أثارت التسوية التي أبرمت مع سلسلة مطاعم «ماكدونالدز» و«شركة فينلي» التي تملك أحد فروعها على شارع فورد في شرق ديربورن، جدالاً واسعاً في أوساط الجالية حول الطريقة التي أغلق فيها ملف القضية وأحقية الجهات التي استفادت من التعويضات المالية، حيث غُرمت الشركتان بمبلغ ٧٠٠ ألف دولار توزع بشكل أساسي على مؤسسة طبية إسلامية في ديترويت و«المتحف العربي» في مدينة ديربورن إضافة الى أتعاب المحامين .
فرع «ماكدونالدز» الواقع على شارع فورد في ديربورن |
وقد انقسمت الآراء حول «النجاح» الذي حققه مكتب «مجموعة مهدي وجعفر» للمحاماة، مايك جعفر وزكريا مهدي وقاسم دخل الله، بإنجازهم التسوية أمام دائرة الشؤون القانونية في محكمة وين، على خلفية تناول العربي الأميركي أحمد أحمد ساندويش «ماك تشيكن» قُدم له على أنه «حلال» من قبل فرع «ماكدونالدز» عام ٢٠١١ ليتبين لاحقاً عكس ذلك.
فبعد الإعلان عن التسوية التي نشرت الأسبوع الماضي لأول مرة في «صدى الوطن» وفق أمر قضائي يهدف الى إعلام أكبر قدر ممكن من العرب المسلمين بحيثيات القضية، لإتاحة المجال أمام أكبر قدر ممكن من المتضررين الراغبين بالطعن بالتسوية التي سويت باسمهم، عمت التساؤلات والإشاعات أوساط الجالية حول القضية وبنود الإتفاق الذي تم التوصل اليه ولاسيما حول قيمة التعويضات وأحقية الجهات المستفيدة منها.
وهذا بالفعل ما تم، حيث انبرى «المحامي المشاكس» عماد مغنية عبر صفحة يديرها على موقع «فيسبوك» لمعارضة التسوية التي اعتبرها غير منصفة مقارنةً بقضايا تعويض جماعي مماثلة، داعياً الناس لتوكيل مكتبه للطعن بها لغاية ١٤ شباط (فبراير) الجاري.
وتنص التسوية المنشورة في الصفحتين ١٦ و١٧ والتي عقدت بموافقة جميع الأطراف بما في ذلك فرع «ماكدونالدز» على شارع ميشيغن أفنيو في ديربورن، كونه يبيع أيضاً دجاجاً حلالاً، رغم أنه لا يدار من «شركة فينلي» المالكة لفرع فورد، على أن تدفع شركتا «مالكدونالدز» و«فينلي» حوالي ٧٠٠ ألف دولار لمؤسستين غير نفعيتين تقومان بخدمة المجتمع المتضرر والمدعي، وقد أتفق الجانبان، بعد مراجعة لعدد كبير من المؤسسات الإسلامية والعربية الأميركية غير النفعية، على أن ينال الجزء الأكبر من التعويضات كل من «المتحف الوطني للعرب الأميركيين» في ديريورن (١٥٠ ألف دولار) و«مركز الهدى الطبي» في ديترويت (٢٤٧ ألف دولار)، وتقدم هذه المؤسسة الصحية خدمات طبية مجانية للفقراء الذين ليس لديهم تأمين، أما باقي المبلغ فرُصد لأتعاب المحامين وتكاليف التسوية إضافة الى مكافأة بقيمة ٢٠ ألف دولار سينالها أحمد أحمد لإثارته القضية.
وتضمنت التسوية إعفاء شركة «ماكدونالدز» وفرعيها المذكورين في ديربورن من أية مسؤولية في بيع منتجات غير حلال وذلك من أيلول (سيتمبر) 2005 ولغاية الآن، وهذا الأمر دفع الكثيرين للتفكير بالطعن بالتسوية.
وقد طالب المحامي مغنية عبر «فيسبوك» المتضررين بترك أرقام هواتفهم للتواصل معهم كما دعا أي شخص تناول وجبات «ماك تشيكن» أو «ماك ناغت» للاعترض على التسوية بتعبئة طلب موثق يتضمن إسم الشخص، عنوانه وإمضاءه قبل حلول منتصف شباط الجاري. وقال مغنية عبر رسالة لأعضاء صفحة Dearborn Area Community Members على موقع «فيسبوك» (حوالي ٤٥٠٠ صديق) إن الجالية «غاضبة» على المطعم لبيعه ساندويشات «حلال» مزيفة.
والجدير بالذكر أن التسوية تمت أمام القضاء على خلفية أن ساندويش «ماك تشيكن» (غير الحلال) الذي اشتراه أحمد عام ٢٠١١ جاء بشكل عرضي، مع الأخذ بالاعتبار استحالة تحديد الأشخاص الذين تناولوا الوجبات غير الحلال.
ويرى مغنية، حسب حديثه لـ«صدى الوطن» «المشكلة الكبرى التي نواجهها في هذه الدعوى القضائية، أن التسوية لم تشمل كل الناس الذين قاموا بشراء وجبات الطعام من فرعي «ماكدونالدز»، فهؤلاء الناس لديهم الحق بالإعتراض ورفض التسوية ولديهم الحق أيضاً بإبلاغ المحكمة بأنهم يريدون تعويضاً عن الأموال التي إحتيل عليهم فيها». وأضاف «أنا شخصياً أنتمي إلى الناس الذين أحتيل عليهم وأغلبهم من سكان ديربورن وديربورن هايتس وشملتهم التسوية». وأضاف مغنية أنه قد يكون هناك دلائل على أن فرعي ماكدونالدز واصلا بيع الوجبات غير الحلال للزبائن حتى بعد أن رفعت الدعوى القضائية في العام 2012.
وكشف مغنية أن لديه شخص يدعي أنه في صيف العام 2012 ذهب إلى نفس فرع «ماكدونالدز» على شارع فورد وطلب ساندويش «ماك تشيكن» حلال من موظف الطلبيات في «ماكدونالدز»، وحينها، على حد قول مغنية، تبين أن الموظف لا يدري بوجود المنتجات الحلال، وأنه غير مدرب أو مؤهل على معرفة ماهو اللحم الحلال، ثم بعد ذلك قام الموظف بإعطاء الزبون ساندويش غير الذي طلبه أي غير حلال، ما دفع الشخص الى استدعاء الشرطة التي حضرت إلى المكان وأغلقت التحقيق على أن الموظف جديد وقام بخطأ غير متعمد مع الزبون.
وأضاف مغنية أن الموظف قال في التحقيق إن الفرع كان يبيع نوعين من اللحوم (الحلال وغير الحلال) وأنه أخطأ في إعطاء الزبون اللحم غير الحلال، وعلق مغنية على ذلك متوجها الى «ماكدونالدز» بالقول «إذا كنتم لا تعرفون كيف تدربون موظفيكم فهذه مشكلة حقيقية».
ويتركز اعتراض مغنية على قيمة التعويضات التي أقرتها التسوية وذلك عند مقارنتها بتعويضات قضية مشابهة رفعت ضد «ماكدونالدز» في العام 2002 والتي أخذت اتخذت أيضاً طابعاً جماعياً دينياً، عندما قامت مجموعتان دينيتان من الهندوس برفع دعوى قضائية على الشركة حول ««ماكدونالدز» للبطاطس المقلية على أنها منتج نباتي بينما تبين أنها تحتوي على مرقة لحم البقر المقدس لدى الديانة الهندوسية.
«ماكدونالدز» إضطر حينها إلى إنهاء التسوية القضائية بدفع 10 ملايين دولار للمجموعات الهندوسية. وهو مبلغ كبير جداً بالمقارنة مع التسوية الأخيرة، حسب مغنية.
من جهته، دحض المحامي قاسم دخل الله وهو أحد المحامين الثلاثة الذين تولوا القضية الجماعية، العديد من الأفكار المطروحة، حيث أكد لـ«صدى الوطن» أن المقارنة بين قضية الهندوس والقضية الراهنة غير منطقية بسبب الإختلاف الشاسع في الحيثيات والظروف والحقائق المرافقة للقضية.
وأضاف دخل الله «قضية الهندوس كانت على الصعيد الوطني حيث تورط فيها 15000 فرع لـ«ماكدونالدز» والقضية لم تستهدف فقط الهندوس بل كل النباتيين، أما قضيتنا فتشمل فرعين لمكدونالدز في ديربورن بالإضافة إلى أن القضية لا تستهدف جميع زبائن الفرعين على مدار الأربع وعشرين ساعة من كل أيام الأسبوع، بل فقط تتعلق بالزبائن من المسلمين..». وأكد دخل الله أن التسوية كانت ملائمة «فنحن نعلم تداعيات القضية.. والمعلومات الأخرى تبقى تخمينات». وتابع «أما بالنسبة للناس الذين يودون أن تضاف أسماؤهم إلى قائمة المدعين فعليهم ليس فقط إحضار إثبات شرائهم للطعام من الفرع، بل أيضاً عليهم إحضار إثباتات أن الطعام الذي إبتاعوه هو غير حلال».
وقال المحامي العربي الأميركيً «وافقنا على التسوية الجماعية لأننا ندرك الصعوبات الكبيرة فيما إذا قمنا برفع القضية بصفة فردية عن أحمد أحمد»، لنفترض أن هناك 100 حالة فردية فالصعوبة هنا بأنه على جميع المدعين إبراز الأدلة والإثباتات بأن الطعام الذي إشتروه هو غير حلال وكلما فشل إثبات حالة كلما خسرت الدعوى القضائية من قوتها، وإننا إذا آمنا بوجود تلك الحالات فمن الممكن أن نطالب بمثل تلك الطريقة، إلا أنه ليس هناك أدلة كافية».
وقال دخل الله إن سندويشات «ماك تشيك» وقطع «ماك ناغت» التي تباع في فرع «ماكدونالدز» على شارع فورد هي من الدجاج الحلال المذبوح وفق الشريعة الإسلامية، أما فرع ميشيغن أفنيو فيبيع هذين الصنفين من اللحم الحلال أو من غير الحلال. مع العلم أن جميع باقي أصناف الدجاج التي يبيعها الفرعان ليست «حلالاً».
أضاف دخل الله أيضاً أنه على الجالية أن تعتبر هذه التسوية يتغريم «ماكدونالدز» 700 ألف دولار هي بمثابة فوز وإنتصار لحقوقها خاصة وإن القضية رفعت ضد فرع واحد والشركة الأم»، وأوضح أن التسوية جاءت ثمرة جهود تعاون إستغرق أياماً طويلة من البحث والتقييمات، وإنتهت بالتبرع بالمبلغ بموافقة كل الفرقاء إلى «مركز الهدى الطبي» و «المتحف العربي».
وطالب دخل الله الجميع بالإطلاع على الإعلان العام للتسوية الذي وزع في المساجد ونشر في صحيفة «صدى الوطن»، وقال «على الناس قراءة الإعلان الذي تم نشره حول القضية لمعرفة التفاصيل والملابسات والإطلاع على المعلومات الواردة فيه، وإذ إستمعوا إلى الأشخاص الذين ليست لديهم معرفة تامة بحقائق القضية فهنا يقعون بخطر التضليل حول الحقائق الفعلية للموضوع».
ومن البنود الأخرى التي أثارت الإنتقادات كان البند المتعلق بتخصيص ١٥٠ ألف دولار «للمتحف العربي» مع العلم أن الجماعة المتضررة هم المسلمون، في حين قوبلت الأموال المخصصة لمركز «الهدى» بترحاب واسع.
Leave a Reply