بعض مكاتب «سكرتارية الولاية» التي مهمتها تجديد لوحات السيارات ورخص القيادة والتسجيل للانتخابات تكون عادة منكوبة بطوابير طويلة من المراجعين غير الصبورين والموظفين الساخطين في أوقات الذروة، إلا إن فرعا واحدا يقع على 5094 شارع شايفر في مدينة ديربورن يتميز بأنه منكوب بشكل دائم وعلى مدار الساعة.
طوابير طويلة داخل فرع سكرتارية الولاية في ديربورن. |
«صدى الوطن» سمعت «قصص رعب» حقيقية رويت حول هذا الفرع فحملها فضولها الصحافي على زيارته من أجل الاستطلاع وبالفعل قامت بعد ظهر يوم الاثنين، بزيارة هذا الفرع والإطلاع عن كثب على «البهدلة»، كما يقال بالعامية، في هذا المكان.
ففي الساعة الواحدة بعد الظهر كان 40 مراجعا ينتظرون في طابور وصل الى المدخل، الى جانب الطابور الاول، فقد اصطف على بعد أقدام، طابور ثانٍ مخصص لـ«المراجعين العائدين» الذي اصطف فيه -طيلة فترة وجودنا- من 4 الى 8 مراجعين.
في الوسط، هناك منطقة مخصصة للمقاعد احتلها مراجعون جاؤوا مع أحد الواقفين في الصف.
لكن الأسوأ من كل ذلك كانت ضفة الموظفين، حيث يوجد ثمانية كومبيوترات لثمانية موظفين لكن كان هناك ثلاثة موظفين فقط متوافرين لخدمة هذا الكم الهائل من المراجعين من الساعة الواحدة وحتى الثانية بعد الظهر، وأحد هؤلاء الموظفين كان يخدم فقط «المراجعين العائدين». كذلك لوحظ وجود ثلاثة موظفين آخرين في غرفة خلفية يتسامرون ويضحكون مظهرين علنا لا مبالاتهم بضخامة عدد المراجعين المنتظرين،
طوابير طويلة داخل فرع سكرتارية الولاية في ديربورن. |
أحد المراجعين المغتاظين من الانتظار قال: «إني هنا منذ 12:30 ظهرا وكنت أظن أني قد أجدد لوحة سيارتي خلال فترة الغداء». وعندما علم من مراجع آخر أن بإمكانه تجديد لوحته عبر الانترنت اجتاحه الغضب وقال: «لماذا لا يقولون لنا ذلك عندما ندخل إلى هنا».
والواقع أن سؤال المراجع كان محقا، فعلى الباب يقف حارس أمن يبدو أنه لا يفعل شيئا حلال وقت العمل، معظم مراكز «سكرتارية الولاية» في أماكن أخرى يقوم حارس الأمن بالطلب منهم الجلوس الى حين دعوتهم لإنجاز طلباتهم، بعض الأحيان يقسم الموظفون المراجعين حسب نوعية خدمة الفرد. لكن في فرع ديربورن لا يبدو أن هناك أي نوع من النظام، فلائحة «خذ رقما» تجمدت على الرقم 38 طيلة الوقت الذي امضيناه في هذه الجولة الميدانية.
بعد مضي دقائق على الساعة الثانية، ظهر موظفان يبدو أنهما عائدان من استراحة الغداء وبعد محادثات سريعة في الغرفة الخلفية مع موظفين آخرين عادوا لمزاولة عملهم في المقدمة وأصبح عدد الموظفين خمسة «بعيون الشيطان»، لخدمة العشرات من المراجعين الذين أمضى بعضهم أكثر من ساعة في الصف وغادر بعضهم غاضبا. من المثير للاهتمام أن نذكر أن الموظفين في ذلك اليوم لم يكن بينهم موظف عربي أميركي واحد بالرغم من أن حوالي نصف المراجعين هم من الجالية العربية. ولا يملك المرء الا ان يتعجب لمدى صعوبة المتحدثين بغير الإنكليزية عندما يأتون إلى هذا الفرع وإذا أرادوا خدمة ما، قد لا يستطيعوا التعبير عنها، لكننا استخلصنا انه حتى مع الاميركيين الذين يتقنون اللغة يجدون صعوبة بالغة مع الموظفين الحاليين.
ويقول مساعد المدير الإقليمي لفروع سكرتارية الولاية، بيل ماكغاري إن فرع ديربورن تحولت آلية العمل فيه الى نفس تلك المستخدمة في البنوك لشدة الازدحام أي الإنتظار في الطابور، حيث من الصعب استخدام آلية «أرقام الإنتظار» بسبب كثرة المراجعين و«لسوء الحظ في بعض الأيام يطول الطابور الى خارج باب الفرع».
وعن عدم توفر موظفين يجيدون العربية يقول ماكغاري إن هناك ثمانية موظفين في فرع ديربورن لا يتحدث أي منهم اللغة العربية ولكن الإدارة الإقليمية «تعمل لحل هذه المشكلة» بعد أن تلقت العديد من الشكاوى بهذا الخصوص.
امرأة عربية اميركية جاءت مع ابنها من أجل الحصول على إذن قيادة سيارة وبعد ان جاء دورها غادرت وهي في غضب شديد، ولدى سؤالها قالت: «لقد اعطيتهم بطاقة الضمان الاجتماعي لكنهم لم يعيدوها اليّ» وبعد التحدث مع زوجها على الهاتف طلب منها العودة اليهم للبحث عن بطاقة الضمان، وذهبت المرأة الى حارس الأمن وطلبت منه أن تتحدت إلى مدير الفرع فأجاب: «لا أدري ما إذا كان المدير موجوداً!»، وبعد سماعه ما حصل للمرأة ذهب للبحث عن أحد للمساعدة، فقالت إحدى الموظفات له: «أنا سأعتني بالأمر»، ثم أومأت للمرأة من بعيد لكي تأتي إلى عندها. وبدل أن تبحث عن بطاقة الضمان قالت للمرأة: «اسمعي جيدا سيدتي، أنا لم أكن هنا ولا أعرف أين بطاقة الضمان الاجتماعي، الاقتراح الوحيد منّي لك هو أن تتقدمي بطلب جديد للضمان وفي حال عثورنا على بطاقتك سوف نتصل بك لكني لن أقدر أن أجدها بسحر ساحر (…)».
«صدى الوطن» سجّلت هذا الكلام سرا ولحسن الحظ كنا قريبين بما فيه الكفاية من أجل التقاط صوت الموظفة من دون جلبة أصوات الاطفال الذين يبكون بسبب ساعات الانتظار الطويلة وضحك ودردشة الموظفين في الغرفة الخلفية الذين لا يبدو انهم يلاحظون أن لا شيء يبعث على الضحك في ظروف عمل مزرية كهذه!
Leave a Reply