واشنطن – احتشد حوالي ٢٠٠ ألف متظاهر معظمهم من الأميركيين السود، في العاصمة واشنطن السبت الماضي، للاحتفال بذكرى مرور 50 عاماً على إحدى أبرز المسيرات التاريخية للحقوق المدنية، وليطالبوا بالحرية والمساواة وبـ«وظائف لا سجون»، والعدالة لـ«تريفون مارتن» في إشارة الى المراهق الأميركي الأسود الذي قُتل في فلوريدا بدوافع عنصرية.
وقام المتظاهرون بمسيرة انطلقت من نصب «ابراهام لينكولن» التذكاري، باتجاه نصب داعية الحقوق المدنية الراحل مارتن لوثر كينغ، وذلك في إطار فعاليات استمرت لأيام، كما جرت العادة كل عام، وشهدت يوم الأربعاء الماضي كلمة للرئيس باراك أوباما (التفاصيل ص ١٢). ورفع المتظاهرون، وغالبيتهم من أصول أفريقية، لافتات تحمل عبارات العمل والعدالة والمساواة، وصور لوثر كينغ، كما ألقى عضو الكونغرس جون لويس، آخر الباقين من عشرة متحدثين تكلموا في ذلك اليوم التاريخي، كلمة ألهبت مشاعر الجماهير.
كما قال مارتن لوثر كينغ الثالث، نجل زعيم حركة الدفاع عن الحقوق المدنية للأميركيين السود، في خطاب حماسي، إن «العمل لم ينته والحلم ما زال بعيدا المنال… دموع والدي تذكرنا بأن لون البشرة يبقى تصريحا لارتكاب جنحة، للتوقيف وحتى للقتل».
وركزت شعارات المتظاهرين على أن الأحلام التي رسمها لوثر كينغ لم تتحقق تماماً، مشيرين إلى أن البلاد ما زالت تشهد حالات تمييز عنصري. كما رفع آخرون شعارات مثل «وظائف لا حرب» و«وظائف لا سجون» ونادت شعارات أخرى بحماية حق الإنتخاب رفعها وفد كبير من ديترويت احتجاجاً على مصادرة حق الناخبين في المدينة.
من جانبها، أفادت إحدى المشاركات في المسيرة، وتدعى كريستينا، بأنها كانت تبلغ التاسعة من العمر، حين ألقى لوثر كينغ خطابه الشهير، إلى جانب ضريح لينكولن، وأنها لم تتمكن من المجيء آنذاك لحضور الخطاب، لأنها كانت طفلة، مشيرةً إلى أنها الآن تأتي إلى واشنطن للاحتفال بهذه المناسبة، وأنها ستخبر أحفادها عن هذا اليوم، الذي أكدت أنها تشعر فيه «بالفخر».
وكان القس مارتن لوثر كينغ، قد ألقى في واشنطن خطاب «لديّ حلم» في 28 آب من العام 1963، وأحدث تأثيراً عميقاً في المجتمع الأميركي وفي حركة الحقوق المدنية.
وكان جون كينيدي، الرئيس الديمقراطي، الذي كان حتى ذاك اليوم من آب (أغسطس) يرفض طرح قوانين جريئة على التصويت تضع حداً نهائياً للتمييز العنصري في ولايات الجنوب، من بين ملايين الأميركيين، الذين تسمروا أمام شاشات التلفزيون، وكان لوثر كينغ الخطيب الأخير. ولدى خروجه على النص المكتوب الذي كان يقرأه، أطلق عبارته الشهيرة «لديّ حلم، هو أن تنهض هذه الأمة في أحد الأيام وتنصرف إلى معايشة مبادئها. نتمسك بهذه الحقائق التي تؤكد أن الناس يولدون متساوين».
واكتسبت هذه المسيرة أيضا أبعادا عالمية في خضم الحرب الباردة. فقد بدأ الأميركيون آنذاك يدركون أن المسائل العنصرية يمكن أن تكلفهم غاليا لجهة الدعم على المستوى العالمي، خصوصا في أفريقيا حيث نالت عدة دول استقلالها في ذلك الحين.
Leave a Reply