«ديترويت معسرة ماليا بوضوح»، هذه خلاصة تقرير مدير الطوارئ في المدينة الذي عينته حكومة ولاية ميشيغن لانتشال مدينة السيارات من خطر الإفلاس. فقد قدم كيفين أور مطلع الأسبوع الماضي أول استعراض للوضع المالي للمدينة، منهياً بذلك المرحلة الأولى من مهمته التي بدأها رسميا في آذار (مارس) لمعالجة العجز الهائل في ميزانية المدينة والنقص الحاد في السيولة الذي بلغ مستوى سلبي عند 162 مليون دولار.
وأشار تقرير أور إلى ان الإنفاق تجاوز الإيرادات في الفترة بين عامي 2008 إلى 2012 بما متوسط 10 ملايين دولار سنوياً، فيما أكد أن العجز في ميزانيتها من المتوقع أن يبلغ 386 مليون دولار خلال أقل من شهرين.
ويرى التقرير أيضا أن النفقات لا زالت تتجاوز الإيرادات على الرغم من خفض التكاليف، والأموال المحصلة من إصدارات ديون طويلة الأجل.
وقال أور «بعبارة، أخرى ديترويت تنفق أكثر مما تأخذ.. وهذا هو الإعسار الواضح على أساس التدفق النقدي».
وقد منح أور نفسه مهلة ستة أسابيع، قبل الإعلان ما إذا كانت ديترويت بإمكانها تسوية أوضاعها المالية بعيدا عن إشهار الافلاس تحت الفصل التاسع. وقال مدير الطوارئ في مؤتمر صحفي عقده الأثنين في مقر صحيفة «ديترويت فري برس»، أن هذه المهلة بمثابة مقياس لمعرفة ما إذا هناك شركاء مستعدون للتفاوض للخروج من المأزق المالي الذي تعاني منه ديترويت خارج نطاق القضاء.
وأضاف «العملية قد تستغرق وقتا أطول، ونحن مستعدون لمواصلة الطريق إذا ما لمسنا بعض التقدم، وعلى عكس ذلك لن نضيع فصل الصيف في محاولات يائسة». وحذر أور من أنه لن يستجب لأطراف طالما دعت إلى تأجيل الحلول، وقال إننا سنقيم الوضع في غضون 30–60 يوماً قادمة لنعرف أين نقف وما إذا كنا نحقق تقدماً، وما إذا علينا أن نسلك طريقا آخر. وقال «إن الطريق الآخر ستكون تكاليفه باهظة وطويلة ومريرة في حال اللجوء إلى إشهار إفلاس البلدية وفق الفصل التاسع»، وهذا طريق لا يحبذه المسؤولون في البلدية والولاية.
وتضمن تقرير أور أن المدينة ترزح تحت طائلة ديون متراكمة تصل إلى 15 مليار دولار، وعجز متراكم في الموازنة يصل إلى 380 مليوناً، في خضم توقعات بتراجع العوائد ونزوح للسكان. وقال أور إن المناقشات في الاسابيع القادمة ستتركز على موضوعات رئيسية: المطالبات بعيدة المدى في ذمة البلدية، العجوزات قصيرة المدى، الخزائن الخاوية لصناديق الرعاية الصحية والمعاشات التقاعدية، القصور في تسديد دفعات الديون، والموضوعات المعقدة المتعلقة بعقود العمل بين البلدية و48 من الاتحادات العمالية. وقال «هذه موضوعات كبيرة، علينا التوصل فيها إلى تسويات حاسمة في شأنها».
ومضة أمل
لكن أور عاد وأعرب عن ثقته بإمكانية إصلاح الوضع المالي لديترويت، قائلا إنه «متيقن من هذا»، أكثر من أي وقت مضى، لكنه حذر من أن خيار إعلان الافلاس لا زال مطروحا على الطاولة.
وأشار أور خلال مؤتمره الصحفي إلى أنه سيسعى ألا تنعكس أجواء هذه المرحلة على جهود تنشيط الاستثمار في المدينة وخلق بيئة مرحبة بالاستثمار وصولا إلى تحقيق ازدهار تجاري، مؤكدا أن برامج طموحة كهذه من الصعب تنفيذها في ظل الأزمات التي تواجهها حكومة ديترويت المتعلقة بتوفير الخدمات الاساسية كالشرطة والاطفاء والمواصلات والترفيه.
وطرح أور إمكانية خصخصة خدمات تقوم بها البلدية مثل جمع القمامة، مؤكدا أن تلزيم بعض الخدمات للقطاع الخاص سيحد من الانفاق ويوفر خدمة أفضل للأهالي.
رسم أور صورة قاتمة لوضع ديترويت المالي في تقريره عقب 45 يوما من تعيينه مديرا للطوارئ المالية في المدينة، جاء فيه أن الرواتب التقاعدية تلتهم ثلث الموازنة سنويا وأن العجز المتراكم يقارب 600 مليون دولار في ظل عدم قدرة البلدية على مزيد من الاستدانة لسد العجز في موازنتها التشغيلية.
وأعلن المتحدث الرسمي باسم أور، بيل ناولينغ، أن التقرير ليس هدفه وضع خريطة طريق للخروج بديترويت من أزمتها المالية، بل هو تمهيد لهذه الخطوة التي ستتحقق في غضون 60 – 90 يوما القادمة. مؤكدا أن التقرير بمثابة تشخيص للحالة المالية البائسة التي تعاني منها ديترويت، والتي لخصها ناولينغ بالقول «إننا إذا ما أوقفنا الخدمات المقدمة للسكان وعطلنا عمل البلدية واقتصر عملنا على جمع الضرائب، فإننا بحاجة إلى 20 عاما لتسديد ديون المدينة.. وعليه فإننا بحاجة إلى إعادة هيكلة عمليات التشغيل في البلدية».
ويطمح أور الى تغيير واقع المدينة عبر العمل على عدة مسارات أبرزها:
– تعيين طرف ثالث لإعادة هيكلة دائرتي الاطفاء والمواصلات بطريقة مماثلة لما لدائرة الشرطة التي باتت تعتمد تعزيز انتشار ضباطها في شوارع المدل بدل القيام بالأعمال المكتبية.
– مواصلة المحاولات لخصخصة دائرة إنارة الشوارع خلال 5 – 7 سنوات القادمة.
– التعاون مع الولاية ومقاطعة وين في إزالة 78 ألف منزل مهجور.
– مراجعة عمل الدوائر في البلدية وإمكانية الدمج بين عدد منها.
– العمل على التوصل الى تسويات مع الاتحادات العمالية التي تمثل 28,500 موظف في البلدية، وتخفيض المزايا الصحية للعاملين والمتقاعدين.
– خفض المبالغ الأساسية للقروض والسندات في ذمة البلدية والتي تصل 9,4 مليار دولار.
أزمة ديترويت بالأرقام
– 9,4 مليار دولار ديون وسندات.
– 5,7 مليار دولار عجز في تلبية مطالبات تغطية الرعاية الصحية للمتقاعدين.
– 162 مليون دولار عجز في السيولة.
– 15 مليون دولار دفعتها البلدية تعويضات لتسوية قضايا عمالية خلال السنتين الماضيتين.
– 78 ألف عقار مهجور.
– 60 ألف قطعة أرض فضاء.
– 18,500 عدد متقاعدي البلدية المتلقين للتغطية الصحية.
– 1575 معدل عدد النازحين شهريا عن المدينة بين العامين 1950 و2010
Leave a Reply