مضى شهران على تسلم القاضي سالم سلامة رئاسة محكمة ديربورن، بعد فوزه التاريخي في انتخابات المدينة الخريف الماضي.
«صدى الوطن» أمضت الثلاثاء 26 شباط (فبراير) داخل قاعة المحكمة لرصد مجريات يوم كامل برفقة القاضي سلامة الذي يبدأ يوميات العمل عند الساعة 8 صباحاً بتحضير جدول القضايا التي سينظرها في الجلسة الصباحية، والتي تبدأ عادة في الساعة 8,30.
القاضي سام سلامة (عدسة عماد محمد |
وبعد استراحة الغداء يعود سلامة الى قاعة المحكمة للمباشرة بقضايا الجلسة المسائية التي تبدأ الساعة الواحدة وتستمر لغاية انتهاء الجلسات. لكن يوم عمل القاضي العربي الأول في تاريخ محكمة ديربورن، لا ينتهى عند ذلك الحد فهو يبقى في مكتبه حتى الساعة الخامسة أو السادسة مساء لمتابعة واجباته كرئيس للمحكمة، والتي تتضمن الاشراف على الشؤون الإدارية والمالية.
الثلاثاء الماضي، مثلاً، نظر سلامة في عدة قضايا جنائية تراوحت بين السرقة والاعتداء والقيادة تحت تأثير الكحول وانتهاك بنود الافراج.. إضافة الى القضايا المدنية.
يقول سلامة إنه حين تسلم منصبه مطلع العام الحالي انشغل بادئ الامر بضبط المسائل الادارية والتي طالما أثرت سلبا على العلاقات الداخلية في المحكمة على مدار سنوات ماضية. وقال «عرفت أشياء لم تكن تخطر ببالي، بعضها يتعلق بتعيينات تمت في الشهور الاخيرة، كان لي تساؤولات حقيقية حولها، فكيف انتهينا الى وجود زيادة في عدد الموظفين ونحن في ضائقة مالية».
يؤكد سلامة أنه الآن في طور تقييم عمل المحكمة، وأنه ينوي اتخاذ بعض القرارات «لضمان فعالية انسيابية العمل في المحكمة مع المحافظة على اموال دافعي الضرائب واستخدامها بحكمة ونزاهة».
وقال سلامة إن المحكمة شهدت في السنوات الأخيرة بعض الانقسامات، و«لكنها الآن بدأت تتضاءل»، مؤكدا ان المحكمة في كانون الثاني (يناير) الماضي كانت تعاني من اشكاليات معلقة، وكانت المعنويات هابطة وكان هناك العديد من النكسات، «اضطررت معها الى اللقاء بجميع العاملين بضمنهم الكتبة وضباط المراقبة والزملاء القضاة، واعتقد اننا بدأنا في استعادة جزء من الاحترام والتقدير المتبادل، وقد بدأت أتلمّس فتح صفحة جديدة، بحيث نكون ثلاثة قضاة في محكمة واحدة بدلا من ثلاث محاكم في مبنى واحد».
إن اشراف سلامة على النواحي الادارية في المحكمة جزء من العمل وليس كله، الجزء الأهم النظر في القضايا المرفوعة أمامه وتحقيق العدل للأهالي في ديربورن.
وفي هذا الصدد قال سلامة انه حريص على إصدار الأحكام استنادا الى الوقائع في القضية التي ينظرها، عندئذ يكون الحكم منصفاً، خاصة وأن سلامة يأخذ في الاعتبار قبل اصدار الحكم التاريخ الجنائي للشخص ومدى التزامه ببنود الافراج، كما ان القاضي سلامة منفتح على الاقتراحات المرفوعة له من محامي الدفاع وممثلي الادعاء حين يتوصلون الى تسويات.
وكشف سلامة لـ«صدى الوطن» انه اعتذر عدة مرات عن النظر في بعض القضايا حين تصادف وجود اطراف فيها سبق له وترافع عنهم حين كان محامياً.
وقال «ينبغي على العرب الأميركيين والآخرين أن لا ينتظروا منه المحاباة على خلفية معرفة مسبقة» محذراً من أن ذلك سوف يصيبهم بخيبة أمل. لأنه حسب سلامة لم ينل احد معاملة تفضيلية استنادا الى لقاء في مناسبة اجتماعية أو عمل ما، وقال «في النهاية ينبغي أن يكون القاضي صاحب ضمير حي وأن ينفذ القانون، عليه أن يكون عادلا ويتخذ قراراته دون مساس بحقوق آخرين أو تحيز».
في جلسة الثلاثاء الماضي، مثل أمام سلامة رجل أميركي أسود كان قد أمضى 35 يوما في السجن لقيادته السيارة تحت تأثير الماريجوانا التي ضبطت كمية صغيرة منها بحوزته، كان هذا الرجل أيضاً قد انتهك بنود الافراج في قضية مختلفة تتعلق بالسرقة. قرار سلامة كان بوضع الرجل تحت المراقبة لمدة ستة شهور يخضع خلالها لفحوص عشوائية للمخدرات، فاذا ما التزم ببنود المراقبة طيلة المدة فانه سيعفى من تضمين هذه الجنحة في ملفه الجنائي.
مثال آخر، فتاة أميركية بيضاء من غاردن سيتي متهمة بالعبث بسيارة وسرقة محتويات منها، وقد وافق القاضي سلامة على إسقاط التهم الجنائية عن الفتاة بعد اعترافها بتهمة تعكير صفو الامن. وقد أمر سلامة بوضع الفتاة تحت المراقبة 6 شهور مع تعهدها بعدم الذهاب الى منزل اهلها سنة كاملة بالإضافة الى غرامة بمبلغ 700 دولار، وافق سلامة على تقسيطه.
لكن القضية الملفتة كانت لسيدة عربية اميركية (63 عاما) محجبة قبض عليها بتهمة الاعتداء والضرب على خلفية نزاع مع امرأة اخرى. ادعت المتهمة أن المرأة بادرت الى مقاطعتها وهي تتحدث مع أحد معارفها على الهاتف، وقد تم التوصل في قضيتها الى تسوية تم بموجبها اسقاط تهمتي الاعتداء والضرب واكتفي بادانتها بتعكير صفو الامن وحين سألها القاضي سلامة: هل أنت مذنبة؟.
قالت «لا أنا بريئة»، حينها أمرها القاضي سلامة بالتشاور مع محاميها، قائلاً: «بما إنك مصرة على البراءة عليك حضور جلسة محاكمة او المثول أمام هيئة محلفين». عندها غادرت السيدة ورجعت بعد مدة قصيرة، لتعترف بذنبها إثر تدخل محامي الدفاع الذي أشار الى سجل موكلته الجنائي النظيف مؤكداً أنها سيدة مرموقة في الجالية، وقد أمر سلامة بوضعها تحت المراقبة ثلاثة شهور مع غرامة 300 دولار.
من جانب آخر، أدلت كاتبة المحَاضر لدى سلامة، ميشيل أولبرايت والتي كانت تعمل لدى رئيس المحكمة السابق القاضي ريتشارد وايغونيك، وقبلها عملت بهذه الوظيفة في محكمة ألن بارك قالت عن سلامة «إنه قاض رائع ومحترف ويحترم كل من يتعامل معه»، وأضافت «لقد عملت مع قضاة كثيرين على مدى 25 سنة، وسلامة قاضي نزيه وعادل، وانا سعيدة بالعمل معه».
Leave a Reply