ذكرَتْ الأخبار عن «الدُّمية» التي تحاول أنْ تُشكِّلَ حُكُومةً لا يعرفْ إلَّا الله سُبحانَه وتعالى، والراسخون في العلم ما هو شكلُها ودورُها وأعضاؤها، إنَّ لُعبة فؤاد السنيورة من خلفه باعتباره المُكلَّف الفعلي بالتأليف هي إجبار «حزب الله» على تقديم تنازلات تتلخَّص بالوضع في سوريا أو في السلاح أو في صيغة البيان الوزاري! هذه خيارات ثلاثية (multiple choice) على الطريقة الأميركية، على المقاومة أنْ تنتقي واحداً منها وإلا.. لا مُشاركة في الحكومة بتاتاً.
بلد الخربة الذي لا يعرف ما ينفعه أو يضُرُّه إذاً يريد أنْ يُنفِّذَ ما أمَرَه به المندوب السامي لمجلس التعاون الخليجي الذي وضع أمام المقاومة خيارين لا ثالث لهما: الحكومة أو سوريا، فتلقَّف الأمر نحيب قيس الميقاتي الُملوَّح الذي أنزل الدمع من عيني مِدرارً وهو يتغزَّل بالأمين العام لمجلس الوزراء غيرالشرعي، سهيل بوجي، في حفل وداع في السرايا الحكومية. لقد فجَّر مآٓقينا الميقاتي الوَلْهان عندما كشَفَ لنا كم ساعده هذا الموظَّف اللاقانوني. لكنَّ استغرابنا الأَكبر في حفلة التكاذب الوداعية هذه ينبع من حقيقة أنَّ ميقاتي لا يحفظ جميلاً لأنَّ حوت المال والعُرفان خطَّان لا يلتقيان وَإِنْ التقيا، فلا حوْلَ ولا قُوَّة الاَّ بالله! فهاهو المفتي قبَّاني المسكين ترَكَه الميقاتي وحيداً في المعركة أمام أراجيف وسهام الزرقاويين، وعلى رأسهم فؤاد السنيورة، مع أنَّ نصف مشاكل المفتي مع ناكري جميله السابق عليهم بدأت عندما حَمَى الميقاتي يوم الغضب الساطع الآتي من الرؤوس الحامية الى درجة حَظْر الصلاة وراء المفتي فسبحان مُغيِّر الأحوال! لذا لا «يُقرِّق» ميقاتي علينا ويوهمنا إنَّه ترك جنَّة الحُكم من اجل شخص مثل أشرف ريفي!
وإزاء شروط السنيورة ومسرح الدمى اللُبناني، إذا تهاون أهل «٨ آذار»بهذا الأمر يكونوا قد ارتكبوا الخيانة العُظمى أَمامَ الله والتاريخ والشعب. بل عليهم بدَلاً عن ذلك، أنْ يلغوا مُعادلة الشعب والجيش والمقاومة ويستعيضوا عنها بمعادلة السلاح وسوريا والبيان الوزاري وإلا لا حكومة ولا من يحكمون وكفى استرخاءً ومراعاةً وتمشيط ذقون. البارحة سَبَّ أحمد الأسير مُجدَّداً بعد أنْ أُعطيَ تحاميل ومُقوِّياتٍ مالية من قطر عبر تُركيا وقال بالحرف «تفو على الجيش اللُبناني»، ويريد أنْ «يدقّ» بمجمَّع الزهراء الديني في صيدا بعد ان أعْيته «الشقق» وربَّما غداً سيتظاهر ضد حاكورة ضيعتنا. والدولة العاجزة عن تحرير اللبنانيين المسجونين في أعزاز، مثل الأطرش بالزفّة!
إنَّ المُقاومة اهم ما في لبنان، هذا البلد الذي يُشبه تلاميح وطن، كانَ أقلَّ من «ضيعة ضايعة» قبل المقاومة. كان لبنان مسكيناً يتيماً سائباً يقتات على فتات موائد الأمل العربي العاجز والواهم بوضع استراتيجية عربية مشتركة (مَنْ يذكر هذه الكذبة؟) تجاه العدوانية الإسرائيلية ثُمَّ تبيَّن أنَّ نصف أيدي الحُكَّام العرب كانت مع العدو في السَّر، أمَّا اليوم، فعلى عينك يا تاجر (الفاجر).
لا أحد على الإطلاق قادرٌ على حماية لُبنان إلا سَوَاعدَ المقاومة وسلاحها وصواريخها و«أيُّوبها» (من يذكُرْ كيف إستنْفَرَتْ «قُرطة حنيْكر» على طائرة الإستطلاع أكثر من إسرائيل نفسها؟)، والدليل نظرية بيار الجميِّل العبقرية بأنَّ قوَّة لُبنان في ضعفه، و«وطنيَّة» سَعد حَدَّاد وأَنطوان لحد وعقل هاشم ودموع السنيورة وشاي عدنان داوود وأحمد فَتْفَتْ الذي أعطاه أحَدُهم براءة ذِمَّة وعَفْواً مَجَّانياً (free ride) من دون مُحاسبة ولا عِقابٍ حتّى اليوم، وهو بسبب ذلك يظل يُعيِّرنا في كُل مناسبة وبكلّ عينٍ وقحة.
لقدْ ظَهَر أنَّ المُكلَّف ليس تمَاماً وليس بَرْداً أو سَلاماً بدليل أنَّه محدودٌ في الدور المرسوم له بعنايةٍ فائقة الى درجة أنَّه وصَلَ به الجُبن إلى عدم الإتصال بمكوِّناتٍ أساسية لا يستقيم البلد العاق من دونها، ومن ضمنها فريقا المُقاومة والعِماد عَوْن. لقد صحَّ حدس الجنرال السياسي وتيقُّظ الزعيم سليمان فرنجيّة بعدم تسمية سلام لهذه المُهمّة التي تتطلب رجالاً أحراراً من صنفِ الرئيس سليم الحُصْ وعُمر كرامي. لقد تُرك عون وفرنجية لوحدهما في الميدان وكأنَّهُما استثناءً يخرق الوفاق والتوافق الذي حاز عليه تمَّام ولم يسبقْه عليه إلا السنيورة الذي خان العهد وكانت حكومته البتراء، بعد إستقالة نصف الشعب اللبناني منها، من أسْوَأ الحكومات ولو سُمِّيتْ خطأً بحكومة المقاومة السياسية. فلا يعني شيئاً حصول شخص على أكبر نسبة من أصوات النواب العاطلين عن العمل، بل قد يكون ذلك حافزاً له على صَلَفٍ وغرور أكبر. إنَّ استفراد عون وفرنجية هو عيبٌ جديدٌ على الصف الوطني. كما لا يقنعنا أحد أنَّ هناك صراعاً بين خطَّين سعوديين مما يفسِّر تناقض وتذَبْذُب سَلَام بين حكومة تكنوقراط من غير المرشَّحين يضع هو أسماءهم، الى الطلب من الفُرقاء إعطاءه أسماءً ليختار منها، الى تأليف حكومة «أوادم» أي أنَّ الباقين خارجها سيكونوا حتماً زعراناً! وبعد الضجَّة التي أُثيرت نتيجة أسلوبه المُستهجَن، بادر تمَّام، على مضضٍ وبخجل، بالاتصال واللقاء غيرالمُثمر مع أقطاب «١٤ آٓذار» من اجل رفع العَتَب، وحتى يُغطِّي على لقائه الحميم، رغم إطفاء محرِّكاته المُعطَّلة أصلاً، مع مورا كونيللي المندوب السامي الأميركي التي لم تنس أنْ «تنصَحْه» بأنْ تكونَ الطبخة الحكومية لُبنانية، أي أن يكون الطبَّاخ هو بندر ومن دون تضمين مُكوِّن أساسي في البلد. هذه هي اللُبنانية الحقَّة! تباً لهذه الطبخة «الشايطة» من أوَّلها!
بلبنان «ما في طبخة بتزبط يا خَيِّي»!
Leave a Reply