دم الشهداء المصريين ومن ضمنهم الشيخ حسن شحاتة ورفاقه لم يذهبْ هدراً في مصر! فقد أطاحت «ثورة الربيع العربي» الحقيقي بمحمَّد مرسي و«إخوانه الفاشلين» رغم انتخابه «قسْراً» قبل عام واحد في نتائج مازالت موضع الشك بنزاهتها بسبب «رهاب الإخوان» وسرقتهم لـ «ثورة ٢٥ يناير» التي أطاحت بحسني مبارك.
المشهد المصري الجديد نجمت عنه المعطيات التالية:
– لقد «إستبسل» مرسي و«الإخوان» في أنْ يكونوا «ساداتيين» أكثرمن أنورالسادات نفسه الذي اغتالته تياراتٍ إسلامية سلفية مفرِّخة من «الاخوان» بذريعة إنَّه «فرعون» وخائن، وأشبعونا بيانات وشعارات عن فلسطين والجهاد والعدالة والشريعة فكانوا أسوأ من أي نظام رجعي أو تيَّارمحلي «كحراس الأرز» أو «القوَّات اللبنانية». لقد إنتظر «الاخوان» ٦٠ عاماً للوصول الى الحكم فكان أداوءهم مخيِّباً للآمال والآن لن تقوم لهم قائمة بعداليوم.
– دشَّنَ مرسي عهده بالتملُّق لإسرائيل لأنَّه عرف أنَّها ستفتح له أبواب أميركا فوصف الإرهابي «جزَّار قانا» شمعون بيريز بصديقه العظيم متمنِّياً «للشعب الإسرائيلي» دوام الرخاء. وأبقى على اتفاقات «كامب ديفيد» المُذِّلة وبيع الغاز لإسرائيل بثمنٍ بخس وهدَّم الأنفاق مع غزَّة مشدِّداً الحصارعليها وعمل كمجرَّد وسيط محايد بين العدو والقطاع الذي يحكمه جزءٌ من «الإخوان» فرع «حماس»، عندما شنَّتْ اسرائيل حربها المجرمة على غزَّة!
– أنهى مرسي حكمه بتسعير الفتنة المذهبية وقطع العلاقات مع سوريا وإبقائها مع العدوالتاريخي ممَّا كشَفَ زيف ورياء وكذب حركة «الإخوان» بعد أنْ تبيَّن إنَّها مهتمَّة بالكرسي والسلطة وبنفسها فقط وبتأسيس ثيوقراطية اقصائية لا تجمع كل أطياف المجتمع من خلال دستور رفضه الشعب المصري لأنه يجمع السلطات في يد الرئيس الإخواني ممَّا يمهِّد إلى دكتاتورية إسلامية سلفية.
– لقد فشل مرسي بسرعة قياسية في مصالحة الشعب المصري مع نفسه بعد عزل مبارك بل برهن على أنَّه لا يمثِّل كل الشعب وأسال دم النَّاس عندما احتجوا على دستوره الدكتاتوري ولم يرفّ له جفن مثل أحد سياسيي «شبه الوطن» عندنا (من يا ترى؟). والأنكى من كل ذلك خطيئة مرسي بإلغاء الأمن القومي المصري من خلال قطع العلاقة مع سوريا أي تحجيم أي نفوذ لمصركأكبردولة عربية، وتركه لدول غريبة عن المنطقة مثل تركيا أردوغان. والخطيئة الإجرامية الأخرى تكمن في تبنِّي توصيات مؤتمرلا إسلامي يحرِّض على الفتنة ويعمق إنقسام المسلمين مما أدَّى إلى سحل الأبرياء وهم في بيوتهم آمنين. إنّ لهؤلاء الشهداء كرامةً عندالله وسيقتصُّ من القَتَلة.
– إعتزَّ مرسي وجماعته برضى أميركا بعد قلق العدو من تسلم «الإخوان» للسلطة لكن سرعان ما أظهرأنه «محلُّ ثقتها» فعلاً لا قولاً. ولهذا السبب لم تردْ أميركا أنْ تتخلى عنه بهذه السهولة الَّا بعدما تحرَّك ٢٠ مليون مصريٍ في الشارع. وكم حاول الإعلام الأميركي والغربي، بحقارة لا مثيل لها، دأبه دأب قناتي “التزويرة” و«العبرية»، تجريد الجماهير المليونية من حجمها فظلَّ يصرُّعلى تعدادها حتى آخرلحظة بانها عشرات الآلاف فقط، لا الملايين. ولا شك أنَّ مكتوب السفيرة الأميركية قُريء من عنوانه عندما جهدتْ محاولةً التمسُّك بمرسي فاستحقَّتْ لقب «حيزبون» كما خسر الرئيس الأميركي ذوالأصل الأفريقي ألقَه وشعبيته بسبب عدم مسارعته إلى دعم الثورة المليونية التصحيحية. لقد كان لسان حال السياسة الأميركية المتخبِّطة يقول«الوجه الإخواني الذي تعرفه أفضل من الذي تتعرَّف عليه».
– سقوط حكم «الإخوان» ستكون له تداعيات كبيرة في المنطقة اوَّلها على الوضع في سوريا حيث نما السرطان التكفيري السلفي الإرهابي إلى درجة كبيرة فاقت الحد والآن حان وقت استئصاله بعد أن أصبح يشكِّل عبئاً بل خطراً على الجميع وفي أسوا توقيت ممكن للتيارالإجرامي الذي يتعرَّض لانتكاساتٍ عسكرية مريعة على يد الجيش العربي السوري بعد معركة «القُصير». ولا شكَّ بأنَّ إنهاء حالة الأسير الإرهابية في صيدا هي مثالًٌ صارخ على أنَّ العالم بدأ يتصدَّى لهذا الوحش الكاسر خصوصاً بعد الكشف عن أنَّ الأسيرعقد لقاءً مع رئيس«الموساد» الإسرائيلي في تركيا وكان مخطِّطُه يرمي إلى «عرقنة» لبنان عن طريق التفجيرات المذهبية الانتحارية المتنقِّلة في مناطق عالية التوتُّر.
– فاق شعب مصرالعظيم كل التوقعات وتفوَّق على ذاته في الرقي والسلمية والديمقراطية وأثبت أنَّه مصدركل السلطات ومهما قيل أنَّ انقلاباً عسكرياً حصل وكان على الشعب إنتظار مرسي مدَّة أربع سنوات ثم الإطاحة به عن طريق الانتخابات، هو كلام هُراء. فمرسي هوالذي غيَّروتحوَّل وأراد أنْ يجعل مصرتشبه «الإخوان»، وركَّزَ كل السلطة بيده، فمن يضمن بعد أربع سنوات أنْ يبقى شيءٌ للبناء عليه – هذا إذا لم يمدِّدْ المرشد للمستبد! ثم إن تجربة العسكر اليوم في مصر تشبه تجربة أشرف قائد انقلاب عسكري عربي عرفه التاريخ هو الجنرال سوار الذهب في السودان والذي خلع جعفر النميري وأجرى انتخابات حرَّة ونزيهة رافضاً الترشح للرئاسة التي قُدِّمتْ له على طبقٍ من ذهب، وأزاح العسكر بعدإتمام العملية الانتخابية في مدة قصيرة ثم غادرالمسرح السياسي.
– قرطة حنيكر في لبنان ستتأثر عكسيَّاً أيضاً بسقوط مرسي وهي التي علَّقت آمالها على نفوذ الإخوان” من أجل حرق النظام في سوريا وتقطيع أوصال البلد. ألم يقلها ساكن معراب «فليحكم الإخوان» رغم مجازرالتكفيريين في سوريا وقتلهم للمسيحيين والمسلمين؟ لكن، اللهمَّ انَّي أشمتْ، طار جميع الذين تآمروا على سوريا حتَّى الثنائي حمد في قطر، وبقي الزعيم بشَّارالأسد، وهاهي تونس تبتعد عن السلفية التكفيرية وستحذو ليبيا واليمن حذوها قريباً مما يؤذِن بنهاية عصر الظلام بعداكتمال هزيمة الثورة المرتدَّة في سوريا. وأنا أجزم بأنَّ صمودالأسد وثباته هو الذي دقَّ إسفيناً في حكم الإخوان وأصحاب التكفير.
بعد القضاء على رأس الأفعى في مصروضعضعة حكم أردوغان وتسليم حمد السلطة لابنه (ويريدوننا أن نُصدِّق انَّ صاحب كرسي يتخلَّى بهذه السهولة عن عرشه!) ماذا سيكون رد فعل جعجع بعد أنْ وضع كل ثقته “بإخوانه”، بل ما سيكون موقف خالد مشعل و«حماس” التي خانتْ العهد وقبَّلتْ اليد، يد القرضاوي؟
الإخوان ومرسي والكرسي…قصَّة حبٍّ وفراق!
Leave a Reply