هذه التجربة ليست نادرة في علاقة العرب الأميركيين مع المصارف، حيث تلقت «الرابطة العربية الاميركية للحقوق المدنية»، ومقرها ديربورن، أكثر من عشرة بلاغات عن اقفال حسابات مصرفية في العديد من البنوك في المنطقة بشكل تعسفي، وبناء عليه قامت الرابطة بارسال مذكرة احتجاج الى طوماس بيريز وهو نائب وزير العدل الاميركي لشؤون الحقوق المدنية للتحقيق في هذه المعاملة غير الدستورية.
وتعتقد الرابطة أن القضايا التي تنظر فيها ليست حوادث منفصلة إنما تأتي في سياق ظاهرة تستهدف العرب الاميركيين، وعليه خصصت خطاً ساخناً
للمتضررين بمثل هذا الاجراء 313.633.0890 للاتصال والإبلاغ عن إقفال حساباتهم المصرفية بشكل تعسفي.
وقد عقد رئيس «الرابطة»، المحامي نبيه عياد، والمديرة التنفيذية رنا عباس مؤتمراً صحفياً مساء الثلاثاء الماضي لشرح جهود المؤسسة الحقوقية في هذا الشأن، وذلك بحضور الرز ونزيه جواد وهما من رجال الاعمال في ديربورن الذين تم إقفال حساباتهم المصرفية.
وقال الرز، وهو صاحب متجر «جينا ساوند ستايدج» في ديربورن، إن المسؤولة في بنك «فلاغستار» أخبرته انها تشك فيه كونه تلقى تحويلات مالية من ابنائه في لبنان، وإنه وشيققه حوّلا 20 ألف دولار بين حساباتهما المصرفية داخل البنك.
وقال الرز إنه أخبر المسؤولة إن أبناءه أرسلوا له المال بهدف شراء منزل لهم في أميركا قبيل مجيئهم، وإن تحويل الاموال بين حسابه وحساب شقيقه كان نتيجة شراء معدات تجارية. ولكن المسؤولة تمسكت بقرار إغلاق الحسابات لأنه يحق لها القيام به. وبسؤالها ما إذا اقفلت الحسابات بسبب أصوله العربية، قال الرز في المؤتمر الصحفي الذي عقد في مقر الرابطة «إنها لم تنف ذلك»، وحينها حاول الاتصال برئيسها في العمل لكنه لم يرد عليه.
من جانبه، قال جواد، وهو صيدلي يملك مصالح تجارية في ديربورن وديترويت إن بنك «هانتغتون» أقدم على إغلاق حساباته المصرفية «دون أن يرتكب أي شيء يوجب ذلك».
وأكد جواد أن خطوة المصرف سببت له شعوراً بالإهانة مؤكداً أن «في اميركا المرء غير مذنب ما لم تثبت إدانته.. ومن حقنا معرفة الاسباب وراء هذه الإجراءات».
من ناحيته، كشف عياد أن «الرابطة» تلقت شكاوى من عرب أميركيين أقفلت حساباتهم المصرفية في بنوك «تشارتر وان» و«تشايس» و«كوميركا».
وأعلنت عباس ان الرابطة خصصت «خطاً ساخناً» لتلقي الشكاوى حول الإجراءات التعسفية من قبل ابنوك مؤكدة أن الحسابات الفردية والتجارية للعرب الاميركيين مستهدفة وأن هذا الاجراء طال عائلات برمتها. وأضافت «هذه البنوك ينبغي أن تتمتع بالمصداقية في اوساط الناس». وعرضت الرابطة رسالة من بنك «هانتغتون» لاحد الاشخاص تفيد باقفال حسابه وهي مؤرخة في 4 شباط (فبراير) الماضي، وتقول الرسالة إن حساب الشخص، الذي لم يكشف عن هويته، سيتم اقفاله في 11 من الشهر نفسه مع عبارة تقول «حسابك يمكن إقفاله في أي وقت من طرفك أو طرفنا».
وجاء في الرسالة: «في حال عدم اقفال العميل لحسابه يقوم البنك باقفاله وارسال شيك بالمبلغ لصالح العميل»، وتضمنت الرسالة عبارة «هذا القرار تمت مراجعته من الادارة وهو قرار نهائي»، وقد خصص للزبون رقم هاتف في أوهايو لطرح أي تساؤلات حول الموضوع.
وقد تركز الاهتمام في المؤتمر الصحفي الذي عقد في مكتب الرابطة، على الجهة التي تتخذ قرارات اغلاق الحسابات، وهي جهات خارج نطاق الفروع المحلية لهذه البنوك، التي تعرب بعض إداراتها عن استيائها لاقفال حسابات زبائن عندها منذ زمن طويل.
وكانت عباس قد بعثت برسالة الى بيريز قالت فيها ان الرابطة تعتبر ان الامتناع عن ذكر الاسباب وراء اقفال الحسابات المصرفية لعرب اميركيين، يعني ان هذا الاجراء مرتبط بـ«رسائل امنية وطنية» اعتبرها قاض فدرالي في مقاطعة شمالي ولاية كاليفورنيا مؤخرا بانها غير دستورية في حالات كهذه -اغلاق الحسابات المصرفية- وان هذه الاجراءات من جانب البنوك ترقى الى«التنميط العرقي».
وقال عياد «هذه إجراءات غير ضرورية وغير عادلة وتتنافى مع المبادئ.. إنها انتهاك للدستور». وأضاف ان هذه الإجراءات التعسفية «تعيدنا الى التمييز العنصري الذي كان سائدا في اميركا في اواسط القرن الماضي، فالزبائن العرب قيل لهم: شكراً -دون شكر- إذهب بعملك التجاري بعيداً عنا.
وقد ربط عياد هذه الاجراءات بقائمة الممنوعين من السفر جوا التي كانت اصدرتها الحكومة الفدرالية ولم تحدد للمدرجين فيها السبب وراء وضعهم على تلك اللائحة. وقال عياد ان الرابطة تلقت عدة شكاوى الشهر الماضي اعتبرها «مسألة غاية في الاهمية.. وهي ليست حالات منفصلة».
واعتبر عياد أن مئات العرب الأميركيين في المنطقة وأميركا قد تأثروا بهذه الإجراءات مؤكداً أنه في حال تأكد هذا الاعتقاد لدى الرابطة سترفع دعوى جماعية ضد البنوك. وأضاف «علينا أن نفعل شيئا ضد هذه الإجراءات، نعلم ان لديهم اموال طائلة ومكاتب محاماة مرموقة، لكننا سنواجههم». مضيفاً «يكفي جاليتنا ما لاقته من التنميط والتشويه في أعقاب أحداث «١١ أيلول» الارهابية والتي يبدو ان تبعاتها السلبية مستمرة منذ 11 عاماً.
ووصف عياد اقفال الحسابات بأنه أمر مهين ومحرج، وكأن لسان حال البنوك يقول للزبائن العرب: إذهبوا الى الجحيم.
Leave a Reply