عواصم – المسار السلمي لحل الأزمة السورية، يبقى عالقاً بين واشنطن المشغولة بإعادة ترتيب أوراقه بعد صمود سوريا وموسكو التي بدأت تعمل على تحضير طاولة مفاوضات سورية-سورية دون إستعجال «الحلول» ربما لأن الغرب بدأ يشعر بارتدادات الأحداث السورية وهذا ما أكده وزير الدفاع البريطاني الذي أبدى خشية بلاده والعديد من الدول الأخرى من «عودة الإرهابيين» الى بلادهم.
التمهل الروسي على مسار المفاوضات مع الولايات المتحدة كشفته الناطقة الرسمية باسم الخارجية الأميركية التي قالت الخميس الماضي إن وزير الخارجية الجديد، جون كيري، ورغم خطابه الدبلوماسي حيال الأزمة السورية، لا يزال ينتظر رد نظيره الروسي لليوم الثالث على التوالي على مكالمته الهاتفية.
ونفت فيكتوريا نولاند بشدة الإشاعات التي رُوِّجت لقيام كيري بزيارة سوريا. وأضافت ان وزير الخارجية «لا توجد لديه أية نية للقاء (الرئيس السوري بشار) الأسد».
ووعد كيري في أول مؤتمر صحفي له كوزير للخارجية بمبادرة «دبلوماسية» لمحاولة وقف النزاع في سوريا، مؤكداً تمسكه باستبعاد تسليح المعارضين وهي الفكرة التي كانت تثير في 2012 إنقساماً على أعلى المستويات في واشنطن.
وأكد كيري أن «الجميع داخل الإدارة وفي كل مكان في العالم روّعه العنف المستمر». وأضاف بحضور نظيره الكندي جون بيرد «نجري الآن تقييماً (للوضع)، ونفكر ما هي الخطوات، إن كان ذلك ممكناً، الدبلوماسية بشكلٍ خاص، التي يمكن اتخاذها من أجل خفض ذاك العنف والتعامل مع ذاك الوضع». وأضاف «هناك الكثير من القتل والكثير من العنف ونحن نريد بالطبع أن نسعى لإيجاد طريقة للتقدم»، مضيفاً «إنه وضع غاية في التعقيد وغاية في الخطورة». ويأتي تصريحه بعد ان دافع البيت الابيض عن موقفه المعارض لتسليح المعارضة السورية، ورفضه خطة بهذا المعنى أيدتها وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون.
وأقر وزير الدفاع السابق ليون بانيتا وقائد القوات المسلحة الأميركية الجنرال مارتن دمبسي الأسبوع الماضي بأنهما ساندا خطة هيلاري كلينتون والمدير السابق لوكالة الإستخبارات المركزية الأميركية (سي آي اي) ديفيد بترايوس اللذين إقترحا في تموز (يوليو) تقديم أسلحة وتدريب معارضين سوريين. وخطة هيلاري كلينتون التي كشفت عنها صحيفة «نيويورك تايمز» في 2 شباط (فبراير) رفضها الرئيس الأميركي باراك اوباما.
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني الجمعة إن المشكلة في سوريا ليست في نقص السلاح، ملمحاً إلى أن المعارضين يتلقون ما يكفي من الأسلحة عبر دول مجاورة. وقال كارني إن الأولوية بالنسبة لواشنطن هي ضمان عدم وقوع السلاح في أيدي من يمكن أن يهددوا أمن الولايات المتحدة أو إسرائيل.
وفيما تتواصل عمليات الجيش السوري في أنحاء متفرقة من البلاد ولاسيما في حمص والريف الشمالي (إدلب وحلب) وريف دمشق، رحّب الناطق الرسمي باسم الخارجية الروسية ألكسندر لوكاشيفيتش باستعداد رئيس الائتلاف السوري المعارض والحكومة السورية للمفاوضات، وحثّ الطرفين على عدم وضع شروط مسبقة للحوار.
وكان نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، قد جدَّد تأييد موسكو انضمام كل من مصر وإيران والسعودية إلى مجموعة العمل حول سوريا، داعياً هذه المجموعة إلى الإجتماع العاجل فوراً محذراً من تفكك سورية. وكانت موسكو جددت موقفها الرافض بشدة لأي شرط مسبق من هذا النوع… أما واشنطن، فبدأت تتجه نحو موقف روسيا في الملف السوري. الكلام جاء على لسان رئيس لجنة الشؤون الدولية في الدوما أليكسي بوشكوف. الولايات المتحدة قد أدركت أنه إذا انهارت الدولةُ في سوريا، فسيكون هناك أفغانستانَ ثانية، بحسب بوشكوف.
في هذا الوقت تترقب موسكو زيارتين نهاية الشهر الجاري: أولهما لوزير الخارجية السوري وليد المعلم، والثانية لشخصيات معارضة سورية، منها رئيس الائتلاف الوطني معاذ الخطيب حسبما أكد نائب وزير الخارجية الروسي والمبعوثُ الخاص للرئيسِ الروسي الى الشرق الاوسط، ميخائيل بوغدانوف، الذي لم يحدد موعداً دقيقاً للزيارات.
من جهتها أكدت الخارجية السورية أن أبواب دمشق مفتوحة للحوار في سوريا وفق برنامج الحل السياسي الذي تبنته الحكومة.
وفي سياق آخر أكد وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ أن سوريا باتت اليوم «الوجهة الأولى للجهاديين»، محذراً من أنه كلما طال أمد النزاع الدائر في هذا البلد كلما زاد «خطرهم» على الغرب.
وقال هيغ في كلمة ألقاها في لندن حول «مكافحة الإرهاب في الخارج» إن «سوريا هي اليوم الوجهة الأولى للجهاديين في العالم أجمع. ومن بين هؤلاء هناك أشخاص مرتبطون ببريطانيا وبدول أوروبية أخرى». وأضاف هؤلاء «الجهاديين قد لا يشكلون أي خطر علينا عندما يذهبون إلى سوريا، ولكن إذا ظلوا على قيد الحياة يمكن أن يعودوا مزودين بأيديولوجية أكثر تصلباً وبخبرة في الأسلحة والمتفجرات».
ودعا الوزير البريطاني موسكو الى وقف دعمها لنظام الرئيس السوري بشار الأسد. مؤكداً انه كلما طال أمد النزاع «كلما أزهق المزيد من الأرواح البريئة… وكلما زاد خطر استخدام أسلحة كيمياوية وبيولوجية».
Leave a Reply