بيروت – كما كان متوقعاً، انفجر الوضع الأمني في مدينة طرابلس بالتزامن مع العملية العسكرية الواسعة التي يشنها الجيش السوري وقوات موالية، بينها عناصر من «حزب الله»، لاستعادة القصير وريفها من قبضة مسلحي المعارضة. وكما جرت العادة تحولت جبهة التبانة-جبل محسن الى جحيم امتد الى أحياء واسعة من المدينة وأدى الى سقوط قتلى وجرحى بين المدنيين والجيش اللبناني الذي ما زال مكبلاً بسبب عدم توفير «الغطاء السياسي» له، خاصة مع خطورة الأزمة السياسية التي تعصف في البلاد وتهدد بإدخالها في الفراغ.
من الإنتشار المسلح في مدينة طرابلس |
وإذا كان الجيش ينتظر غطاء سياسياً يسمح له بدخول منطقة جبل محسن ذات الأغلبية العلوية وإعلانها تحت مسؤوليته عسكرياً وأمنياً لمنع تواصل الإشتباكات في طرابلس، فإن الساحة اللبنانية تبقى منشغلة بعض الأصابع السياسي بين ٨ و١٤ آذار، وسط تشابك الإستحقاقات التي يعتبرها الكثيرون «مصيرية» سيما الإنتخابات وتأليف الحكومة، وسط الصراع بين تيار يؤيد التمديد للمجلس وآخر يدعو لتأجيل الإنتخابات بضعة شهور.
وكان لافتاً خلال الأسبوع الماضي «الهجوم المضاد» الذي شنته قوى ١٤ آذار، و«القوات اللبنانية» تحديداً، بعد نكسة سقوط «الأورثوذكسي»، بالهجوم على «حزب الله» واتهامه بإدخال لبنان بالأزمة السورية عبر إرسال مقاتليه لمساندة الجيش السوري في القصير. وقد شيع الحزب عدداً من مقاتليه (بين ٢٠ و٥٠ حسب «رويترز») في مواكب جنائزية في قرى بالبقاع الشمالي وضاحية بيروت الجنوبية. كما استقبلت مستشفيات في الهرمل الجرحى ومنع عاملوها الصحفيين من الدخول مؤكدين أنه «ما من شيء يمكن رؤيته»، حسب «رويترز» أيضاً.
وبالعودة الى الصراع السياسي تواجه انتخابات مجلس النواب المقرر إجراؤها في حزيران (يونيو) مستقبلا مجهولا مع استمرار الخلاف حول مشروع قانون للانتخابات، في الوقت الذي ما زالت حكومة ميقاتي تتولى تصريف الأعمال لحين انتهاء رئيس الوزراء المكلف تمام سلام من تشكيل حكومة جديدة يطالب البعض بجعلها حكومة «أمر واقع» باستبعاد قوى ٨ آذار عنها في ظل إصرار «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» و«حركة أمل» على الحصول على الثلث المعطّل.
وذكر سلام وهو من الشخصيات المعتدلة التي نالت دعما سياسيا واسع النطاق لتكليفه برئاسة الحكومة أنه سيحاول جمع كل التيارات السياسية المتناحرة في حكومة تضع على رأس أولوياتها تمهيد الطريق للانتخابات البرلمانية. وقال سلام انه في ظل معارضة معظم الكتل السياسية لقانون الانتخاب الحالي فإن التوصل إلى اتفاق بشأن قانون انتخابي جديد سيستغرق وقتا، يخشى الكثيرون أن يدخل البلاد بالفراغ، حيث أن الأمور مفتوحة على كل الاحتمالات: إما الوصول إلى صيغة توافقية وإجراء الانتخابات بأسرع وقت ممكن.. أو التمديد حكما للمجلس النيابي ولكن الخطورة تكمن في أن يتم التمديد دون أن يكون هناك توافق.. أو الإحتمال الأخطر وهو الدخول في «الفراغ الدستوري» بحال لم تجر الإنتخابات ولا يتم التمديد للمجلس النيابي.
Leave a Reply