توفي الحاج حسين مقلد يوم الأربعاء الماضي عن عمرٍ يناهز ٨٨ عاماً قضى معظمه في العمل المضني من اجل رفعة الجالية الإسلامية والعربية، مخلّفاً وراءه إرثاً كبيراً ومسيرةً رائدة مستمرَّة بالنمو لسنواتٍ مديدة.
مقلد |
زملاء ورفاق الحاج حسين مقلد الذي واكبوه وعاصروه وفجعوا بوفاته ذكروه بالخير واستذكروا أنه قضى معظم حياته في تأسيس وبناء مركز إسلامي يليق بالجالية في ديربورن حتى قبل أن تصبح المدينة اكبر تجمع للجالية العربية والإسلامية خارج الشرق الأوسط.
في العام ١٩٥٩ قدم مقلد المساعدة لإفتتاح المركز الإسلامي الأول على شارع جوي والذي حمل إسم «المركز الإسلامي في ديترويت».
ويقول الحاج خليل (تشاك) علوان، صديق الراحل وعضو أول مجلس أمناء للمركز، إن «مقلد كان يكرِّس كل مالديه لتامين مبنى للمركز حتى أنه قام برهن منزله من أجل الحصول على قرض لبناء المركز.
ويضيف علوان (٨٣ عاماً) «معظم الناس الذين يرتادون «المركز الإسلامي في أميركا» لا يدركون مدى التضحيات الجمة والمعاناة التي قدمها أناس مثل الحاج حسين مقلد والمؤسسون القدامى من اجل تأمين هذا الصرح الإسلامي». ولكن علوان لا يلوم الناس على ذلك بل يعتقد أن عدم وجود وسائل تثقيفية بتاريخ وتضحيات المؤسسين هو سبب جهل الكثيرين بدور هؤلاء «لكن على الجميع أن يعرفوا أن هذا الرجل المؤسس قدم الكثير في حياته».
مقلد ولد في لبنان حيث انهى دراسته الجامعية وانخرط في سلك التعليم لعدة سنوات. وفي الأربعينيات هاجر إلى الولايات المتحدة الأميركية وسكن في منطقة هايلاند بارك حيث اقتنى محلاً لبيع الخضار.
وحسب قول علوان فإن الأعضاء الـ١١ المؤسسين للمركز الإسلامي أنشاوا منظمة حملت إسم «جمعية مؤسسة المركز الإسلامي لخدمة الجالية العربية الأميركية في ديربورن وهايلاند بارك ومحيطهما» وكانت المؤسسة صغيرة الحجم وقدمت خدماتها لحوالي ٤٠٠ عائلة.
لم تقف مشاركة مقلد في إنشاء المركز على شارع جوي بل تابع بالمزيد من المشاركة والعطاء وكان فخوراً جداً برؤية المركز يتطور عاماً بعد عام حتى جاء الوقت الذي أصبح فيه المركز بحاجة للتوسع.
ويقول قاسم علي العضو الحالي في مجلس أمناء «المركز الإسلامي» بأن حلم الراحل مقلد كان في أن يعيش مدّة كافية ليشاهد المركز يزدهر ويتطور و«هذا الحلم تحقق».
وتابع علي قائلاً «كان مقلد أحد الأشخاص الذين ساهموا بتطوير وتمويل المركز الإسلامي الجديد الذي أفتتح في العام ٢٠٠٥ والذي إستغرق بناؤه حوالي العشر سنوات.. والحمد لله كان الراحل موجوداً أثناء تحقيق ذلك الإنجاز الذي كان أحد أكبر أمنياته».
يتحدث علون عن علاقته بالراحل مقلد حيث يقول إن هذه الصداقة إمتدت إلى خارج المركز الإسلامي «كنا صديقين مقربين لفترة طويلة من الزمن نتشارك في رحلات السفر والصيد في كل موسم ربيع في أونتاريو»، ولا ينفي علوان التأثير الكبير الذي تركه مقلد عليه من الناحية الدينية وكذلك في مساعدته لتعلم اللغة العربية، ويقول إن «كل لحظات المرح والفكاهة التي عشتها مع مقلد لن أنساها طيلة حياتي».
وأضاف علوان «كان واضحاً جداً في حياته، كان رجلا مثقفاً يحب المرح، وفي أغلب الأوقات كان يتحدث الينا ويجعلنا نبتسم.. كان بالفعل شخصاً صاحب فكاهة».
بالنسبة لمقلد لم يكن المهم لديه حجم المركز وفخامته بل كان يهتم بنوعية وجودة الخدمات التي سيقدمها. ويقول علوان «عندما تعيش السنوات التي عاشها مقلد وتشهد في حياتك مرور جيلين أو ثلاثة تصبح لديك نظرة خاصّة للحياة والتاريخ. كان معيار نجاح المركز عند مقلد ليس بمقارنة مبناه بأبنية المراكز الأخرى بل بنجاح وتطور الجالية والمجتمع فمثلاً عندما تتوفر لديك مدرسة للطلاب وتشهد حركة زواج الشباب والإستقرار المادي عندها تنظر الى الماضي الغابر وتقول في نفسك: يا إلهي لم يكن سوى القليل من ذلك متوفراً بالسابق.. تشعر عندها بالفخر».
نائب رئيس مجلس أمناء المركز الإسلامي رون أمين أبَّن الراحل قائلاً إنه كان يمتلك عقلاً تجارياً مكرساً لخدمة المركز والمجتمع عموماً. وأضاف أمين «لولا الحاج مقلد واثنين أو ثلاثة آخرين لما أصبح المركز على ما هو عليه اليوم. لقد كانت له اليد الطولى في إنشاء وانماء المركز خلال السنوات التي شهدت تدفق المسلمين إلى منطقة ديترويت».
تم دفن المرحوم مقلد صباح الخميس الماضي وسوف يتم إحياء ذكرى أسبوع على رحيله في المركز الإسلامي يوم الأحد ١٧ آذار (مارس) في تمام الساعة الثالثة من بعدالظهر.
Leave a Reply