يسعى عدد من أنصار إسرائيل في الكونغرس الأميركي في الذكرى السنوية العاشرة للغزو الأميركي للعراق، الذي أسفر عن احتلاله وتدميره، إلى إثارة فكرة تكرار العملية ولكن هذه المرة ضد إيران في وقت يكرر كبار المسؤولين الأميركيين بأن نافذة الدبلوماسية لا تزال مفتوحة للتوصل إلى اتفاق مع إيران بشأن ملفها النووي بالرغم من أنهم يؤكدون في الوقت نفسه أن هذه النافذة لن تبقى مفتوحة إلى الأبد. ويتزعم أنصار إسرائيل في الكونغرس في مسعى التصعيد ضد إيران العضو الجمهوري ليندسي غراهام الذي تزامنت تصريحاته المتشددة ضد إيران والدعوة إلى تقديم الدعم لإسرائيل في حال القيام بعدوان على إيران مع انعقاد المؤتمر السنوي لمنظمة «آيباك» التي تمثل اللوبي الإسرائيلي-اليهودي في واشنطن والذي اختتم يوم الثلاثاء الماضي حيث جدد فيه نائب الرئيس الأميركي جوزيف بايدن تأكيده على التهديد الذى وجهه الرئيس الأميركي باراك أوباما بشأن استخدام القوة العسكرية -إذا فشلت جميع الخيارات الأخرى- لوقف مساعى إيران لامتلاك سلاح نووى. فيما قال رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتينياهو في خطابه إلى المؤتمر عبر الأقمار الصناعية إن «المساعى الدبلوماسية فشلت وبدأ الوقت ينفد أمام إيران في مفاوضاتها مع القوى الدولية» مشيرا إلى أن «فرض عقوبات على إيران لم يحجبها عن تخصيب اليورانيوم لاستخدامه كوقود نووى» موجهاً إشادة كبيرة لأوباما على تعهده بعدم السماح لإيران بامتلاك قنبلة نووية.
غراهام |
وقد سعى بايدن ونتنياهو إلى التخفيف من حدة أي خلاف اندلع بين الولايات المتحدة وإسرائيل قبل ثلاثة أسابيع على موعد زيارة الرئيس الأميركي الأولى لإسرائيل. وقال بايدن «لم يقم أى رئيس بالمجهودات التى بذلها الرئيس باراك أوباما لتأمين دولة إسرائيل ماديا».
وفي الوقت الذى يرغب البيت الأبيض فى أن تكون زيارة أوباما تعبيرا عن حسن النوايا، لا يزال نتنياهو يسعى لتشكيل حكومة إئتلافية جديدة قد يتولى فيها أفيغدور ليبرمان منصب وزير الدفاع، وهو ما قد يثير مزيدا من المشاكل مع الولايات المتحدة في وقت تنهمك فيه القوى العظمى فى العالم فى عقد مفاوضات مع إيران حول برنامجها النووى فيما لا تزال عناصر الصراع المعتادة مفقودة.
وفي الوقت الذي ركز فيه بايدن على إيران فإنه لم يشر فى حديثه إلى النشاط الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة بما فيها القدس الشرقية، مسلطا القليل من الضوء على عملية تسوية الصراع العربي الإسرائيلي بل ركز على التهديدات التى تزعزع أمن إسرائيل وعلى رأسها إيران كما تحدث الاثنان عن ضرورة التصدى لحالة الفوضى فى سوريا التي قد تعرض البلاد بأكملها كما زعما لمخاطر استخدام الاسلحة الكيميائية. وبعد الكلمة التي ألقاها بايدن، أصدرت «آيباك» بيانا رحبت فيه «بالتصريح الذى أدلى به بايدن الذي أكد فيه أن باراك أوباما لا يخادع في إلتزامه بمنع إيران امتلاك سلاح نووي.
ويرى خبراء أن بعض أعضاء الكونغرس يبدو أنهم مصممون على لعب دور غير بناء في المفاوضات الخاصة بإيران وخاصة دفعهم مجلس الشيوخ إلى إصدار قرار «غير ملزم» أعدته «آيباك» يقوض المساعي الدبلوماسية الأميركية تجاه إيران ويعطي ضوءا أخضر لعدوان إسرائيلي على إيران. ويقول القرار الذي تضمن بعض التفاصيل حول ما يقال عن المواقف الهجومية لإيران «في حال اضطرت حكومة إسرائيل إلى القيام بعمل عسكري للدفاع عن النفس ينبغي على حكومة الولايات المتحدة أن تقف إلى جانب إسرائيل وتقدم الدعم الدبلوماسي والعسكري والاقتصادي إلى حكومة إسرائيل في دفاعها عن أراضيها وشعبها ووجودها».
وفي حين أن القرار غير ملزم لكنه يدخل في إطار خلق تدابير تعمل على تأطير النقاش ودفع الأميركيين إلى التأقلم ببطء مع فكرة أن الحرب أمر لا مفر منه على غرار ما تم في موضوع غزو العراق بالرغم من أن أغلبية الراي العام الأميركي لا يتفق مع وجهة نظر غراهام وصحبه حيث أظهرت نتائج استطلاع مركز بيو أن 56 بالمئة من الأميركيين يعتقدون أن على الولايات المتحدة أن لا تدعم إسرائيل إذا أقدمت على شن عدوان عسكري على إيران. كما أن القرار يتعارض مع منهج السياسة الخارجية الأميركية والتي تقوم على منح دولة صديقة شيكا على بياض في اي عمل تقوم به بمعزل عن التنسيق مع الولايات المتحدة وقد سبق لوزير الخارجية الأميركي هنري كيسنجر القول «لا يمكننا التعاقد من الباطن في حق الذهاب إلى الحرب.. إن هذا قرار أميركي». كما يتناقض القرار مع ما أعلنه رئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات الأميركية الجنرال مارتن ديمبسي في لندن العام الماضي حين نأى بنفسه عن أي خطة إسرائيلية لقصف إيران حيث قال إن مثل ذلك الهجوم «قد يؤخر بوضوح برنامج إيران النووي لكن ربما لا يستطيع تدميره». مضيفا «لا أريد أن أكون متواطئا إذا اختار الإسرائيليون القيام بذلك».
وقد لوحظ في جلسة استماع عقدتها لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ يوم الثلاثاء الماضي أن قائد القيادة المركزية الجنرال جيمس ماتيس، الذي يوشك على التقاعد من منصبه، بدا على خلاف مع البيت الابيض بخصوص السياسة الايرانية، وانه يميل إلى اللجوء إلى التهديد بالقوة العسكرية ضد إيران لاعتقاده بأن ايران لن تتنازل عن أنشطة تخصيب اليورانيوم بسبب العقوبات الاقتصادية القاسية. وقال إن تخصيب إيران لليورانيوم يجري بوتيرة ابعد ما يكون عن الأغراض السلمية.
لكن بعد توجيه أعضاء اللجنة مزيدا من الأسئلة، بدا كأنه يتراجع، مؤكداً دعمه سياسة الرئيس أوباما حيال ايران التي تعطي اولوية للعقوبات وتقلل من امكانات التدخل العسكري. وقال ماتيس: «لأكون واضحا، أنا أؤيد بالكامل العقوبات الاقتصادية». وأضاف «ما زلت أؤيد الاتجاه الذي نتخذه. لكنني، بكل صراحة، أتقاضى راتباً كي تكون لدي نظرة سلبية الى الايرانيين»، متحدثا عن «تاريخ من الإنكار والتضليل» لدى طهران.
وقال مسؤولون أميركيون إن لدى الجنرال ماتيس رؤية مختلفة عما لدى البيت الابيض بخصوص السياسة إزاء ايران، فهو يحمل موقفا أكثر تشددا، وأن هذا ما أثار تكهنات حول إقالته في وقت مبكر حيث يتوقع إحالته على التقاعد بعد اسابيع قليلة.
وكان ماتيس في بداية الجلسة قد حذر إيران من محاولة اختبار تصميم الولايات المتحدة في الخليج بعد تقليص واشنطن حضورها البحري في المنطقة، مؤكداً أن أي «خصم عليه الا يقلل من القوة العسكرية الاميركية فيها» وأضاف «ما زالت لدي حاملة طائرات واحدة هناك، واحذر أي عدو قد يخال إنها فرصة لاستغلال هذا الوضع من هذه الفكرة السيئة إن أمرنا الرئيس بالتحرك»، في اشارة واضحة الى إيران. وقال «لدي ما يلزم لجعل هذا اليوم أطول أيام العدو واسوأها. وسنرسل حاملة الطائرات الثانية الى هناك سريعا للدعم». مشيرا إلى إمكانية انطلاق حاملة طائرات ثانية هي «يو أس أس هاري ترومان» في أقل من 21 يوما ويمكنها الوصول الى الخليج في 14 يوماً. وقال «كنت على متن حاملة الطائرات وتحدثت مع الاميرال كيفين سويني قبل أسبوعين، وأكد لي أن سلاحه الجوي والبحري مستعد للانتشار ضمن مهلة قصيرة».
وتقوم حاملة الطائرات «يو أس أس جون ستينيس» الى جانب عدد من المدمرات وسفن اخرى بدوريات في مناطق استراتيجية في الخليج مقابلة لإيران. وينتظر أن تحل محلها حاملة الطائرات «يو أس أس دوايت أيزنهاور» الموجودة حالياً في البحر الأبيض المتوسط.
Leave a Reply