To educate a person in the mind but not in the morals
is to educate a menace to society
Theodore Roosevelt
«إن تعليم العقول دون صقل الأخلاق هو بمثابة إعداد شخص يهدد المجتمع».
ثيودور روزفلت
وصلت سفينة «ماي فلاور»، أو «وردة أيار» أولى سفن الحجاج المهاجرين (pilgrims) الى شواطىء أميركا وتحديداً ولاية ماساتشوستس عام 1620، وكان على متنها قرابة مئة وعشرين شخصاً قادمين من إنكلترا بحثاً عن العيش الأفضل والحرية الدينية في العالم الجديد.
عام 1636، أي بعد ستة عشر عاماً فقط من بدء الهجرة الفعلية لمجموعات من النخب الأوروبية تم تأسيس «جامعة هارفرد» في مدينة كامبريدج في ولاية ماساتشوستس نفسها. هؤلاء المهاجرون الذين أتوا الى هذه البلاد لبناء مجتمع نموذجي لهم ولأبنائهم استطاعوا وبسرعة أن يشخِّصوا أن حجر الأساس لمجتمعٍ صالح هو المؤسسات التعليمية.
ربما لم يسمع هؤلاء أن الله سبحانه حين بعث خاتم رسله (ص) أمره في أوّل الوحي أن «إقرأ»، لكنهم بلا شك وعوا -بدون وحي- أن العلم هو العمود الفقري لأي مجتمع صالح وناجح وفعّال وقد كان لهم ما أرادوا.
لا يكون الإهتمام بالعلم في أن نرسل أبناءنا الى المدارس فقط، ولا يكون العلم في ان يحصلوا على درجات عالية، فالتعلّم ليس رياضيات وفيزياء وكيمياء ولغة فحسب. بل الإهتمام بالعلم يكون في التّطلع الى الأجواء والبيئة التي يقضي فيها الأولاد نصف يومهم، ومنها يكتسبون مهارات اللّياقة والأدب والكرامة واحترام الذات والذات الآخر.
في الولايات المتحدة ليست كل المدارس الحكومية متساوية وليست كلها ذات مستوى واحد في التعليم وحتى في أجوائها وانضباطها. وهذا الأمر ليس بسبب أحوال المنطقة التعليمية المالية، بل السبب الأبرز لتفوق هذه المنطقة التعليمية على تلك هو مدى اهتمام الأهل ومتابعتهم واضطلاعهم في متابعة أعمال المدارس ونشاطاتها وطريقة عملها.
في ديربورن هناك 32 مدرسة فيها 19000 طالب، وحسب تقرير غير رسمي حصلتُ عليه من قطاع المدارس في المدينة، نجد أن نسبة الطلاب العرب الأميركيين تزيد عن 70 بالمئة وتفوق 9٠ بالمئة في بعض المدارس والثانويات لاسيما في شرق وجنوب المدينة، حيث الكثافة العربية.
غير أن شبابنا وشاباتنا ليسوا بخير في الثانويات. يكفي أن تتطوع للجلوس في أحد صفوف الثانويات كما فعلت لإعداد هذا المقال لتسمع وتشاهد ما تشيب له الرؤوس. شباب وشابات يفترض أن يكونوا عماد هذا المجتمع ومستقبله، فرجاله ونساؤه الواعدون مشغولون بحديثهم وتصرفاتهم واهتماماتهم التي لا تمت بصلة الى التقاليد والقيم العربية والإسلامية. بل وأنا على يقين أنها تخجل عائلاتهم ان عرفوا بها. تكاد لا تصدق سمعك وعينيك حين تسمع فتاتين مراهقتين تتحدثان عن المشروبات الكحولية، أو ترى «بنات وأبناء العائلات» يجلسون في أوضاع مخلّة ومنافية لقيمنا وتقاليدنا. ولو انتظرت أكثر لربما يقدم لك أحدهم أحدث أنواع من المخدرات التي تروّج هذه الأيام.
هل هذا ما نريده لأبنائنا؟ ثم ما ذنب الطلاب المجتهدين المستقيمين الذين يصل أسماعهم وأنظارهم هذا الكم من الفساد والتفلّت. إن كنا حريصين على تربية أبنائنا وإحاطتهم بالعناية والرعاية فهل بإمكاننا أن نأمن عليهم وهم في أجواء كهذه؟
حين سألت بعض المعلمين والمربّين في مدارس ديربورن عن أسباب المشاكل وحلولها، كان الجواب شبه متطابق لدى الجميع: غياب دور الأهل وعدم التعاون الكافي مع إدارة المدارس، سواء أكانت إبتدائية أو متوسطة أو ثانوية.
هذا التقصير يبدو جلياً من لدن جاليتنا حين ترى أن مجلس المدارس ليس فيه سوى عربي-أميركي واحد فقط من أصل سبعة أعضاء.
هذا الخلل أيضاً تتحمل مسؤوليته المراكز الدينية التي لم تستطع أن تواكب جيل الشباب وأن تكون حاضناً وموجهاً فعالاً له، وباستثناء تحفيظ أبنائنا بضعة آيات قرآنية وبث البعض للفكر المذهبي في نفوسهم البريئة. والأمر أيضاً برسم النخب في مجتمعنا التي لم تستطع بعد أن تنشئ صرحاً تعليمياً لائقاً يرقى بهم ويكون سلماً للنهوض بالعرب-الأميركيين، لا كأفراد فقط، بل كجماعة فاعلة في نسيج هذه البلاد الحضاري.
إن أبناءنا بحاجة لأن يشعروا أن لهم حضناً وحصناً يلجؤون اليه، يصوّبهم إذا ما أخطأوا ويوجههم إن عصفت بهم الأنواء الغريبة في هذه البلاد. إنهم بحاجة الى ظهيرٍ حامٍ يستندون اليه ويتقوون به ليصبحوا رجالاً أشدّاء ونساء مُرَبّيات نفخر بهم.
s-alameen@hotmail.com
Leave a Reply