أكدت دراسة لهيئة خدمات أبحاث الكونغرس الأميركي أنه رغم قرار التخفيض في الميزانية الأميركية الفدرالية التي تطال كافة أوجه النفقات فإن ذلك لن يؤثر سلبا على المساعدات الأميركية لإسرائيل. وعزت الدراسة ذلك إلى عمق العلاقات الاستراتيجية التي تقوم على عدد من العوامل بما فيها عوامل محلية أميركية والدعم الأميركي لإسرائيل وأمنها والاهداف الاستراتيجية المشتركة بين الجانبين في الشرق الأوسط.
وقالت الدراسة إن المساعدة الأميركية الخارجية هي المكون الرئيسي في تمتين وتعزيز هذه العلاقات بالرغم من وجود خلاف و تباين في مواقف وسياسات الحكومات الأميركية المتعاقبة مع «بعض السياسات الإسرائيلية» مثل عدم رضا الحكومات الأميركية المتعاقبة على سياسة إسرائيل الاستيطانية في الضفة الغربية المحتلة بما فيها القدس الشرقية ومعارضة بعض أعضاء الكونغرس للمساعدة العسكرية الأميركية لإسرائيل التي يسعون إلى ربطها بضرورة عدم استخدامها لقمع الفلسطينيين في الأراضي المحتلة وضرورة قيام سلطات الاحتلال الإسرائيلي بتحسين معاملتها للشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وتشير الدراسة إلى أن إجماع المسؤولين وأعضاء الكونغرس يتمحور حول «إعتقاد منذ أمد طويل بأن اسرائيل تشكّل شريكا حيوياً في المنطقة». وفي هذا الإطار، يبذل مؤيدو إسرائيل جهوداً كبيرة لدى أقطاب السياسة والقرار في الولايات المتحدة لإستثناء المساعدات المخصصّة لإسرائيل من إستحقاقات تقليص الميزانيات العامة سيّما «وأن برنامج المساعدات الأجنبية يشكّل أحد أدوات السياسة» الأميركية في العالم قاطبة.
وقد استعرضت الدراسة أوجه الدعم المتعددة والمنح المالية وتعهّدات الولايات المتحدة بتقديم الدعم لأمد طويل. مشيرة إلى أن إسرائيل لا تزال تحظى بدعم كبير لدى الراي العام الأميركي حيث كان آخر استطلاع للرأي بهذه الصدد قد نشر في آذار (مارس) الماضي أجرته صحيفة «واشنطن بوست» وشبكة التلفزيون الأميركية إي بي سي أشار إلى أن 55 بالمئة من الأميركيين يتعاطفون مع إسرائيل في موضوع الصراع العربي-الإسرائيلي وأن 9 بالمئة يتعاطفون مع السلطة الفلسطينية مقارنة بنتائج استطلاع كان مركز «بيو» قد خلص لها في شهر تشرين الأول (أكتوبر) من العام الماضي ذكرت ان 41 بالمئة من الأميركيين يعتقدون أن الدعم الأميركي لإسرائيل هو صحيح وأن 25 بالمئة يعتقدون أنه غير كاف فيما أعلن 22 بالمئة أن الولايات المتحدة تقدم دعما زائداً لإسرائيل، غير أن أياً من الاستطلاعين لم يتحقق أبداً من موقف الرأي العام الأميركي إزاء المساعدة الأميركية لإسرائيل.
لكن الدراسة أشارت على استحياء إلى أن الوضع الاقتصادي في الولايات المتحدة وإسرائيل قد يؤثر على مستقبل المساعدة الأميركية لإسرائيل. مع تفاعل إرهاصات المجتمع الاميركي فهناك إمكانية أن يؤدي ذلك إلى تضاؤل مدى دعمه التقليدي والنمطي ليس للمساعدات الإسرائيلية فحسب، بل برنامج المساعدات الخارجية برّمته في السنوات المقبلة. وتجري حالياً نقاشات في أوساط مؤيدي استمرار المساعدة لإسرائيل حول كيفية الدفاع عن ذلك في ظل خفض الميزانية الفدرالية وأنه ينبغي إعفاء إسرائيل من أي خفض في برنامج مخصصات العمليات الخارجية الأميركية، فيما يدعو معارضوها إلى ضرورة أن تتحمل إسرائيل نصيبها من هذا الخفض.
وتشير الدراسة إلى انّ إكتشافات موارد الطاقة في مياه البحر المتوسط قد تؤدي إلى «فطم» إسرائيل تدريجياً من الإعتماد على المساعدات العسكرية الأميركية. في المقابل فان المزاعم الخاصة بـ«التهديدات الصادرة عن الدول العربية المجاورة، ومجموعات الضغط، وإيران قد تقود إسرائيل إلى خلاصة بضرورة زيادة إنفاقها على الشؤون العسكرية، وإستطراداً فإنّ إستمرار الدعم العسكري الأميركي أمر حيويّ».
وتشير الدراسة إلى أن إسرائيل تلقت منذ قيامها نحو 118 مليار دولار مساعدات مباشرة من الولايات المتحدة ومعظم هذا المبلغ مساعدات عسكرية، كما أن إسرائيل تلقت في الماضي مساعدات اقتصادية جوهرية، وأن الدعم القوي الذي تحظى إسرائيل به في الكونغرس الأميركي أسفر عن تلقيها منافع وامتيازات لا تتوفر لأي بلد حليف للولايات المتحدة فهي تستطيع استخدام المساعدة العسكرية بالطريقة التي تريدها ويمكن للولايات المتحدة أن تشتري من الصناعات العسكرية الإسرائيلية التي تستخدم أموال المساعدة الأميركية. كما أن الولايات المتحدة تقوم بإرسال المساعدة العسكرية كاملة لإسرائيل خلال الثلاثين يوماً من بداية العام المالي في الولايات المتحدة خلافا للعادة مع البلدان الأخرى التي تتلقى المساعدة الأميركية على دفعات طوال العام.
وفيما يتعلق بالمساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل للعام المالي الحالي فقد تعهد الرئيس باراك أوباما خلال زيارته لإسرائيل في شهر آذار الماضي بالإبقاء على المساعدة العسكرية التي كان سلفه جورج بوش قد تعهد بها في عام 2007 لمدة عشر سنوات بقيمة ثلاثين مليار دولار لتستمر حتى عام 2018 كما تعهد بالاستجابة إلى ما يوافق عليه الكونغرس من مساعدات لإسرائيل. وتبلغ المساعدة العسكرية لإسرائيل للعام الحالي 3,1 مليار دولار يضاف إليها نحو 480 مليون دولار لبرنامج الدفاع الصاروخي المشترك بما فيها 211 مليون دولار لمنظومة القبة الحديدية ونحو 150 مليون دولار لمشروع ديفيد سلينغ ونحو 75 مليون دولار لبرنامج تطوير صاروخ «آرو3» و44 مليون دولار لبرنامج صاروخ «آرو2».
كما طلبت حكومة أوباما للعام المالي 2014 منح إسرائيل 3,1 مليار دولار مساعدة عسكرية سنوية إضافة إلى 15 مليون دولار مساعدة للاجئين والهجرة و95 مليون دولار لبرنامج التعاون الصاروخي و11 مليون دولار لبرنامج صاروخ «آرو2» و220 لبرنامج مشتريات عسكرية يخصص لمنظومة القبة الحديدية.
Leave a Reply