واشنطن – وافقت لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي بالإجماع، الثلاثاء الماضي، على ترشيح السناتور جون كيري لمنصب وزير الخارجية ليحل محل وزيرة الخارجية المنصرفة هيلاري كلينتون.
وصرحت السناتور الديمقراطية باربرة بوكسر للصحفيين أن السناتور الديمقراطي الذي كان حتى قرار تعيينه يتولى رئاسة هذه اللجنة ولم يشارك في التصويت، حصل على كل أصوات زملائه. من جانبه أعرب كيري عن امتنانه للتصويت له معتبرا أن «الأمر ليس سهلا». وبعد تصويت اللجنة صوت أعضاء مجلس الشيوخ بغالبية 94 صوتاً في مقابل ثلاثة أصوات، لمصلحة كيري.
كيري |
وبينما يعبر أعضاء مجلس الشيوخ عن تحفظات على تسمية تشاك هايغل لمنصب وزير الدفاع (بنتاغون)، وجون برينان لمنصب مدير وكالة المخابرات المركزية (سي آي أي)، لم يكن لديهم بواعث قلق بشأن كيري. وكان الرئيس باراك أوباما قد قرر تعيين كيري، الذي يحظى بتأييد الديمقراطيين والجمهوريين، بمنصب وزير الخارجية في كانون الأول (ديسمبر) الماضي بعد أن أعلنت سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة سوزان رايس عدولها عن الرغبة في تولي هذا المنصب. وبحكم ترؤسه منذ أربع سنوات للجنة الشؤون الخارجية المهمة في مجلس الشيوخ خلفا لـجو بايدن نائب الرئيس الحالي، لدى كيري دراية واسعة بالملفات الدبلوماسية.
وفي جلسة الإستماع الأولى التي عقدتها اللجنة في ٢٤ الماضي، حدد كيري، ملامح الدبلوماسية الأميركية في المرحلة المقبلة، بداية من الأزمة في الشرق الأوسط والأزمة النووية الإيرانية وحتى الاقتصاد العالمي.قدم كيري بعض المؤشرات عن توجهاته عند توليه المنصب رسمياً، حيث طالب بتعزيز ميزانية برامج التنمية الدولية بديلاً عن مقاربة الاستخبارات والعسكر، أي بتغليب سياسة الجزرة على سياسة العصا. كما وصف كيري ما يحدث في المنطقة بأنه «صحوة عربية»، معتبراً أن «شباب ميدان التحرير الذي حقق لمصر ثورتها يمثل عطش الأجيال لفرص وحقوق المشاركة في الحكم وليس حركة دينية»، في إشارة إلى جماعة «الإخوان المسلمين».
وأعلن كيري (٦٩ عاماً) أنه سيعمل على إحياء محادثات السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة يمكن أن تدرس مبادرة سلام جديدة رغم فشل جهود الرئيس الأميركي في فترة ولايته الأولى. كما أعرب عن اعتقاده بأنه «إذا لم ننجح في فتح الباب أمام إمكانية حل الدولتين يمكن أن تنغلق علينا جميعا»، معتبرا أن «هذا سيكون كارثيا». وتحدث عضو مجلس الشيوخ منذ 28 عاماً عن البرنامج النووي الإيراني، وقال إن واشنطن تعطي أولوية، حتى اللحظة، لإستراتيجية مزدوجة تجمع بين العقوبات الاقتصادية والمفاوضات الدبلوماسية. وأضاف «سياستنا ليست الاحتواء، هي المنع. الوقت يمر على جهودنا لضمان امتثال مسؤول» من قبل طهران.
وتحدث كيري عن استعداد الإدارة حتى الانخراط في جهود ثنائية مع طهران، موضحاً في هذا السياق «يحتاج الإيرانيون إلى إدراك أن ليس هناك جدول أعمال آخر هنا. إذا كان برنامجهم سلمياً، يمكنهم إثبات الأمر وهذا ما نسعى إليه».
وسأل السناتور الجمهوري بوب كوركر كيري عن خلاصة اجتماعاته السابقة مع الرئيس السوري بشار الأسد التي قد تساعده في التعامل مع هذا الملف. ورأى كيري أن الأسد «قام بمجموعة من الأحكام التي لا يمكن تبريرها وتستحق الشجب، وأنا أعتقد أنه لن يبقى طويلا على رأس دولة سوريا». ولكن في عرضه للوضع السوري، تحدث كيري عن قلق من «انهيار كامل للدولة ولا أحد لديه تعريف واضح لكيفية تجميع القطع مرة أخرى»، وقلق من خطر انتشار الأسلحة الكيمائية. وذكر أن هناك «ناساً في الخليج لا يترددون في توفير الأسلحة وهذا من أحد الأسباب، بالإضافة إلى إدخال جبهة النصرة إلى المعادلة، التي جعلت التحرك على الأرض أسرع من الحركة في السياسة».
يذكر أنه عندما كان في صفوف الكونغرس، لمّح كيري إلى عدم اعتراضه على فكرة تسليح المعارضة السورية، لكنه الآن يتناغم مع مواقف الإدارة أي التأكيد على رحيل الأسد، مع اعتبار أن إضافة أسلحة إلى هذا النزاع لا يؤدي سوى إلى تعقيد الوضع على الأرض.
وفي قضية أخرى، حث كيري الكونغرس على ضبط الاقتصاد الأميركي للحفاظ على دور الولايات المتحدة زعيمةً للعالم، وقال إن أولويته لحماية مصداقيته كوزير للخارجية هي قدرة البلاد على الإصلاح المالي. كما قال إن السياسة الخارجية هي سياسة اقتصادية «ومن المهم أن نظهر للناس في شتى أنحاء العالم أن بوسعنا أن نقوم بعملنا بشكل فعال وفي الوقت المناسب».
Leave a Reply