع محامين يمثلون «سلسلة مطاعم ماكدونالدز» العالمية وشركة أخرى تملك احد فروعها في مدينة ديربورن، سيتم بموجبها تغريم «شركة فينلي» التي تملك وتدير فرع «ماكدونالدز» الواقع على شارع فورد بين شارعي أوكمان وشايفر في ديربورن مبلغاً مالياً بحدود ٧٠٠ الف دولار سيذهب الجزء الأكبر منه لمؤسستين خيريتين هما «مركز الهدى الطبي» (ديترويت) و«المتحف العربي» في ديربورن، وذلك لتسوية دعوة رفعت ضدهم بتهمة الغش المتعمد ببيع دجاج غير حلال دون الإفصاح عن ذلك للزبائن.
من اليمين، المحامون: قاسم دخل الله، مايك جعفر، وزكريا مهدي في مكتب «مجموعة جعفر ومهدي القانونية» في ديربورن. |
وقد مثل المحامون الثلاثة المُدَّعي في القضية، أحمد أحمد، وهو من سكان ديربورن هايتس، كممثل لشريحة إسلامية واسعة تضررت نفسياً من هذه الخديعة. ويرتكز نص الإتهام على أن فرع «ماكدونالدز» الواقع على شارع فورد في ديربورن قام بخداع زبائنه من خلال دعايته التي تروّج الى أنّ ساندويشات «ماك تشيكن» وقطع «ماك ناغت» التي تقدمها تتكون من اللحوم الحلال، في حين تبين لأحمد ومحاميه لاحقاً بأنها ليست كذلك وهو ما يعتبر خرق لقوانين حماية المستهلك في ولاية ميشيغن.
ووفق التسوية التي تنشرها «صدى الوطن» (في الصفحين ١٦ و١٧) بناء على أمر قضائي نص عليه أحد بنود التسوية التي أعلن عنها يوم الجمعة الماضي في الدائرة القضائية بمقاطعة وين، أنّ أصل القضية يعود الى الثاني من أيلول (سبتمبر) عام ٢٠١١، حيث قال أحمد أحمد إنه إشترى ساندويش «ماك تشيكن» من فرع «ماكدونالدز» الواقع على شارع فورد بديربورن على انه معمول من اللحم حلال كما يدعي الفرع، لكنه إكتشف أنّ الساندويش الذي إشتراه وأكله كان غير حلال، وزعم أنّ «شركة فينلي» صاحبة فرع «ماكدونالدز» هذا قد باعت في مناسبات عديدة سندويشات «ماك تشيكن» وقطع «الناغت» غير الحلال دون إعلام زبائنها بأن ما تبيعه هو منتج من دجاج غير حلال.
وقد نفى المتهمون الإدعاءات المرفوعة ضدهم وهم يواصلون نفيها رغم انهم قبلوا التسوية التي يعتبرونها لصالحهم ولصالح المجتمع الذي يخدمونه على حد تعبيرهم.
وقد مثل المحامون جعفر ومهدي ودخل الله، حسب القضية المرفوعة بالنياببة عن المُدَّعِي أحمد أحمد، كل الزبائن المسلمين لمؤسسة «ماكدونالدز» وفرعها الواقع في شارع فورد رود في ديربورن وكل من يعتقد أنه اشترى سندويشات غير حلال دون علمه بذلك.
وقد طالب أحمد أحمد بالتعويض عن الأضرار النفسية والمعنوية والمحنة التي أصابته بعد أن علم أنه أستهلك طعاما غير حلال.
وقد شملت التسوية التي وافقت عليها جميع أطراف القضية فرع «ماكدونالدز» (رقم 4870) الواقع على 14860 شارع ميشيغن أفنيو في ديربورن، كونه يبيع أيضاً دجاجاً حلالاً، رغم أنه لا يدار من «شركة فينلي» المالكة لفرع فورد.
وينفي الفرعان المذكوران أي مسؤولية في إدعاء بيع منتجات غير حلال. وقد جاء في مضمون التسوية بإعفاء شركة «ماكدونالدز» وفرعيها المذكورين في ديربورن من أية مسؤولية في بيع منتجات غير حلال وذلك من أيلول (سيتمبر) 2005 ولغاية الآن، ولم يتم إحصاء حجم وكميات البيع خلال تلك الفترة.
وقد افضت التسوية الى أن تغرم سلسلة مطاعم «ماكدونالدز» و«شركة فنلي» بدفع حوالي ٧٠٠ ألف دولار لمؤسستين غير نفعيتين تقومان بخدمة المجتمع المتضرر والمدعي، وقد أتفق الجانبان، بعد مراجعة لعدد كبير من المؤسسات الإسلامية والعربية الأميركية غير النفعية، على ان ينال الجزء الأكبر من التعويضات كل من «المتحف الوطني للعرب الأميركيين» في ديريورن و«مركز الهدى الطبي» في ديترويت، والذي يقدم خدمات طبية مجانية للفقراء الذين ليس لديهم تأمين صحي.
وفي هذا الصدد قال المحامي دخل الله إن هذا الاتفاق قد تم بعد ان قامت كل الأطراف المعنية بالقضية ببحث مكثف وعميق لتحديد المؤسسات التي ستستخدم المبلغ المالي المدفوع في خدمة الأفراد والمجتمعات التي ينتمي اليها المدعون والتي لا تنحصر خدماتها فقط بالمسلمين الأميركيين بل تتعدى ذلك لتشمل كل فئة من الأفراد التي إشترت منتجات «ماكدونالدز» (ماك تشيكن وماك ناغت) غير الحلال من الفرعين المذكورين بالدعوى التي تمت تسويتها.
ويضيف دخل الله «لقد أبرمت التسوية بين المدعين والمدعى عليهم. كون من الصعب او المستحيل، في مثل هذه القضية، تحديد الأشخاص المتضررين مباشرة من هذه الخديعة، ولذلك لجأنا لتسوية القضية بإفادة المجتمع الذي ينتمي إليه الأفراد المتضررون وذلك من خلال توفير دعم مالي لمؤسسات خدمية غير نفعية تقوم بخدمة المجتمع ككل في مناطقهم».
وحسب دخل الله، تباحثت «مجموعة جعفر ومهدي القانونية» مع «ماكدونالدز» حول الجهات التي يمكن أن تستفيد من مبالغ التعويضات، واتفق الطرفان على المتحف العربي و«مركز الهدى الطبي».
ويقدم «مركز الهدى الطبي» الواقع على 13240 شارع دايفسون في ديترويت خدمات طبية مجانية للمرضى مثل فحوص ضغط الدم ومراقبة الكولسترول ومرض السكري والخدمات الاجتماعية لكل من لا يتوفرون على تأمين صحي او غير القادرين على تحمل تكاليف زيارة الطبيب. وكشف دخل الله أن حصة «الهدى» من التسوية بلغت ٢٧٤ ألف ويُنتظر ان يكون لها أثر ايجابي على كل المحتاجين لخدمات المركز في المنطقة.
وفي هذا الإطار أشاد دخل الله بخدمات «مركز الهدى الإسلامي الطبي»، كمؤسسة خيرية غير نفعية تقدم الخدمات الطبية المجانية سواء للمسلمين أو لغيرهم، وقال إن هذه المنحة ستساعدهم لإتمام بناء ثمانية غرف إضافية لإستقبال المرضى وتسييج موقف السيارات واضافة يوم عمل كامل الى دوام الموظفين في المركز مما يجعلهم يستقبلون المرضى لمعالجتهم مجاناً لأربعة أيام أسبوعياً بدلاً من ثلاثة أيام حالياً».
كما سيحصل «المتحف الوطني للعرب الأميركيين» على ١٥٠ الف دولار تقريباً حيث سيتم استخدامها لدعم البرامج التعليمية ولتغطية رسوم الدخول الى المتحف لأطفال المدارس والمساجد ولتوزيع المنح الدراسية على المتفوقين من طلاب الجالية والفائزين بمسابقات لأفضل المقالات التي تجسد الأخوة والتعددية على نطاق المدينة.
ويعتبر دخل الله ان هذه الدعوى القضائية ونتائج التسوية هي اختراق وإنجاز كبير ذو قيمة وأهمية للجالية الاسلامية في ميشيغن بالتحديد وأميركا بشكل عام.
ويتابع دخل الله «إن هذه القضية مهمة بالنسبة لديربورن والمنطقة ككل، وأيضاً للمحامين الشركاء والزملاء في مجوعتنا الحقوقية بشكل خاص، كوننا جزءاً من هذه الجالية المسلمة، لقد كنا جميعاً زبائن بشكل او بآخر لـ«ماكدونالدز» لعدة سنوات وهذه مسألة مهمة من منظور حماية المستهلك، فعندما يرتاد أحدنا متجراً ويشتري منه بناء على دعاية واعلان واضح ثم نكتشف لاحقاً بان القضية تنطوي على غش وخداع، يصبح الأمر عندها مخالفة قانونية خطيرة يعاقب عليها القانون».
وعملاً بالرأي والرأي الآخر، حاولت «صدى الوطن» مراراً الإتصال بـ«شركة فينلي» والمحامين الذين يمثلونها من شركة «شيكاغو وسيغال ماك كمبريدج سنجر وماهوني» ولكن دون جدوى، في حين أن شركة «ماكدونالدز» الرئيسية أجابت على مكالمة هاتفية وأرسلت بياناً لـ«صدى الوطن» جاء في نصه: تلتزم «ماكدونالدز» دائما بخدمة المجتمعات التي تتواجد فيها فروعها، وتحرص على البقاء على صلة وثيقة بها وإحترام قيمها، ومطاعمنا في مدينة ديربورن بولاية ميشيغن لا تستثنى من ذلك.
وأضاف البيان «لقد توصلت كل الاطراف في هذه الدعوى الى أنّ أفضل حل لهذه القضية هو توفير مساعدة مالية للمنظمات التي توفر خدمات الى المجتمع المحلي. وكجزء من الإتفاق ستقدم منحة من «شركة فينلي» الى مؤسستين تستحقان الدعم، أولهما «مركز الهدى» الذي سيقدم بفضل هذه المنحة مزيداً من الخدمات الصحية وسيعزز بنيته التحتية لتقديم المزيد من الخدمات للفقراء والمحتاجين، اما المنحة الثانية فستذهب الى «المتحف الوطني للعرب الأميركيين» في ديربورن.. وكلا المنظمتين وقع اختيارهما بسبب الخدمات التي يقدمانها الى المجتمع».
كما رصدت التسوية مبلغ ٢٠ ألف دولار للمدعي أحمد أحمد كمكافأة له لرفعه القضية.
وتبقى بعض تفاصيل عملية التوصل الى التسوية غامضة، ومن بينها كيفية التوصل الى الجزم بأن السندويش الذي اشتراه أحمد لم يكن من اللحم الحلال، كما لم تعلن شركة «ماكدونالدز» عزمها، أو عدمه، على معاقبة «فينلي» لمخالفتها قوانين حماية المستهلك في ميشيغن، وهل ستفرض هذه التسوية أي تغيير في عمل فرعي «ماكدونالدز» في ديربورن اللذين لا يزالا يقدمان منتجات «الحلال»، وما هي كيفية الدعاية التي ستُتّبع بخصوص المنتجات الحلال في المستقبل؟.
كجزء من اتفاق التسوية يتوجب على فريق محامي الإدعاء إعلام أفراد الجالية من المسلمين خصوصاً بتفاصيل التسوية التي توصلوا اليها مع المدعى عليهم برعاية قضائية من محكمة وين، وفي هذا الشأن تم توزيع نسخ من بيان التسوية باللغتين العربية والإنكليزية والمؤلف من ثمانية صفحات على سبعة عشر مسجد موزعة من فلنت شمالاً وحتى توليدو جنوباً وغرباً الى آناربر مروراً بهامترامك حيث تُوزع نسخ مترجمة الى البنغالية. كما أمرت المحكمة بإعلان التسوية باللغتين الإنكليزية والعربية في صحيفة «صدى الوطن» ولمدة ثلاثة اسابيع متتالية على أمل أن يتم انتشارها على أوسع نطاق. ويمكن الإطلاع على اتفاق التسوية وقراءته في الصفحتين ١٦ و١٧ من هذا العدد أو على الموقع التالي: www.jaafarandmahdi.com
Leave a Reply