لندن – أظهرت دراسة بحثية لأوضاع الشباب في ثلاث من دول الربيع العربي تراجعاً خطيراً في الثقة بوسائل الإعلام مما ساهم في تعزيز الفجوات في العلاقة بين الشباب وباقي مكونات المجتمع في الدول الثلاث.
وقالت الدراسة التي أجراها المجلس الثقافي البريطاني ومركز جون جيرهارت للأعمال الخيرية والمشاركة المدنية بالجامعة الأميركية بالقاهرة إن الفجوات أصبحت سمة مميزة بدلاً من الروابط للعلاقة بين الشباب وبقية فئات المجتمع وخاصة فجوة الثقة المتبادلة والفجوة بين الأجيال والفجوة بين الجنسين.
وأضافت إن أكثر ما كان مخيباً لآمال الشباب في تونس ومصر وليبيا التي أطاحت الإنتفاضات الشعبية بثلاثة حكام مستبدين فيها عام 2011 أنهم توقعوا الانصات لصوتهم وتلبية إحتياجاتهم خلال مرحلة إعادة البناء الوطني لكن الفاعلين العسكريين والسياسيين الأكبر سناً والأكثر خبرة هيمنوا على المجال العام خلال العامين التاليين للثورة.
وكانت عينة البحث في الدراسة من الشباب الفاعلين الذين ينتمون للمجتمع المدني أو سبق لهم أن شاركوا في تأدية أنشطة إجتماعية وتتراوح أعمارهم بين الـ18و الـ35 عاماً. وتضمنت الدراسة عقد حلقة دراسية في كل البلدان المشاركة طوال فترة البحث بالإضافة الى سلسلة من النقاشات المعمقة شملت ما بين خمس وثماني مجموعات مصغرة إلى جانب سلسلة موازية من عشر مقابلات قصيرة مع حوالي 100 شاب وشابة في كل بلد.
وذكرت دراسة (الوعد الثوري) أن التحول في مفاهيم الشباب في مصر وليبيا وتونس التي استمرت على مدى الشهور الثمانية الاخيرة من 2012 وكشف عن نتائجها في مؤتمر بالقاهرة يوم الإثنين أن الشباب المصريين الذين قادوا الإنتفاضة ضد نظام حسني مبارك بلغ بهم الإحباط لدرجة أنهم أصبحوا يتساءلون «هل قمنا بثورة؟».
وأضافت «إن التضامن والتلاحم في ميدان التحرير خلال الأيام الثمانية عشر للإنتفاضة تحول إلى إنقسام ومجموعات مستقطبة».
كما قالت «أرسى الاستفتاء الذي أجري في شهر مارس 2011 الأساس لعملية إستقطاب المصريين حسب التوجه الفكري والإنتماء الديني مما أدى إلى ظهور مناخ من عدم الثقة والذي كان من أبرز سماته الخلاف الطائفي».
ورغم الدور المهم الذي لعبته وسائل الإعلام خلال الفترة الإنتقالية بعد الإنتفاضات ذكرت الدراسة أن الشباب المشاركين إنتقدوا أداء وسائل الإعلام حالياً ووصفوها بأنها منحازة وتفتقر إلى المصداقية والموضوعية وبأنها تنقل الأكاذيب والإفتراءات التي ساهمت في حالة الإنقسام والتفتيت التي يعاني منها المجتمع المصري… فضلاً عن تهميشها للشباب من خلال ترسيخ الصور النمطية بأنهم يفتقرون إلى الخبرة على الرغم من وصفها لهم بأنهم ابطال الثورة».
وفي لييبا عبر من شملتهم الدراسة عن نظرة سلبية تجاه وسائل الاعلام. وقالت الدراسة «إن الثقة بوسائل الاعلام في الوقت الراهن تتضاءل بشدة… وينظر الى وسائل الاعلام على انها منحازة سياسيا وتتبنى نهجا شخصيا غير موضوعي مما ادى الى تضاؤل نزاهتها في عيون الشباب الليبيين».
وفي تونس «إستهجن معظم المشاركين في الدراسة وسائل الإعلام لكونها غير مهنية ومسؤولة عن نشر اخبار زائفة».
وقالت الدراسة «إن مستويات الثقة في وسائل الاعلام منخفضة بشكل خطير في البلدان الثلاثة».
وأضافت «أن وسائل الإعلام الإجتماعية ساهمت في السابق بزيادة الوعي لكن يخشى الآن من أن تصبح أداة يصعب السيطرة عليها حيث تستخدم لتعزيز الإنقسام ونشر الشائعات».
وأوضحت «أدى إستخدام وسائل الإعلام الإجتماعية للتعبئة السياسية في الوقت الراهن إلى مزيد من التنميط والمراوغة الأمر الذي جعل العديد من المشاركين في الدراسة يعتقدون بأن دورها الثوري قد انتهى».
وأشارت الدراسة إلى أن وسائل الإعلام تعد إحدى الجهات الفاعلة الرئيسية في خلق الثقة او تقويضها في المؤسسات القائمة.
ورغم تراجع الثقة في وسائل الإعلام قالت الدراسة «أن المشاركين عبروا عن قناعة ثابتة بأن وسائل الإعلام يمكن أن تستخدم كأداة لترسيخ الديمقراطية».
وأوصت الدراسة «بدعم الجهود لوضع ميثاق لأخلاقيات الإعلام للتنظيم الذاتي بحيث تبعث من خلالها مؤسسات الاعلام» في إشارة قوية إلى جمهورها المحتمل عن المعايير التي تلتزم بها ومدونة قواعد السلوك والمعايير المهنية التي تتبناها».
وبصورة عامة دعت الدراسة إلى «وضع إستراتيجية متكاملة ومتعددة العناصر يمكن لها ان تدعم مبادرات الشباب… وتضمينهم بوصفهم شركاء أساسيين في صياغة السياسات وليسو فقط كمجرد مجموعة مستهدفة».
Leave a Reply