واشنطن – يسعى البيت الأبيض في سياق خطته للإطاحة بنظام حكم الرئيس السوري بشار الأسد، إلى تشكيل تحالف دولي يضم دولا عربية وإقليمة وغربية.
ويشير مسؤولون إلى أن أولى الخطوات في هذا الشأن تتمثل في دعوة الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى كل من رئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان وأمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني (23 الجاري) وملك الأردن عبد الله الثاني (26 الجاري) للإجتماع بهم على التوالي في وقت لاحق من الشهر الجاري في البيت الأبيض. كما سيجتمع أوباما مع ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد في 16 أيار (مايو) وهو ذات اليوم الذي يجتمع فيه مع أردوغان.
وقال مسؤولون إن الاجتماعات الثلاثة قد تم تحديد موعدها لتتزامن مع انتهاء جولة وزير الخارجية الأميركي جون كيري الأخيرة التي شملت إسرائيل والضفة الغربية وتركيا وبريطانيا حيث كان الملف السوري من أبرز المواضيع التي تناولتها مباحثاته. وكان التقى في لندن مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف و عدد من أعضاء الائتلاف الوطني السوري المعارض. كما سيشارك كيري في اجتماع أصدقاء سوريا الذي سيعقد في اسطنبول يوم العشرين من إبريل الجاري والذي سيتناول بحث سبل الدعم للمعارضة السورية بما فيها الجماعات المسلحة.
وتهدف اجتماعات البيت الأبيض الثلاثة إلى وضع استراتيجية إقليمية موحدة حول كافة القضايا من إيران إلى سوريا وتسوية الصراع العربي الإسرائيلي. وقال الناطق باسم البيت الأبيض جاي كارني إن الرئيس أوباما «سوف يستخدم هذه المناسبات لمناقشة التطورات المعقدة في الشرق الأوسط الكبير، وليس فقط سوريا التي ستشملها المحادثات».
ويرى مسؤولون أن دور تركيا والأردن الحدوديتين مع سوريا في الشمال والجنوب هو حاسم لجهة دعم الجماعات السورية المسلحة التي تقاتل الحكومة السورية. فيما تقوم قطر والإمارات العربية المتحدة بدور أساسي في تمويل هذه الجماعات.وقال مسؤول أميركي «نريد تحالفا من شانه العمل معا حول مروحة واسعة من القضايا التي نرى أنها تزعزع استقرار المنطقة».
وكان النقاش حول موضوع هذا التحالف وتوسيع الدعم للمعارضة السورية قد اكتسب زخما يوم الأربعاء الماضي مع استعداد الولايات المتحدة لزيادة مساعداتها غير القتالية لجماعات الثوار وتزايد الضغط من أجل رفع حظر الاتحاد الأوروبى على إرسال الأسلحة لسوريا. غير أن مسؤولين أميركيين قالوا إن الرئيس أوباما لم يوافق حتى الآن على مجموعة محددة من الإجراءات، لكنه وافق مبدئيا على زيادة المساعدات لتشكيلات المعارضة السورية العسكرية التي قد تشمل معدات حربية مثل السترات الواقية ونظارات الرؤية الليلية لكن دون أن يتضمن ذلك أسلحة.
وقال مسؤول أميركي كبير «إن مساعداتنا تأخذ منحى تصاعديا وقد وجه الرئيس تعليماته لفريق الأمن القومي لتحديد إجراءات إضافية حتى نتمكن من زيادة المساعدات». ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» عن مسؤول أميركي قوله إنه يتوقع أن يوافق الرئيس أوباما الأسبوع المقبل على تقديم مثل هذا الدعم الإضافي المحدود للمعارضة السورية.
وكان البيت الأبيض نظم يوم الخامس من الشهر الجاري اجتماعا على مستوى عال شارك فيه مسؤولون من عدد من الوكالات الحكومية مثل وزارتي الخارجية والدفاع ووكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي أي) ومجلس الأمن القومي حيث أكد المجتمعون على أن عام 2013 هو حاسم لمساعي الإطاحة بنظام حكم الرئيس الأسد.
وقال مسؤولون إن الأردن سيقوم بدور رئيسي في أي حملة ضد الرئيس الأسد وإن اجتماع أوباما مع الملك عبد الله الثاني يوم 26 إبريل هو الثاني خلال شهر حيث سيجري بحث المساعدة الأميركية العسكرية والإنسانية التي ستقدم للأردن الذي كان طلب الحصول على مساعدة لا تقل عن نصف مليار دولار لتغطية نفقات النازحين السوريين في الأردن كما يخشى الأردن من تبعات استمرار الأزمة السورية وتجاوزها الحدود السورية الجنوبية خاصة مع اتساع دور جبهة النصرة، المرتبطة بالقاعدة وهو ما أثار احتمال تحول السيطرة على كثير من المناطق في سوريا إلى متطرفين إسلاميين إذا تمت الإطاحة بالرئيس الأسد وعزز من حجة المؤيدين داخل الحكومة الأميركية لتزويد العناصر المعتدلة في المعارضة السورية بالدعم.
وكان أعضاء المعارضة السورية الذين اجتمعوا يوم الأربعاء مع كيري بحضور وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ طلبوا الحصول على طائرات وأسلحة مضادة للدبابات. وقد أبلغهم كيري أن الولايات المتحدة تبحث عدداً من الخيارات لمساعدتهم لكنه لم يعدهم بأي دعم محدد في المستقبل. وإلى جانب تقديم مساعدات عسكرية غير فتاكة للمعارضة السورية قال مسؤولون عسكريون أميركيون إن الخيارات العسكرية الجديدة المحتملة التي بحثها اجتماع البيت الأبيض يوم السادس من الشهر الجاري تضمنت مقترحات قصف الطائرات السورية على الأرض واستخدام بطاريات الباتريوت المنصوبة في تركيا قرب الحدود السورية ضد منظومة الصواريخ السورية وفرض منطقة حظر جوي فوق سوريا. غير أن المسؤولين الأميركيين قالوا في الوقت نفسه إن مثل هذه الخيارات العسكرية تواجه عقبات تكنولوجية وقانونية خاصة في ظل الرفض الروسي والصيني والإيراني لأي تدخل عسكري خارجي مباشر في الأزمة السورية.
وقد أبدت روسيا قلقها من تعاون تشكيلات المعارضة السورية العسكرية مع مسلّحين من جبهة النصرة التي أقرّت يوم الأربعاء علانية ارتباطها بتنظيم القاعدة. وقالت نائبة المتحدث باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، إن ما يستدعي القلق أيضاً أن تصريحات زعماء المعارضة السورية عن تناقضات إيديولوجية مع جبهة النصرة لا يمنع كتائبهم المسلّحة من التعامل بصفة «أخوة السلاح» ومحاربة الحكومة السورية الشرعية يداً بيد مع الإرهاب الدولي.
وأكدت أن روسيا تدين الإرهاب بكافة أشكاله، مضيفة أنه في هذا الصدد، نأسف من أن مواقف بعض شركائنا على الساحتين الدولية والإقليمية من هذه الظاهرة تعكس ازدواجية في المعايير حين لا يعطى تقييم موضوعي لعمليات صريحة يقوم بها الإرهابيون. واشارت إلى أن موسكو قلقة جداً من ازدياد اهتمام القاعدة بسوريا وخطط الإرهاب الدولي المبينة لتحويل هذا البلد إلى معقلها الأساسي في المنطقة بهدف نشر نشاطها فيما بعد على البلدان الأخرى.
Leave a Reply