الهم، الحزن، الموت البطيء، الهذيان في الشوارع، العوز والحاجة بسبب الأزمة المالية وتفشي البطالة في الولايات المتحدة، هذا حال أبناء الجالية العراقية من لاجئي مخيم رفحاء الذين يئنّون من تصرفات «صعاليك السياسة» في بلدهم الأم فحملوا احتجاجاتهم التي بدأت في ديربورن الى قلب العاصمة الأميركية، واشنطن، التي يحملونها مسؤولية «أكوام القذارة السياسية» في العراق الجديد، من الطائفيين والسراقين وأصحاب الشهادات المزورة، منهم من ينتمي الى ايران ومنهم من ينتمي الى قطر والسعودية وتركيا…
لاجئو مخيم رفحاء اليوم، وبعد معاناتهم الطويلة في الصحراء السعودية خلال تسعينات القرن الماضي، ليس أمامهم سوى توسل مكاتب «الولفير» للحصول على المساعدات المادية لإشباع بطونهم، رغم أن بلدهم العراق يتمتع بثروات هائلة حرموا منها في زمن حكم البعث البائد، فيما تتكفل سياسة المماطلة والوعود الخاوية، «التي تطلقها الحكومات الفاسدة المتعاقبة» في تعميق مآسيهم.
منظمو التظاهرة في واشنطن أكدوا مشاركة حوالي ٣٠٠ شخص قدموا من ولايات مختلفة الى العاصمة الأميركية لإيصال صوتهم للسفير العراقي هناك.
«البعض يقول قريباً، والبعض الآخر قال: أقسم لكم أنكم في حدقات العيون، انتم المدافعون عن الوطن… وهكذا». ومساكين لاجئو رفحاء صدقوهم أكثر من مرة وانتظروا سنوات ولكنهم لم يحصدوا سوى فقاعات. وكما يقول المثل الشعبي «تيتي تيتي مثل مارحتي اجيتي» ما عاد هؤلاء يصدقون ما يقوله لهم باعة الكلام المعسول «العلاسة هواي والدرب طويل».
تحاول بعض الجهات تهدئة الإحتجاج المتزايد، ويقول أحد «اللاجئين المنسيين» «اتصل بنا أحدهم من البرلمان وقال الأمور تسير بخير»، وإن القانون الخاص بمعاناة لاجئي رفحاء يتجه الى المصادقة عليه.. ولكن «صبر أيوب» يكاد ينفذ، وهو ما دفع أصحاب الحقوق الى «حمل الباصات على ظهورهم» وأنطلقوا بها الى محيط البيت الابيض حيث نظمت يوم الجمعة الماضي «جمعة ابناء رفحاء العالمية» والتي شارك فيها لاجئون عراقيون في الولايات المتحدة ودول أوروبية كانوا من ضحايا أحداث ما عرف بالإنتفاضة الشعبانية في العام 1991، والتي قوبلت بقمع وحشي من قبل النظام العراقي الديكتاتوري السابق.
وأمام السفارة العراقية والبيت الابيض في واشنطن أكد المتظاهرون على تمسكهم بحقوقهم، رافضين إلغاء قانون الإرهاب، والعفو عن قتلة الشعب العراقي، لأن ذلك تفريط بدماء الأبرياء والضحايا، واكدوا على تمسكهم برفض «عودة البعثيين الى الحكم» من باب إنصاف الضحايا وتشريع قوانين خاصة لحفظ حقوقهم، وصيانة كرامتهم التي غادروا من أجلها.
وأبدى المتظاهرون غضبهم من السياسيين الجدد «الذين نهبوا أموال العراق وحرقوا كل شيء أخضر حتى يتنفسوا الصعداء»، «إنهم طلاب مناصب وثروات ولا يهمهم أبداً اوضاع المواطن العراقي المكتوي».
في المحصلة تسلم السفير رسالة من المتظاهرين الذين تعهدوا بمواصلة حراكهم حتى تحقيق مطالبهم المحقة «كما أهل الأنبار والفلوجة والموصل وسامراء» لأن طبيعة النظام السياسي ونمط تعامله لا يستحق إلا التظاهرات والإحتجاج، وكما يقول الشاعر الرائع حسن النواب:
عندما ترى السفلة
يتقدمون الصفوف
عليك ان تصبر
حتى تراهم جميعا
في المجاري ..
Leave a Reply