إذا كانت منطقة وسط ديترويت تشهد رخاء أمنياً مع تكثيف دوريات الشرطة فيها وازدهاراً اقتصادياً مع تدفق الإستثمارات وافتتاح المحلات فيها، فإن الأوضاع ليست كذلك في العديد من المناطق وأحياء الجوار فالبقاء في ديترويت لإدارة مراكز تجارية خصوصاً محطَّات الوقود أصبح أمراً يزداد صعوبةً وخطورةً يوماً بعد يوم بسبب نسبة الجرائم العالية وقلة تجاوب الشرطة مع نداءات الاستغاثة.
ورغم أن آفاق مدينة السيارات تبدو أكثر إشراقاً إلا أن العديد من رجال الأعمال باتوا يعانون بانتظار اليوم التي تتحسن فيه الأمور في ديترويت. بل أن بعضهم يقول أن «قرار البقاء هنا يستحق إعادة النظر»، فإذا تحسنت منطقة وسط ديترويت فإن الأحوال في باقي أحياء المدينة لا تبدو أنها سائرة نحو الأفضل، إلا إذا حصلت معجزة بإعادة هيكلة المدينة التي تقدمت بطلب الإفلاس وفق البند التاسع.
وتقول شرطة ديترويت أنها تدفع معظم عناصرها الى الشوارع ولكن أصحاب المتاجر في أحياء المدينة لم يلاحظوا فرقاً في الخدمات التي توفرها الشرطة.
ففي يوم الأحد الماضي قام لصوص بالسطو على محطَّةٍ في المدينة في فترة بعد الظهر واستولوا على ما قيمته ٣ آلاف دولار من بضائع المحل في المحطة. وحصلت السرقة بعد أن طُلب من أحد الزبائن أن يغادر المحطة وقام الجاني بالقاء البضائع الموجودة على الرفوف على الأرض والطرق وعلى الزجاج الحامي من الرصاص الذي كان خلفه عامل المحطة. بعد ذلك حضرت امرأة أخرى وسرقت بعض البضائع من على الرفوف.
وقال مدير محطة الوقود إنَّ حادثاً مماثلاً حصل في الأعوام الماضية وأدى إلى خسارة المحطة آلاف الدولارات. وأكد المدير الذي رفض ذكر اسمه خوفاً من عودة اللصوص، أن المحطة موجودة منذ ١٠ سنوات وقد لا تُكمل عامها الحادي عشر.
وفي مقابلة مع الإعلام المحلي أشار مدير المحطة إلى أن ديترويت لم تعُدْ كما كانت وان الجيل الشاب فيها يجبر المواطنين الجيدين على مغادرة المدينة. وأردف أن هكذا حوادث سلب اصبحت شائعة لكن معظم أصحاب المحطات لا يبلغوا عنها خوفاً من ردود الفعل و«لكن الى متى؟ فتجاوب الشرطة معدوم كما أن قلة أعداد أفراد الشرطة سوف يؤديا إلى رحيل جماعي للمحال التجارية عن المدينة».
في العام ٢٠١٢ أمضت «صدى الوطن» يوماً كاملاً في محطة وقود في ديترويت من ضمن تحقيق ميداني بادرت به، وذلك من اجل نشر الوعي حول المخاطر الأمنية التي يتعرَّض لها أصحاب الأعمال التجارية في المدينة. وقبل أربعة أسابيع فقط من مقابلة صاحب المحطَّة المذكورة، كانت المحطة قد تعرضت للسلب المسلَّح من قبل شخص يحمل رشاشاً حربياً. وقد اتصل صاحب المحطة سام شهرو برقم الطوارىء ٩١١، لكن أحداً لم يستجب بالحضور رغم مرور شهر على الحادثة.
بالنسبة للعديد من مالكي المحطات من العرب الأميركيين فان هكذا حوادث أضحت مألوفة ولم تترك لهم خياراً آخر إلا التعلم من التجارب والتكيف معها. ويشكِّل أصحاب المحطات من أصول شرق أوسطية غالبية مالكي المحلات التجارية الصغيرة في ديترويت وهم يساهمون في انعاش الاقتصاد المحلي كما اصبحوا شريان الحياة الأساسي للأحياء في المدينة التي كانت في طريقها إلى الزوال. لكن تضحيات رجال الأعمال هؤلاء تذهب سُدى ومن دون الاعتراف بها فإهمال الشرطة بات هو القاعدة إذ أن معظم مالكي المحطات في ديترويت لا يتوقعون من الشرطة الحضور عندما يُطلب منها ذلك.
Leave a Reply