فعَلَها ميشال سليمان أخيراً وكشَفَ عن وجهِه وبضربةٍ واحدة ألغى «اتفاقية التعاون والأُخوَّة» مع سوريا عندما سلَّم مندوب الأمم المتَّحدة بلامبلي مذكَّرة «بالخروقات السورية» كوثيقة، لا شكوى رسمية (كثَّر الله خيره) من دون قرار من مجلس الوزراء المحلول والمخَّول رسمياً بهكذا أمر ذلك أنَّ «الطائف» لحظ أنَّ السلطة التنفيذية تكون ممثَّلةً بالمجلس ككل، ومن دون العودة إلى القناة المرجعية الرسمية المعروفة، أي وزارة الخارجية وممثلية لبنان في نيويورك.
وكم كان عاراً ومعيباً أنْ يتصرَّف رئيس روسيا فلاديمير بوتين «بعروبة» ورجولة أكبر فيقف في وجه قادة الدول الصناعية السبع في قمَّة الثماني «الكبار» (الصغار في عيوننا) في إيرلندا ويمنعهم من تضمين بيان يطالب برحيل الأسد ويُحرج البريطاني الدنيء كاميرون بقوله له «هل تريد الدفاع عن آكلي لحوم البشر»، ممَّا ترك إصداء واسعة مستنكرة وسط الإعلام الأميركي الذي بثَّ فعلة المجرم الإرهابي «أبو صقار» في مشهده الشهير وهو يشقُّ صدر جندي سوري ويقضم كبده، مندِّداً بتدخل بلده في سوريا. كل هذا فعلَه ابو علي بوتين، أمَّا ميشال سليمان فكان مشغولاً بملاحقة مواطن لبناني غرَّد على «توتير» تغريدة تهكمية عن سفْراته الكثيرة إلى دول العالم لكنها لم تكن مهينة بل، على العكس، كانت لطيفة ومهذَّبة! نسي ميشال سليمان من جاء به رئيساً ومن دعمَه حتى أٓخر لحظة كان فيها قائداً للجيش لدرجة أن عمَّار حوري قام بتوبيخه بسبب تعاونه مع سوريا.
لم يلتفتْ ميشال سليمان إلى سقوط الصواريخ على قرى بعلبَك الأبيَّة من قبل المسلحين التكفيريين واستشهاد عدد من المواطنين اللبنانيين منذ نعومة أظافرأجدادهم، ولم يهمُّه إعلان سعد الحريري الصريح بدعم السلفيين في سوريا بالمال والسلاح وتعيين «الخزمتشي» لديه عُقاب صقر وسيطاً لنقل أسلحة الموت لقتل الشعب السوري، ولم يتأثَّر بباخرة الأسلحة «لطف الله ٢» التي لطَفَ الرب بكشفها وهي تنقل الأسلحة الفتَّاكة، ولم يحرِّكه مقتل الضبَّاط والعسكريين من الجيش اللبناني على أيدي التكفيريين وحلفائهم من الضاهر وكبَّارة والمرعبي وجرجرة هيبة وسُمعة الدولة في طرابلس من شادي المولوي إلى زعران المحاور الطائفيين، بل لم يشعر بخطف المطرانَيْن في سوريا ولم يزعجه غموض مصيرالحجَّاج اللبنانيين المخطوفين من قبل المجرمين قطَّاع الطرق. انزعج من ملاحقة الجيش السوري لفلول الإرهاب في محيط «عرساليا» لكنَّه رفض سابقاً إقامة لجنة عسكرية سورية مشتركة من أجل ضبط الوضع على الحدود لأنَّه يعرف أنَّ الخناق ساعتئذٍ سيضيق على «جيش لحد» السوري وجبهة «النصرة» ويحدُّ من تدفُّق المساعدات لهما على أنواعها كما أنَّه بات قابعاً على ضفَّة الأعداء لسوريا والمتوقعين سقوط النظام في فترة زمنية محدَّدة رغم أنَّه شهد بنفسه إنقلاع ساركوزي وحمد والآن يأتي دور أردوغان ومرسي حتماً بينما الرئيس الأسد صامدٌ بصمود شعبه ولن يتصِّل أبداً بقاطن «قصر بعبْدا». ومهما شرب سليمان «حليب السباع» ضد سوريا التي عاملها كدولةٍ عدوَّة من خلال تحمٌُسه المفرط للإبلاغ عن سوريا بشكلٍ لم ولن نشهده مع العدو الإسرائيلي، فلن يقدرْ أنْ يفعل شيئاً وموقفه لن يقدِّم ولن يوءخِّر لان مرسي الأكبر منه والذي قطع العلاقات مع سوريا وحمى سفارة العدو الذي قتل المئات من أبناء الشعب المصري للتغطية على الثورة الشعبية ضدَّه في آخر الشهر، سوف يذكره التاريخ مع الساقطين والعملاء. حتَّى أنور السادات أفضل من مرسي و«إخوانه» المنافقين. على الأقل، السادات كان واضحاً في عمالته أما مرسي فأضاف إلى العمالة النفاق والخِسَّة.
سبب المسألة برمَّتها مع سليمان أن الرجل حانق بسبب عدم التمديد أو التجديد له لولاية ثانية لكي يتسنَّى له زيادة بلدانٍ لم يزرها بعد على الخريطة الأرضية «ناتعاً» وراءه كل مرَّة وفداً من ١٠٠ شخص على حساب الشعب اللبناني. كما أنَّه غاضب على عدم المشي بالانتخابات، كما خطَّط، حسب قانون الستين! يقول لـ«السفير» إنه لا يريد التمديد وأنَّه اتخذ الموقف من المقاومة بعد تدخُّلها العلني في سوريا لكنَّه لم يذكرأنَّه قبل «القُصير» والجولان إنحاز إلى ١٤ عبيد زغار بموقفهم من سلاح المقاومة في كلمةٍ له في إحدى زياراته إلى أميركا اللاتينية! قال أن التيارالزرقاوي نفى تدخله في سوريا عكس اعتراف «حزب الله» وكأن سليمان لم يسمع بكلام الحريري العلني لمساعدة «الثوَّار» والحرب السعودية القطرية التركية الكونية عليها. كما ادَّعى أن الجانب السوري لجأ قبله إلى الامم المتَّحدة وهذا كلامٌ مردود لأن سوريا أرسلت مراتٍ عديدة إليه وثائق بالخروقات وتهريب السلاح من لبنان لكنه لم يصدِّقها!
ونتيجة لهذه الكيدية وروح الانتقام، تُرك الفطرالسام ليعبَث بأمن مدينة صيدا التي هي بوابة الجنوب. وحسب «الأخبار» فإنَّ النوبة العسكرية الأخيرة كان الأسير يخطِّط لها بمساعدة من جهازٍ أمني رسمي أعطاه معلومات مفصَّلة عن الإحصاءات الديموغرافية والخريطة المدنية والإنتشار السكَّاني. وتوقفت المصادر عند «المكاسب التي حققها الاسير من الغطاء السياسي والمذهبي والإجتماعي الذي وفّره له عدد من قوى وفعاليات صيدا، لا سيما تيار «المستقبل» و«الجماعة الإسلامية» وعدد كبير من المشايخ. عامل النجاح الأبرز هو «الغطاء الذي وفّرته الدولة بأكملها للأسير، ليس بعدم التعاطي بحزم مع تجاوزاته الأمنية فحسب، بل بالدفاع عنه أحياناً» بحسب مصادر «الأخبار». أما أسامة سعد وتنظيمه «الشعبي الناصري»، فلم يتبيّْن إنَّه مناصر للشعب ولا دخل له بالموضوع! إذاً هو تشجيع رسمي لظاهرة كراكوز صيدا ومطربه الماكرالذي تقيَّا أمام الكاميرا بكلامً سوقي بذيء وتحريضي ومذهبي من العيار الثقيل وهو يسمي نفسه حاجَّاً مدَّعيا سرقة مبالغ بمليون دولار من بيته (ومن يترك في بيته هكذا أموال ومن أين لك هذا يا أيُّها؟)، ومهدِّداً بقتل رئيس بلدية «حارة صيدا» سميح الزين علناً واصماً الحارة بـ«زبالة صيدا» مهيناً بذلك شريحة طويلة عريضة من أبناء المدينة وموءكِّدا وجود فتاوى من «أميره» لقتل أعضاء الحركة والحزب متناولا، أخيراً، شخص السيِّد حسن نصرالله. كل ذلك تحت سمع الدولة وبصرها مع أن فضل شمندر (غير السكّري) مطلوبٌ للتحقيق معه بقضية محاولة اغتيال الشيخ ماهر حمَّود! هذه دولة الله لا يخلِّيها بديار أحد!
واليوم بعد انتشار الأسير المنظَّم والمخطَّط بدقَّة في مفارق استراتيجية في صيدا وتسليط كاميرات ذات تقنية عالية والتدريبات التي يجريها أذنابه بمساعدة أجهزة أمنية و«قرطة حنيكر» المشارِكة في الجرم ومساندة خليجية بطرد لبنانيين كما قال سفير السعودية علي عواض «الأسيري»، أصبحنا نعرف سبب تمادي الأسير ومطربه الناعق بعد تقصيرهما وجبنهما في «القُصير» والذي حطَّم سمعتهما الواطية أصلاً بعد هروب الأسير كالغزال من المعركة.
بالمناسبة، ذكر جرحى معركة «القُصير» الذين نُقلوا إلى المستشفيات بانَّهم سيعودون للقتال في سوريا والله يستر، قد يفتحون «دفرسواراً» في لبنان لتخفيف الضغط عن إخوانهم المجرمين هناك! وهكذا دواليك، تتعامل المقاومة بضبط نفسٍ وبأخلاق مع كراكوز صيدا ومهرّجها ومع هؤلاء النَّاكرين للجميل الغدَّارين الذين لا يمكن لعاقل أنْ يأمَن لهم، وهم يردُّون بالأجرام والوحشية والفتنة المذهبية. والموءسف أنه لم يتحدَّث عن هذا الموضوع إلا العماد عون وكان مُحقَّاً كعادته.
الأسير مصرٌ على قطع شريان الجنوب وتحويل صيدا الى طرابلس جديدة وهناك تقاطع مصالح مع الدولة في وقتٍ أعلنت السعودية عن تزويد المعارضة السورية بأسلحة مضادة للطائرات، فلماذا لا تُعلن سوريا الحرب على من يقتل شعبها يومياً وتقطع رأس الأفعى بدل ذنَبَها وماذا تنتظر القوى الوطنية حتَّى توقف موتور صيدا وديُّوسه وتبتُرالورَم السَرَطاني؟ لقد صَدَق الوزير وهَّاب أن مجرماً ذا تنظيم «شلعوطي» إرهابي مثل «ابو نضال» كان «مكيِّعاً» دول الخليج التي كانت تهابه.
ولا شكَّ أنَّ الأسير قد ركب رأسه بعد “العلقة” الأخيرة ويظن الآن أنَّه ندَّاً للمقاومة متناسياً كم دفَعَ وموَّل وسَلَّح سعد الحريري من وكالاتٍ أمنيّة فما كان منها إلا أنْ “سَلَحَتْ” على نفسها في ٧ أيَّار!
لقد حان الوقت لتأديبة في حزيران أو تمَّوز قبل فوات الأوان!
Leave a Reply