فضائح الولاية الثانية
عصفت فضيحتان بإدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، خلال الأسبوع الماضي، قد تضعاه في موقف شبيه بما حصل للرئيس السابق بيل كلينتون بعد كشف فضيحة علاقته بمونيكا لوينسكي، وهو ما قد يكبل قدرته على توجيه دفة السلطة في ما تبقى من ولايته الرئاسية الثانية. فبالإضافة الى تواصل التحقيقات بشأن الهجوم على القنصلية الأميركية في مدينة بنغازي الليبية العام الماضي وتبعات «التحالف» الموضوعي مع «القاعدة» ضد النظام السوري، برزت خلال الأسبوع الماضي فضيحتان من العيار الثقيل أججتا اتهامات المحافظين للرئيس الأميركي بتقييد الحريات في البلاد. وتأتي هذه الفضيحتان فيما تتواصل تداعيات «هجوم بنغازي» وطريقة تعاطي إدارة أوباما إنتخابياً مع هذا الهجوم الذي تردد الرئيس الأميركي كثيراً في وصفه بـ«الإرهابي».
أوباما والى جانبه وزير العدل أريك هولدر خلال مراسم الاحتفال بيوم «شرطيو السلام» الوطني الذي يخلد ذكرى شهداء الشرطة المحلية والفدرالية. (رويترز) |
استهداف سياسي فـي وكالة الضرائب
الفضيحة الأولى، التي سارع الرئيس الأميركي الى احتوائها، تتمحور حول استهداف وكالة الضرائب (آي أر أس) لمعارضي أوباما وعلى رأسهم تيار «حفلة الشاي» وجماعات محافظة، وقد حاول أوباما التنصل سريعاً من ممارسات وكالة الضرائب الفدرالية المسيّسة، التي وصفها بأنها «أمر معيب»، مشدداً على ضرورة التزام مصلحة الضرائب بالعمل بنزاهة تامة. ومساء الأربعاء الماضي خرج أوباما الى الصحفيين في الجناح الشرقي من البيت الأبيض معلناً استقالة مفوض مصلحة الضرائب ستيفن ميلر على وقع الفضيحة.
وقد أقرت «آي أر أس»، بعد تسريبات إعلامية، انها عرضت جماعات محافظة تحمل في تسمياتها كلمات أمثال «تيار الشاي» أو «وطني» لمزيد من التدقيق في شؤونها الضريبية. وكان أوباما قد شدد الاثنين الماضي على أن إدارة «آي أر أس» يجب تكون تحت «مساءلة تامة» إذا كانت استهدفت فعلا جماعات مستثناة ضريبيا لأسباب سياسية خلال الحملة الإنتخابية في عام 2012. وأضاف أن دافعي الضرائب الأميركيين ينبغي أن تكون لديهم ثقة بأن مصلحة الضرائب تطبق القانون بطريقة غير منحازة.
انتهاك حرية الصحافة
وإذا حاول أوباما تبرئة إدارته من ممارسات «آي أر أس»، فإنه لم يستطع فعل الأمر نفسه بالنسبة للفضيحة الثانية التي ألمت بإدارته الأسبوع الماضي، حيث كشفت وكالة «أسوشيتد برس» للأنباء أن الحكومة الأميركية قد قامت بالاستيلاء سراً على تسجيلات هاتفية لصحافييها العام الماضي «لأسباب أمنية»، وذلك في خرق واضح لحرية الصحافة وصفته «أسوشيتد برس» «بالتدخل الكثيف وغير المسبوق للوزارة».
وبررت الإدارة وضع يدها سراً على تسجيلات الـ«أسوشيتد برس» بـ«تدابير» اتخذت ضمن تحقيق في ثغرة أمنية «وضعت أرواح أميركيين في خطر». وقال وزير العدل أريك هولدر: «عملت مدعياً عاماً منذ العام 1976، ويجب أن أعترف بأن التسريبات التي حصل عليها الصحافيون اعتبرت الأكثر خطورة، وتطلبت تحركاً هجومياً لتحديد المسؤول عنها»، من دون أن يكشف إذا كان الإجراء شمل وسائل إعلام أخرى.
وأشارت «أسوشييتد برس» إلى أن التحقيق الذي استخدمته الحكومة الأميركية لوضع اليد على سجلات الاتصالات الهاتفية لمعرفة المصادر السرية التي تحدثت لصحافيين في الوكالة، يتعلق بتقرير حول «عملية لوكالة الاستخبارات المركزية (سي آي أي) في اليمن أحبطت في ربيع 2012 مخططاً لتنظيم القاعدة هدف إلى تفجير قنبلة على متن طائرة متوجهة إلى الولايات المتحدة».
وأوضح جيمس كول، مساعد وزير العدل الذي أمر بتنفيذ الإجراء، رداً على «أسوشييتد برس» أن تنظيمات الوزارة تنص على «وضع اليد على سجلات هاتفية لمنظمات إعلامية في ظروف معينة فقط. ونظراً إلى طبيعة التحقيق الجنائي حول معلومات بالغة السرية، فإن إجراء وضع اليد على السجلات حدد بفترة زمنية منطقية (شهرين) ولم يشمل مضمون الاتصالات». ورد غاري برويت رئيس مجلس ادارة «أسوشييتد برس» بأن «الإجراء شمل اتصالات اكثر من مئة صحافي»، متسائلاً «كيف يمكن اعتبار هذا التحقيق ضيق النطاق؟». ورأى السناتور الديمقراطي هاري ريد أن إجراء الإدارة «لا يقبل الاعتذار، لا مجال لتبريره»، فيما ندد رئيس منظمة «مراسلون بلا حدود» كريستوف دولوار بـ «انتهاك فاضح للضمانات الدستورية».
واعتبر الاتحاد الأميركي للحريات المدنية تدابير وزارة العدل بأنها «هجوم على حرية الصحافة التي يفترض أن تطلع الجمهور على الحقائق بعيداً عن خطر التعرض لمراقبة غير مبررة». وأكد الناطق باسم البيت الأبيض جاي كارني، أن الرئيس اوباما «يرفض بحزم إعاقة الصحافة»، لكنه لفت إلى أنه «يجب تجنب تسرب معلومات سرية قد تهدد أمننا القومي»، داعياً إلى «إيجاد نقطة توازن».
وتأتي هاتان الفضيحتان مع مواصلة التحقيقات حول «هجوم بنغازي»، في حين اشار أوباما إلى أن الانتقادات الموجهة لإدارته بهذا الخصوص هي ذات دوافع سياسية.
وقد كشف سابقا أن مناقشات رسمية بشأن الهجوم الذي استهدف القنصلية الأميركية في بنغازي وقتل فيه أربعة أميركيين قد تعرضت إلى إعادة تحرير من قبل وزراة الخارجية الأميركية لحذف الإشارات إلى الارهاب فيها. ويقول الجمهوريون إن إدارة أوباما عملت على التخفيف من موضوع الإرهاب قبيل الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي.
يهنئ الباكستانيين بإجراء الإنتخابات
هنأ الرئيس الأميركي باراك أوباما باكستان، الأحد الماضي، بانتخاباتها التشريعية معلناً أن واشنطن ستعمل مع الحكومة الجديدة في البلاد كشريك. وفي الأثناء باشر رئيس الوزراء السابق نواز شريف مشاورات تشكيل حكومة تحالف في ضوء تصدر حزبه للانتخابات.
وقال أوباما في بيان صادر عن البيت الأبيض إن بلاده تقف مع جميع الباكستانيين، وترحب بالانتقال «السلمي والشفاف والتاريخي للسلطة المدنية» واعتبر أن الانتخابات الباكستانية مثلت نقطة تحول مهمة في التقدم الديمقراطي. ووجه حديثه للباكستانيين قائلاً «بإجراء حملات تنافسية وممارسة حقوقكم الديمقراطية بحرية والمثابرة رغم الترهيب من قبل المتطرفين الذين ينتهجون العنف، فقد أكدتم التزاما بالحكم الديمقراطي الذي سيكون مهما للغاية لتحقيق السلام والرخاء لجميع الباكستانيين لسنوات قادمة».
وحول علاقة واشنطن بالإدارة الجديدة في باكستان في ضوء نتائج الانتخابات التي أظهرت تصدر حزب الرابطة الإسلامية، قال أوباما إن الإدارة الأميركية تتطلع لمواصلة التعاون مع الحكومة التي تفرزها الانتخابات كـ«شركاء على قدم المساواة في تعزيز مستقبل أكثر استقرارا وأمنا لشعب باكستان».
وكان شريف (63 عاماً) أقل تعبيرا عن انتقاده للهجمات التي تشنها الولايات المتحدة باستخدام طائرات بدون طيار على المناطق التي يشتبه بوجود مسلحين فيها، مقارنة بمنافسه الرئيسي عمران خان زعيم حزب حركة «إنصاف».
وتنتظر الحكومة المقبلة قائمة طويلة من المشاكل التي تواجهها باكستان البالغ عدد سكانها 180 مليون نسمة، وهو البلد المسلم الوحيد الذي يمتلك سلاحا نوويا ويواجه أزمة طاقة غير مسبوقة تهدد الاقتصاد. ويتحتم على شريف توضيح علاقاته بالجيش الذي يعد أقوى مؤسسة بالبلاد، وما زال لا يثق فيه. على الصعيد الأمني، ترث الحكومة المقبلة أزمة مع حركة طالبان باكستان ويرتبط استقرارها لحد كبير بإحلال السلام بأفغانستان المجاورة بعد انسحاب قوات حلف شمال الأطلسي (ناتو) نهاية 2014.
يدعم بقاء بريطانيا فـي الاتحاد الاوروبي
الى جانب تباحث تطورات الأزمة السورية وأحداث الشرق الأوسط، أعرب الرئيس الاميركي باراك أوباما الاثنين الماضي عن دعم جهود ضيفه، رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، لإبقاء بلاده ضمن منظومة الإتحاد الأوروبي، وسط ارتفاع أصوات برلمانية معارضة في بريطانيا تطالب بطرح استفتاء عام حول الانتماء للاتحاد.
وصرح أوباما خلال مؤتمر صحافي مشترك مع ضيفه في البيت الأبيض «برأيي إن فكرة ديفيد منطقية: ففي علاقة مهمة جداً يجب أولا أن نرى ما إذا كان يمكن تصحيح الخلل قبل التفكير في الانفصال». ولكنه استدرك بالقول أنه لا يريد التدخل في الشؤون الداخلية لبريطانيا وأن «على البريطانيين اتخاذ قراراتهم». وأوضح أن «كون البلاد جزءاً من الاتحاد الأوروبي هو تعبير عن نفوذها ودورها في العالم وبالطبع علاقة اقتصادية مهمة جداً».
ويسعى النواب المحافظون في مجلس العموم البريطاني الى إجراء استفتاء عام بشأن البقاء في الاتحاد الاوروبي. ووعد كاميرون بتنظيم مثل هذا الاستفتاء لكن في 2017 إذا كان لا يزال في السلطة. وحتى ذلك الحين يرغب في اعادة التفاوض في شروط انتماء بريطانيا للاتحاد قبل انتخابات 2015.
يتفق مع أردوغان على ضرورة رحيل الأسد
اتفق الرئيس الأميركي باراك أوباما ورئيس الحكومة التركية رجب طيب اردوغان، خلال لقائهما المطول في البيت الأبيض، يوم الخميس الماضي، على مقولة ضرورة رحيل الرئيس السوري بشار الأسد. لكن أوباما أعلن أنه «لا توجد وصفة سحرية» لحل الأزمة السورية، داعياً أنقرة إلى المشاركة في مؤتمر «جنيف 2» لأن «خيار المحادثات قد يؤدي إلى نتائج».
وعلى الرغم من محاولات اردوغان قبل أيام لإحراج أوباما حول «تخطي سوريا الخط الأحمر» الذي رسمه عبر إعلانه أن أنقرة تملك أدلة على استخدام السلطات السورية أسلحة كيميائية، فإن الرئيس الأميركي، الذي لا يريد إدخال بلاده في حرب جديدة، كرر أنه يحتفظ بكل الخيارات، الديبلوماسية والعسكرية، لكنه يريد معلومات أكثر تحديداً حول هذا الأمر.
وقال أوباما، في مؤتمر صحافي مع اردوغان في البيت الأبيض، «سنواصل تشديد الضغط على نظام الأسد والتعاون مع المعارضة السورية. إن رئيس الوزراء (اردوغان) كان في طليعة جهود المجتمع الدولي لضمان حصول عملية انتقالية نحو سوريا ديموقراطية من دون بشار الأسد». وأعلن أن موقف الإدارة الأميركية «ثابت»، مكرراً أن الأسد «فقد شرعيته».
وقال أوباما وبجانبه اردوغان «نحن متوافقان على وجوب رحيل الأسد، عليه أن يسلم السلطة لهيئة انتقالية، إنه السبيل الوحيد الذي يتيح لنا معالجة هذه الأزمة»، لكنه تدارك «ليس هناك وصفة سحرية في مواجهة وضع بالغ العنف والتعقيد، كما هو الحال في سوريا، لو كان الأمر كذلك اعتقد أن رئيس الوزراء (اردوغان) وأنا لكنا اتخذنا تدابير والموضوع انتهى».
Leave a Reply