الفاتيكان – تصاعد الدخان الأبيض من الفاتيكان معلناً إنتخاب الأرجنتيني خورخيه ماريو برغوليو بابا للكنيسة الكاثوليكية في العالم خلفاً للبابا بنديكتوس السادس عشر.
البابا |
ففي تمام الساعة السابعة والدقيقة الخامسة من مساء الأربعاء الماضي بتوقيت الفاتيكان تصاعد الدخان من مدخنة كنيسة «السيستين»، المكان المغلق الذي اجتمع فيه كرادلة المجمع المقدس لانتخاب البابا الـ٢٦٦.
وبعد انبعاث الدخان الأبيض تصاعدت هتافات الفرح من قبل الحشد المتجمع في ساحة الفاتيكان، وقرعت أجراس كنيسة القديس بطرس لتؤكد ان بابا جديداً قد انتخب.
وانتظرت الحشود المتجمّعة في ساحة القديس بطرس وهي ترفع الأعلام وتهتف «أصبح لنا بابا» و«يحيا البابا» على وقع قرع الأجراس، حوالي ساعة لمعرفة اسم البابا الجديد، وهو تأخير يعود إلى التقليد الكنسي الذي يفرض انتظار موافقة رأس الكنيسة الكاثوليكية الجديد على القبول بمهمته الجديدة، واختيار اسم له وارتداء ثوبه البابوي.
بعد فترة الانتظار، ظهر الكاردينال الفرنسي جان لوي توران ليعلن انتخاب الكاردينال الارجنتيني خورخي ماريا برغوليو على رأس الكنيسة الكاثوليكية، بعد أن أطلق الإعلان الرسمي الشهير «Habemus Papam» («أصبح لدينا بابا»)، ليطل بعدها البابا الجديد، الذي اختار اسم البابا فرنسيس الأول، من على شرفة كاتدرائية القديس بطرس ملقياً البركة الرسولية على المؤمنين.
والبابا الجديد من مواليد 17 كانون الأول العام 1936، وهو ابن لوالدين إيطاليين مهــاجرين من منطقة بيمونتي إلى أميركا اللاتيــنية. وكــان أبوه يعمل في السكك الحديدية، أما والدته فكانت ربة منزل.
تخصص برغوليو في مجال علم الكيمياء، ولكنه ما لبث أن دخل السلك الكهنوتي في أحد أديرة الرهبنة اليسوعية، وأصبح كاهناً للمرة الأولى في العام 1969. درس الآداب، وحصل على إجازة في الفلسفة. وبعد فترة من التعليم الخاص، أكمل دراسات في اللاهوت، قبل أن يكمل أطروحته للدكتوراه في مدينة فرايبورغ الألمانية. وقد ألف كتباً لاهوتية عدة.
تولى برغوليو منصب أسقف العاصمة الأرجنتينية بوينس أيريس منذ العام 1998، وقد رفع إلى رتبة كاردينال في العام 2001. وعلى الرغم من هذه المسيرة، بقي الرجل «متواضعاً جداً» و«وديعاً جداً» بحسب الأب ماركو. ينهض في الساعة 4:30 صباحاً وينهي يومه في الساعة التاسعة مساء.
قربه من الفئات الأرجنتينية الفقيرة والمهمشة لم يؤثر على مسيرته الكهنوتية، بل ربط ما بينهما، ويبدو أنّ أيديولوجيات القرن الماضي لم تؤثر عليه في هذا المجال، فقد نأى بنفسه عن لاهوت التحرير الذي اجتاح أميركا اللاتينية منذ أواخر الستينيات. وفي حين يُعرف عن البابا الجديد أنه مقلّ في الكلام، إلا ان ذلك لم يمنعه من أن ينتقد بشدة فساد الطبقة السياسية وأزمة القيم في الأرجنتين.
ومعروف عن البابا فرنسيس حياته الهادئة في بوينس أيرس، حيث عاش حياة بسيطة. وهو رفض المكوث في البيت الفخم المخصص له، مفضلاً الإقامة في شقة صغيرة قرب كاتدرائيته. يقول عنه المتحدث السابق باسمه الأب روبرتو إنه «يستيقظ يومياً عند الساعة الرابعة والنصف صباحاً ويقرأ كثيراً»، موضحاً أنه «لا خدم لديه، ولا يملك سيارة خاصة. قد تجده متنقلاً في المترو، أو جالساً في آخر صف الاجتماعات. ويعرف كيف يصمت وكيف يتكلم. وهو يهتم بالمقرّبين منه كثيراً، ولا يعطي أحاديث صحافية بالرغم من أنه متابع دقيق للصحافة».
عانى البابا الجديد من أزمات صحية عدة، فهو يعيش على رئة واحدة منذ أن كان عمره 20 عاماً.
وفي عهد الديكتاتورية الأرجنتينية (1976-1983) سعى للإبقاء على وحدة اليسوعيين، وشدد على ضرورة إبعادهم عن السياسة، لكن خصومه يتهمونه بأنه لم يواجه قمع الديكتاتورية، قائلين أنه سلم شخصين على الاقل للنظام القمعي وقتها.
هو قارئ كبير للشاعر الأرجنتيني خوسي لويس بورغيس وللكاتب الروسي فيودور دوستويوفسكي، ويهوى الأوبرا، ومشجع كبير لفريق «سان لورنز» الأرجنتيني لكرة القدم. واجه في العام 2010 بشدة القانون الذي يسمح زواج المثليين في الأرجنتين، وفي العام 2012 انتقد رجال الدين الذين رفضوا تعميد الأطفال غير الشرعيين، واصفاً إياهم بـ«الدجالين».
ليس لدى البابا الجديد سيارة ويتنقل بواسطة وسائل النقل العام وتخلى عن شغل مقر إقامة الأساقفة الفخم في بوينس ايرس، يقال عنه أنه يولي عناية كبيرة لحاجات مساعديه الذين يمكنهم أن يتحدثوا إليه في أي لحظة عبر الهاتف، وهو لا يعطي مقابلات على الرغم من أنه قارىء منتظم للصحف.
وبحسب المعلومات التي تسربت عن المجمع الإنتخابي الأخير في 2005، كان خورخي برغوليو آخر كاردينال واجه بنديكتوس السادس عشر قبل فوز الأخير بمنصب البابوية.
وفي اول كلمة له بعد إطلالته من على شرفة الفاتيكان، قال البابا الجديد فرنسيس الاول «الكرادلة استدعوني من آخر أصقاع الدنيا».
ودعا البابا الجديد المؤمنين الى «السير على طريق الاخوة والمحبة» و«التبشير بالانجيل». وطلب من الحشود الوقوف دقيقة صمت وقال «صلّوا من أجلي وامنحوني بركتكم». وتابع «فلنصلِّ للرب كي يبارك وللسيدة العذراء كي تحفظ»، مضيفاً «فلنصل جميعاً الواحد منا للآخر وللعالم كي تكون هناك اخوة شاملة». وأعلن الفاتيكان أن البابا فرنسيس سينصّب رسمياً على رأس الكنيسة الكاثوليكية في التاسع عشر من آذار الحالي.
Leave a Reply