أشهرت مدينة ديترويت في ١٨ تموز (يوليو) الماضي إعلان أكبر إفلاس في تاريخ الولايات المتحدة، إلا أن حساب حقل ديترويت لم ينطبق على بيدر المدينين والنقابات العمالية الذين تحدّوا هذا الإفلاس في قاعة المحكمة مدشنين معركة قضائية في ٢٤ الماضي قد تطول لأسايع أو أشهر.
غودمان |
ومن اجل محاولة فهم هذه المسألة القانونية المعقدة في ديترويت، قامت «صدى الوطن» باستشارة البروفسور في جامعة «وين ستايت»، الان غودمان، الذي يشغل منصب مدير معهد الدراسات العليا في مجال الاقتصاد في الجامعة.
غودمان يقول «إن بلدية ديترويت مديونة بمبلغ كبير من المال قدرهُ ١٨ مليار دولار مما دفعها لطلب إشهار الإفلاس الذي يتيح لأي كيان -شخص أو شركة أو بلدية- أن يستظل بحماية القانون لإعفائه من دفع كل الديون المستحقة عليه مع تسوية ما يمكن تسويته مع الجهات الدائنة».
وأضاف أن ديون البلدية هي بشكل سندات مالية مملوكة للبنوك والناس العاديين، وعبّر غودمان عن شكّه بأن تتمكن البلدية من الفوز في معركتها القانونية وهي لا يمكنها أن تتبرأ بالكامل من ديونها مما يعني أن السندات المالية قد تظل تحمل قيمة مالية محددة ولكنها سوف تكون متدنية.
وأردف غودمان: «هناك عادة ثلاث وجهات لصرف البلدية أموالها، الوجهة الأولى هي نفقات العمليات اليومية الضرورية مثل تأمين الخدمات للمواطنين ودفع رواتب الموظفين، الوجهه الثانية تذهب لتمويل صناديق الرواتب والمزايا التقاعدية، أما الوجهة الثالثة فهي دفع المستحقات المتوجبة لصالح مالكي السندات المالية التي تصدرها البلدية وتطرحها في السوق المالي من أجل تمويل نفقاتها».
وقال غودمان: «بإعلان الإفلاس فإن البلدية، أو في هذه الحالة مدير الطوارئ المالي كيفين أور، يقول للجميع إنه وبسبب ضعف العائدات المالية للبلدية والناجم عن تدني جمع الضرائب على العقارات والدخل، فإن ديترويت غير قادرة على استئناف تمويل الخدمات أو الرواتب التقاعدية أو دفع مستحقات السندات المالية، لذا فإن البلدية تطلب إعفاء من صرف أي مبلغ للديون المستحقة كلها».
بالإضافة إلى طلب البلدية اعفادها من الديون فإنها تسعى لدفع رواتب نهاية الخدمة (صندوق الموظفين المتقاعدين) بنسب أقل مما كان متفق عليه، خاصة وإنه تبين أن هناك عجز قدره ٣ مليارات دولار في صندوق الرواتب التقاعدية. والمعروف أن الرواتب التقاعدية هي خطط مالية معدّة للتقاعد بعد نهاية الخدمة الوظيفية وتتضمن مساهمات مالية شهرية مستقطعة من رواتب الموظفين تصبّ في حساب مالي مستقل حيث يتم فيه توظيف واستثمار هذه الأموال لكي تنمو وتكبر مع السنين. وبعد إحالة الموظفين على التقاعد يبدأ الحساب المالي المستقل بدفع مبالغ مالية لهم من الأموال التي وفّروها وجمعوها من رواتبهم خلال سنين عملهم والتي يفترض أن تكون قد نمت داخل الحساب المالي وتجمعت قبل الضريبة وذلك لكي تؤمن لهم عيشا كريما من دون الحاجة إلى العمل.
وأوضح البروفسور غودمان كذلك أن الرواتب التقاعدية يجب أن تكون مكتفية ذاتيا من الناحية المالية، لكن أسبابا ثلاثة قد تكون أدت إلى وقوع هذا العجز في تمويل صندوق الرواتب التقاعدية.
– السبب الأول أن المساهمات المالية قد لا تكون اقتطعت بالتساوي من رواتب الموظفين.
– السبب الثاني أن الأموال التي وضعها الموظفون في الحساب المالي التقاعدي لم تنمُ بنسبة سريعة كما كان متوقعا، فرواتب نهاية الخدمة في ديترويت يتوقع أن تجني فوائد بنسبة سبع أو ثماني بالمئة، لكن لسوء الحظ قد تكون الفوائد المجباة تدنت بنسبة اثنين أو ثلاث بالمئة، وهذه نسب فوائد تعتبر غير مربحة، وبسبب تدني الفوائد هذه يصبح الحساب المالي المخصص للرواتب التقاعدية غير مكتمل وفيه عجز.
– أما السبب الثالث فهو الوعود المفرطة من قبل البلدية بالحصول على أرباح طائلة من الرواتب التقاعدية المحصلة من رواتب الموظفين، وهذا ما لم يتحقق.
وطمأن غودمان أن العجز في رواتب التقاعد لا يعني أن الموظفين لن يحصلوا على شيء بعد تقاعدهم ولكن «على سبيل المثال قد يحصل شخص ما على ١٨ ألف دولار سنويا كراتب تقاعدي بدلا من ٢٠ ألف دولار».
وختم غودمان انه إذا تمت الموافقة على الإفلاس فإن بعض أموال البلدية قد تتحول إلى خدمات أساسية مثل دوائر الشرطة وإشارات السير وهذا ما يهم المواطن العادي في ديترويت، إلا أن موظفي البلدية الجدد في المستقبل سوف يطالبون بزيادة على الأجور لأن إعلان الإفلاس سوف يبرهن على أن مال التقاعد غير مضمون والمدينون في المستقبل سيطلبون فوائد أعلى على القروض للبلدية بسبب عدم ضمان السندات المالية البلدية.
Leave a Reply