دمشق – تسارعت التطورات على الساحة السورية خلال الأسابيع الماضية، إن كان ميدانيا عبر مواصلة القوات السورية تحقيق إنجازات نوعية على طول الجبهة الممتدة من دمشق إلى طرطوس، بهدف تقطيع أوصال المناطق التي يسيطر المسلحون عليها، أو سياسيا عبر تواصل «التخبط» الأميركي في التعاطي مع الأزمة السورية في ظل تمسك روسيا بموقفها الداعم للرئيس بشار الأسد.
أما عربياً، وقد أصبح دور «الجامعة» غير فاعل، برز إعداد القاهرة لاجتماع جديد للجنة «الرباعية» التي تضم مصر والسعودية وإيران وتركيا، لبحث إمكانية توسيعها لإيجاد «حل سياسي» للأزمة السورية، ولكن الآمال المعقودة على هذا التحرك تظل محدودة مع عدم اكتساب هذه الخطوة أي اهتمام دولي.
أميركياً ازدادت الضبابية حول موقف واشنطن من مسألتي «الأسلحة الكيميائية» و«تسليح المعارضة»، وقد قال وزير الدفاع الأميركي تشاك هايغل، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره البريطاني فيليب هاموند في واشنطن، ردا على سؤال عما إذا كانت واشنطن تعيد النظر في رفضها تسليح المعارضة السورية، «نعم». واضاف «أنت تنظر إلى الأمور وتعيد النظر في كل الخيارات. هذا لا يعني أنك تفعل أو ستفعل»، إلا انه أشار إلى أن أي قرار لم يتخذ في هذا الصدد بعد، مضيفا انه لم يقرر شخصيا بعد ما اذا كان من الحكمة تقديم أسلحة إلى المعارضين.
وبدوره، أعلن أوباما، من المكسيك، أن تعليقات هايغل تعكس ما كان يقوله منذ أشهر، معتبراً أن النظام السوري يتلقى أسلحة قاتلة ومساعدات من دول أخرى، مشيراً إلى أن واشنطن تريد بحث كل الاحتمالات قبل التدخل في سوريا، والتأكد من أن ما ستقوم به «لن يؤدي إلى أن يسوء الوضع».
أما حول استخدام أسلحة كيميائية، فقد سجل أوباما تريثاً في هذا الإطار، حيث قال أن «لدينا الآن دليل على إستخدام أسلحة كيميائية داخل سوريا.. لكننا لا نعلم حتى الآن كيف ومن استخدمها». وأكد أوباما في مؤتمر صحافي أن الولايات المتحدة «ستعيد النظر» في موقفها إذا ثبت أن النظام السوري استخدم أسلحة كيميائية ضد المعارضة.
وفي نيويورك، قال المندوب السوري لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري، في مؤتمر صحافي، إن استخدام الأسلحة الكيميائية ليس «خطا احمر فقط بل دم احمر» لا يمكن التساهل معه، مكررا مطالبة السلطات السورية من الأمم المتحدة بإجراء تحقيق باتهامها المعارضة باستخدام «الكيميائي» في بلدة ريف العسل في حلب. وأعلن ان لدى السلطات السورية جثثا وإثباتات على انه تم استخدام أسلحة كيميائية في خان العسل. وأوضح أن دمشق تطالب بالحصول على أدلة تثبت استخدام أسلحة كيميائية ضد المعارضة في حمص قبل السماح للأمم المتحدة بإجراء تحقيق فيها.
وكان لافروف قد حذر من استخدام موضوع أسلحة الدمار الشامل من أجل إسقاط النظام في سوريا. وقال لافروف في مؤتمر صحفي اليوم الإثنين إنه «توجد دول وقوى خارجية تعتبر كل الوسائل جيدة لإسقاط النظام السوري، لكن موضوع استخدام أسلحة الدمار الشامل خطير للغاية»، مؤكداً أن «استخدام هذا الموضوع أمر غير مقبول». واعتبر الوزير الروسي «أن مثل هذه اللعبة الجيوسياسية تعرقل التحقيق في حادث استخدام السلاح الكيميائي الذي وقع بسوريا في 19 آذار (مارس) الماضي» متهماً بذلك «دولاً تحاول منع الأمين العام للأمم المتحدة من الرد المباشر على الطلب المحدد الخاص بالتحقيق في هذا الحادث».
ومع عودة الروح للمفاوضات الروسية -الأميركية تحت وطأة التقدم الميداني الكبير للجيش السوري، استبق وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف اجتماعه المرتقب مع نظيره الأميركي جون كيري، في موسكو الثلاثاء المقبل، بالإعلان أن «مواقف روسيا والولايات المتحدة، بالرغم من أهميتها، لا تحسم الوضع في سوريا». وقال لافروف، في مؤتمر صحافي مع نظيره الهنغاري يانوش مارتوني في بودابست، إن «روسيا تعد حاليا ردا على رسالة الرئيس الأميركي باراك أوباما التي وجهها إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الشهر الماضي»، مضيفا أن «اللقاءات مع كيري ستكون مفيدة جدا بالنسبة لإعداد هذا الرد».
وكانت وزارة الخارجية الروسية قد أعلنت في بيان الثلاثاء الماضي أن الوزير كيري سيقوم بزيارة عمل لروسيا يومي 7 و8 أيار (مايو).
أما على المستوى الميداني، فقد تابع الجيش السوري عمليته الموسعة في العاصمة وريفها ومحافظة حمص وصولا الى محافظة طرطوس. فبعد أيام على استرداد القوات السورية بلدة العتيبة الإستراتيجية في ريف دمشق وإحكام الطوق حول الغوطة الشرقية، بدأ الجيش السوري عملية واسعة تهدف إلى طرد المسلحين من أحياء جوبر وبرزة والقابون، بينما يواصل الجيش السوري مدعوماً بجيش الدفاع الشعبي عملياته في ريف القصير قرب الحدود اللبنانية، مضيقا الخناق أكثر على المسلحين فيها.
وفي حمص أقر مسلحون ومعارضون بسيطرة القوات السورية على حي وادي السايح وسط حمص. ويربط الحي بين معقل المسلحين المحاصرين في الخالدية بالمدينة القديمة. كما سيطرت القوات السورية على بلدة القيسا الى الشرق من دمشق، ما يخلق محورا يقطع محاولات الدخول إلى العاصمة من الشرق كما يقطع خطوط الإمداد بالسلاح عبر الحدود الأردنية.
وفي سياق آخر، أفادت دراسة سورية خاصة بأن عدد المساكن التي تعرضت للدمار الكامل على مستوى البلاد، إلى ما قبل شهر من الآن بلغت نحو 535 ألف منزل تقريبا، تبلغ تكلفة إعادة إعمارها نحو 68 مليار دولار، وتسببت بتشرد ثلاثة ملايين مواطن تقريبا.
Leave a Reply