لم تشهد مدينة ديربورن هذه السنة فعاليات المهرجان الدولي العربي الذي كان يقام سنوياً منذ ثمانية عشر سنة على طول شارع وارن بالمدينة، في مثل هذه الفترة الموافقة لعيد الآباء. لكن ذلك لم يمنع مجموعة من المسيحيين المتطوعين، تعمل من أجل تعزيز التسامح والتفاهم من القدوم إلى المدينة، لمواصلة تقليد يفعلونه منذ سنوات خلال فعاليات المهرجان.
وقد قررت غرفة التجارة الأميركية العربية، المنظمة للمهرجان في مايو إلغاء المهرجان هذه السنة. ويأتي قرار إلغاء هذا الحدث السنوي للمرة الأولى منذ 18 عاماً. وعلى الرغم من إلغاء المهرجان، ظلت المجموعة المعروفة باسم «إنبكْت أنترناشيونال» في إتصال مع فاي بيضون، المديرة التنفيذية لغرفة التجارة الأميركية العربية، وعبرت عن نيتها في العودة إلى ديربورن للتطوع وتقديم خدماتها في إطار مشاريع أخرى. ما يقارب من عشرة متطوعين، من أربع ولايات، قدموا إلى المدينة للحفاظ على التقاليد التطوعية التي يقدمونها منذ سنوات.
مسيحيون متطوعون يرفعون القمامة ويزرعون الورود على جانبي شارع وورن في ديربورن. |
وتتألف هذه المجموعة غير الربحية من المتطوعين القادمين من الولايات الجنوبية، الذين يركزون على الإنخراط في المبادرة التي تركّز على التفاعل الثقافي مع العرب الأميركيين، كما مع غيرهم من المواطنين من غير العرب، من خلال تقديم خدمات من شأنها أن تؤدي إلى إيجاد فرص لبناء الصداقات والإحترام الثقافي والتفاهم.
على مدى السنوات الـ 14 الماضية، قدم حوالي 200 متطوع، من لويزيانا وفلوريدا وجورجيا ونورث كارولينا إلى ديربورن، على حسابهم الخاص، فقط للتطوع في إقامة المهرجان. وقد كانت «إنبكت أنترناشيونال» تقوم بالمساعدة في عمليات الإنشاء، والتنظيف، كما تقوم كذلك بمساعدة رواد المهرجان في شؤون أخرى خلال هذا الحدث السنوي.
وقد قدّم إريك بيترسون، الذي يعمل في قسم الحدائق والترفيه بمدينة ديربورن لـ «إنبكْت أنترناشيونال» مشروعا لتقوم بالمساعدة فيه خلال زيارت المجموعة هذا العام، حيث أتيحت لها الفرصة لزرع النباتات وسقيها على طول رصيف شارع وارن. وقد باشروا فعلا عملهم ظهر يوم الجمعة وصباح يوم السبت من الأسبوع الماضي.
وقد اشترت المجموعة الزهور من أموالها الخاصة، كمساهمة منها للمجتمع. وقد بدأوا عملهم من زاوية شارع شايفر، نزولاً، حتى وصلوا إلى شارع وايومنغ. وأضافة إلى هذه الأعمال فقد قاموا كذلك بجمع القمامة من الشوارع والأرصفة. وقد وجدوا ترحيبا ودعما لخدماتهم من السكان المحليين.
«لقد تشرفنا جدا بالمشاركة في هذا المشروع، وقد وجدنا دعماً وشكراً من المحلات التجارية على طول شارع وارن حيث قدموا لنا الماء والمرطبات «قال مايك غريفين رئيس «إنبكت أنترناشيونال» الذي أضاف كان الناس يطلقون منبهات سياراتهم عند الإقتراب منا ويحيوننا، ونحن نقدر حقا لطففهم المستمر وتقديرهم لتطوعنا».
على الرغم من أنّ معظم المتطوعين من «إنبكْت أنترناشيونال» هم من المسيحيين، فلم يكن هدفهم أبدا الترويج لوجهات نظرهم الدينية في المهرجان. لكنهم بدلاً من ذلك، عملوا دائما على إزالة الحواجز ومساعدة الأميركيين من غير العرب على الإطلاع على سماحة وجمال الثقافة العربية، ولم تكن زيارتهم هذا العام مختلفة عن هذا التوجه.
إلى جانب التطوع في مشروع التنظيف على شارع وارن، تطوعت مجموعة «إنبكْت أنترناشيونال» مع المركز الرياضي والترفيهي «هايب» بمدينة ديربورن هايتس، حيث ساعدوا في رسم مضمار الجري داخل المركز. ولإكتشاف جوانب أخرى من الثقافة العربية في ديربورن حضرت المجموعة محاضرة في المركز الإسلامي في أميركا ثم طافوا بمكونات المركز. كما قاموا بزيارة المتحف الوطني العربي الأميركي، وتناولو الطعام في أحد المطاعم الراقية المختصة في الطبخ الشرق الأوسطي في المدينة.
وخلال آخر يوم للمجموعة في المدينة وهو يوم الإثنين، زارت قرية ديكس في جنوب ديربورن، حيث وزعوا اللعب التي كانوا اشتروها بأنفسهم وقدموها إلى الأطفال في المنطقة.
وقد أشار غريفين، الذي يقيم حاليا في ولاية كارولينا الشمالية، بأنه هو الذي أنشأ المنظمة بعد سفره إلى الشرق الأوسط وزيارته اليمن. وخلال زيارته تلك تأثر بكرم مواطني البلاد الذين بينوا له طبيعة عاداتهم وتقاليدهم وأطلعوه على ثقافتهم في التسامح والإنفتاح على الآخرين.
وقال غريفن «عندما سافرنا إلى منطقة الشرق الأوسط، رأينا أن الصورة النمطية للعرب في وسائل الإعلام الأميركية ليست الصورة الصحيحة. ونحن نعمل على أن يرى الآخرون ما رأيناه. هناك الكثير من الجوانب الرائعة في الثقافة العربية التي لم نراها في وسائل الإعلام هنا».
بعد رحلته إلى الشرق الأوسط، أراد غريفين اطلاع سكان الجنوب في الولايات المتحدة على الثقافة العربية. وكان قادرا على تطوير العلاقة مع غرفة التجارة الأميركية العربية، ومعا بدأوا تقليدا في جلب متطوعين من الجنوب كل عام في عطلة نهاية الاسبوع الموافق لعيد الآباء ، للمساعدة في إدارة المهرجان. ويؤكد غريفين أنّ مبادرة” إنبكْت أنترناشيونال” لاقت ترحيبا في الجنوب الأمريكي، وأنّ لديه من الرجال والنساء والأطفال والأسر في جميع أنحاء مختلف الولايات الذين لهم الرغبة في المشاركة في عمليات التطوع والإطّلاع عن قرب على الثقافة العربية.
وقد ثمنت فاي بيضون الدور الذي تقوم به «إنبكْت أنترناشيونال» التي أصبحت مكسبا كبيرا للمجتمع في ديربورن، وقد لعبت دورا حيويا في المساعدة في فعاليات المهرجان العربي لسنوات عديدة. وأضافت بيضون «لقد كنا على علاقة معهم لأكثر من 14 عاما، وهم واحدة من أكبر المجموعات من الناس التي كانت تلبي النداء. حيث يأتون إلى هنا كل عام للمساعدة في المهرجان وفي جميع الخدمات اللوجستية ، وهم يأتون على نفقاتهم الخاصة، بهدف مساعدة المجتمع العربي والمسلم. أما هدفهم الأساسي هو التفاعل والقدرة على فعل الخير لهذا المجتمع».
إضافة إلى أدوارهم الإيجابية في المساعدة في المهرجان سنويا، فإنّ المجموعة كانت شاهدا كذلك على بعض الإنتكاسات التي حدثت في السنوات الأخيرة، مثلما حدث من بعض التوتر الديني في المهرجان الماضي. وقد قال غريفين إنه من المؤسف أنّ جماعات الكراهية، الذين يزعمون أنهم يمثلون المسيحية، كانوا قادرين على المجيء إلى المدينة ومضايقة مجتمع مسالم.
قال غريفين «لايمكن إلاّ أن نُصاب بخيبة أمل وغضب من ممارسات الكراهية لتلك المجموعات التي تطلق على نفسها اسم المسيحية، والذين لديهم الرغبة في إيذاء وإهانة الآخرين فقط. وهو ما يفسد كل الجهود التي تقوم به «إنبكْت أنترناشيونال» ونحن شعرنا بالألم مثلما شعر به بقية المجتمع وأضاف «لقد كان هناك الكثير من نعمة التسامح، والإنفتاح مع هذا المجتمع ،وأشعر بالإشمئزاز وبالألم أن أرى تلك المجموعات تأتي وتجلب الشتائم والكراهية معها».
وذكر غريفين أنّ مجموعته شعرت بخيبة أمل كبيرة عندما علمت أنّ المهرجان قد ألغي هذا العام، وقال بأنّه يأمل في أن يستأنف المهرجان نشاطه في العام القادم.
ولمزيد من المعلومات حول «إنبكْت أنترناشيونال» قوموا بزيارة موقعها على الإنترنت على العنوان التالي:
: www.impactint.net
Leave a Reply