سوف أترك المديح والحديث عن فضائل شهر رمضان المبارك، لأولي الأمر والشأن والعلم والدين، من هواة الخطابات والمقالات الرنانة والطنّانة، التي فرّقت الدين الاسلامي العظيم الى ملل وفرق، كلٌ بما لديهم فرحون. سوف أترك ذلك وأكتب عن الرذائل التي نرتكبها في رمضان بحجة الصوم.
فمع إنتصاف شهر شعبان، وفي كل سنة، سواء هنا أو في بعض بلاد الشرق، تشهد الأسواق سباقاً محموماً على شراء مختلف أنواع السلع الغذائية، ويركض الناس وراء العروض التجارية المغرية التي تقدم بعض التخفيضات في الأسعار، ولا يركضون لإغتنام بركة شهر رمضان حيث أنّه فرصة حقيقية لطلب غفران الذنوب ومحو الآثام، فهل يا ترى تكون البيوت خالية من الطعام والشراب في الأشهر التي تسبق الشهر الفضيل؟ ويعيش أهلها في تقشف مستديم حتى يحل شهر رمضان فيتّخذونه ذريعة للإنفاق والبذخ وتبقى «السوبر ماركات» تعج وتضج بالخلق طوال الشهر لتشهد أواخره موجة شراء حاجيات عيد الفطر.
أليست هي نفس الأطعمة والأشربة التي يأكلها المسلمون، كلٌّ على حسب قدراته المادية في غير رمضان؟
البعض من الاهل، يحثون أولادهم على الصيام والصبر والتمسك بالإرادة على تحمل الجوع والعطش، وينسون أن يذكِّروا انفسهم، عندما تجدُ الواحد منهم مختبئاً في البلكون الخلفي أو في الباك يارد من اجل تدخين سيجارة. يهون الأمر لو أن الأب أو الأم مرضى أو على سفرٍ، لكنه الكذب والتفاخر: «الحمدلله ابني أو ابنتي عمرها تسعة سنين وعم تصوم». «بس أنا ما بقدر عندي ضغط».
الرذيلة الكبرى في رمضان، هي إنفلات الأعصاب وارتفاع منسوب الغضب، وتبادل الشتائم بين بعض الصائمين ولو على سبيل المزاح، والمشاجرات لأسباب تافهة هنا وهناك: «حلّ عن سماي، وروحي براس مناخيري، أنا صايم وخلقي أضيق من خرم الإبرة».
البعض يتصرف في رمضان كما لو أنه قادم من «مجاعة» فيحاول تعويض ما فقده وكأنه خسر شيئاً. الحقيقة أنه ربح عندما صام، وخسر خسارةً صحيةً عندما أكل «زيادة» فاستحق مكافأة «كم باوند» زيادة في الوزن.
الرذيلة السيئة في صيام رمضان هي ولائم الإفطار التي لا تتسم بالبساطة وهي للأسف كلها للتباهي والتفاخر والإسراف حتى التبذير وينشط الموسّرون في مضاعفة ما يقدمون ويلتهمون من طعام وما يرمونه الى القمامات من المواد الغذائية الفائضة عن حاجة الضيوف.
ترى الكثير منا، وبحجة رمضان، يصوم عن الابتسامة وكأنها «تُبطل» صيامه، فتراه متجهّماً عبوساً، وكأن كارثة حلّت عليه. رغم أن الابتسام صدقة جارية وخصوصاً في هذه الأيام التعيسة والأخبار الشنيعة التي تحاصرنا من المشرق والمغرب، وللأسف ورغم كل مايعانيه أهالينا في الشرق يحلو للعديد هنا في ديربورن جعل رمضان مناسبة للسمر وللسهر حتى مطلع الفجر، تسكعاً في المقاهي بدلا من تدريب مشاعرهم على التعاطف بشكل فعلي مع الكثيرين في العالم، الذين يصومون لمدة أيام لا يأكلون فيها سوى وجبة بسيطة واحدة.
رمضان هو فرصة للصيام عن الخطأ والطمع والجشع والكذب والاحتيال، خاصة الاحتيال من قبل بعض الاغنياء، للحصول على المساعدات الإجتماعية وبطاقات الطعام، هذه الخدمة التي توفرها، حكومات ولايات اميركا العظيمة، للفقراء المحتاجين والتعساء على الارض الاميركية، وبكل وقاحة يحصل عليها من لا يستحقها.
رمضان شهر الله الرحمن الرحيم، شهر الغفران والتسامح. فليمنحنا الله سبحانه وتعالى، القدرة لتغيير ما في أنفسنا من عادات سيئة في كل شهور السنة وليس في رمضان فقط.
Leave a Reply