أوضحت بيانات مؤشر «ستاندرد أند بورز-كيس شيللر» الذي يتابع أسعار المنازل في أكبر عشرين مدينة أميركية ارتفاع أسعار المنازل على أساس سنوى، بأكبر زيادة سنوية منذ عام 2006، خلال آذار (مارس) الماضي، وهو ما يظهر إستمرار تعافي سوق الإسكان الأميركي وسط توقعات بمواصلة هذا التحسن خلال الشهور المقبلة.
وتبعا لبيانات المؤشر الصادرة يوم الثلاثاء الماضي، فإن الأسعار قد ارتفعت في آذار الماضي بنسبة 10,9 بالمئة مقارنة بآذار 2012، وهو ما يعد أعلى صعود لها منذ شهر نيسان (أبريل) 2006.
هذا وتمت مراجعة بيانات شهر شباط (فبراير) السابق ليتم تعديل القراءة السابقة بالرفع لتصل الى 9,3 بالمئة. وعلى الرغم من هذا الإرتفاع إلا أن المؤشر يشير الى أن الأسعار لازالت منخفضة بنسبة 28 بالمئة عن قمة عام 2006.
لكن بعض المراقبين يرون أن سياسة المصارف الحالية في تشديد سياسات الرهن العقاري، وبالتوازي مع الدعم الفدرالي لقطاع العقارات عبر شراء السندات شهرياً بقيمة ٤٥ مليار دولار، ساهما في رفع الأسعار إضافة الى عامل شح العرض في ظل احتفاظ البنوك بالمنازل وإحجام أصحاب البيوت عن البيع بسبب تدني الأسعار حالياً، وأمام هذه العوامل فإنه يمكن اعتبار تعافي السوق جزئياً.
فالبنوك تشترط على المتقدمين للحصول على قروض عقارية اليوم بالتمتع بتاريخ إئتماني جيد إضافة الى إظهار دخل مناسب في العامين السابقين الى جانب توفير دفعة أولى من سعر المنزل. ويرى المراقبون أن تسهيل القيود سيكشف حقيقة تعافي السوق أسوة بسوق السيارات، حيث قالت دراسة ان تيسير قروض تمويل شراء السيارات دفع المستهلكين الى الإقبال على الشراء وازدهار سوق السيارات مجدداً في الولايات المتحدة.
يشار الى انه قبل حوالي سنة كان يشترط على الراغبين بالحصول على قرض لشراء سيارة التمتع بتاريخ إئتماني جيد (فوق ٧٠٠ نقطة) قبل أن يتم تخفيض الشروط الى المستوى التقليدي عند 668 نقطة. وقالت مالينوا زبريتسكي مديرة ائتمان السيارات في شركة «إكسبيريان» إن هذه السياسة كانت احد العوامل التي ساعدت في إنعاش مبيعات السيارات. واضافت «الناس يشترون السيارات الان، وهم قادرون على جلب التمويل لشرائها، وفق مستويات متعددة من نقاط الائتمان». واظهرت الدراسة التي اجرتها شركة «إكسبيريان» أن ربع القروض حاليا مصنفة من النوع ذات المخاطر، في ظل تراجع حالات التخلف عن السداد وصولا الى مصادرة السيارة التي شهدت تصاعداً كبيراً خلال فترة الركود في العام ٢٠٠٨ ما تسبب بتشديد القيون آنذاك.
وقالت «المستهلكون يقومون بدفع اقساط سياراتهم في الوقت المحدد، و«قد ظهر عندنا معدلات قليلة جدا في التأخير بالسداد». مشيرة الى أن معدلات الفوائد على قروض السيارات تتراوح بين 3 و4 بالمئة حالياً وهو ما يساهم أيضاً في جذب الكثير من اصحاب تاريخ الائتمان الجيد نحو شراء سيارات جديدة».
الأمر نفسه ينطبق على سوق العقارات حيث توفر المصارف القروض لشراء المنازل بفائدة متدنية ابتداء من ٣ بالمئة أيضاً، مما ساهم في إنعاش السوق العقاري بعد ركود العام ٢٠٠٨.
ويقول سمسار الرهن العقاري المعروف، تشاك حاج، أن منطقة ديربورن اليوم تشهد ارتفاعاً في أسعار المنازل هو الأعلى منذ انفجار فقاعة الرهن العقاري وانهيار بنك «ليمان براذرز» وذلك بسبب ارتفاع الطلب وانخفاض العرض.
ويعتبر حاج أن لارتفاع الأسعار آثار سلبية على المشترين في ظل سياسة تشديد الإقراض، إذ ارتفاع سعر المنزل من ١٢٠ الى ١٥٠ ألف دولار قد يعني عدم موافقة البنك على تقديم القرض للزبون الذي بات عليه أن يبحث عن منزل بمواصفات أقل. كما أن ارتفاع سعر المنزل يعني، بحسب حاج، زيادة قيمة الدفعة الأولى التي قد تتراوح بين خمس و٢٠ بالمئة. لكن السمسار العربي الأميركي أكد أن ارتفاع الأسعار يعتبر مؤشراً إيجابياً لتعافي السوق «سيستفيد منه الجميع».
واعتبر حاج أن الحكومة الفدرالية لعبت دوراً جوهرياً فيما نشهده اليوم من تحسن السوق العقاري عبر إجبارها المصارف على إعادة تمويل القروض منعاً لمصادرتها. كما أعرب حاج عن اعتقاده بأن شراء منزل اليوم يعد بمثابة استثمار ناجح حيث تشير التوقعات الى ارتفاع الأسعار بنسبة خمسة بالمئة في غضون الأشهر الستة المقبلة.
Leave a Reply