مع اقتراب موعد الإنتخابات العامة في الخامس من تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، يشهد سباق رئاسة بلدية ديترويت تنافساً محموماً بين المرشحين، مايك داغن وبيني نابليون، اللذين طرحا مشاريع انتخابية لافتة في محاولة لكسب أكبر قدر من التأييد من سكان المدينة التي تستعد لزيارة وفد من الإدارة الأميركية سيصل الى ديترويت لبحث وضعها المالي الصعب مع مسؤولين في المدينة والولاية. وفيما تجري حملتا داغن ونابليون مفاوضات بشأن عقد عدد من المناظرات خلال الشهر المقبل، كشف داغن مؤخراً عن تفاصيل خطته لتحسين المستوى المعيشي في كافة أحياء المدينة، فيما قرر نابليون تركيز برنامجه الإنتخابي على خبرته كشريف لمقاطعة وين، متعهداً بالحد من معدلات الجريمة بنسبة ٥٠ بالمئة في غضون أربع سنوات من ولايته الأولى.
خطة داغن: التشدد مع المخالفين من أصحاب المنازل
وتتركز خطة داغن التي جاءت في 15 صفحة، على مواجهة معضلة المنازل المهجورة في أحياء المدينة من خلال متابعة سلطات البلدية لأصحاب المنازل التي اهملها اصحابها وتلك التي تحولت الى أوكار لتجارة المخدرات، مستنداً الى تجربته قبل عشر سنوات بمنصب الادعاء العام في مقاطعة وين. وانتقد داغن في كلمة أمام عشرات من المؤيدين في قاعة «كنيسة ترينتي برسبتاريان» على شارع غراند بوليفارد في غرب المدينة، السياسة الراهنة لمعالجة ظاهرة المنازل المهجورة واصفاً خطة إزالة كافة المباني المهجورة بـ«البلهاء».
وتحدث داغن، المدعوم من شبكة مستثمرين كبار في منطقة وسط المدينة، تفصيلا حول النقاط العشر الواردة في خطته مؤكداً على نيته في استحداث دائرة جديدة في البلدية بحال انتخابه هي «دائرة الجوار» التي ستعنى بتعزيز الخدمات التي يتم تقديمها حالياً للسكان من قبل 14 دائرة في البلدية مما يثقل كاهل خزانة ديترويت. وقال داغن إنه سيفتح سبعة فروع تابعة للدائرة الجديدة في ارجاء متفرقة من ديترويت المختلفة لتسهيل الخدمات وتحسينها، ورفع المستوى المعيشي في الأحياء عبر تنظيم جمع النفايات وقص العشب في محيط المباني المهجورة والتنفيذ الصارم للوائح المتعلقة بنظافة مناطق الجوار، والتعامل مع المساكن المهجورة وعمليات الازالة إضافة الى تجميل قطع الأرض الفضاء المملوكة للبلدية.
وتعهد داغن بملاحقة اصحاب المنازل والمحلات التجارية المهملة والمهجورة وكذلك تلك التي تحولت الى أوكار للاتجار بالمخدرات، ومصادرتها في إطار القوانين المتعلقة بالازعاج. وارغام اصحابها على اصلاحها وشغلها وإلا سيتم مصادرتها، وفق النظم المعمول بها في ديترويت في العامين 2002 و2003 حين كان داغن مدعياً عاماً لمقاطعة وين.
واقترح داغن تضييق الخناق على المتجاوزين، ومنح اصحاب المنازل في الاحياء قليلة السكان حوافز للانتقال الى احياء كثيفة السكان بغية تنفيذ أساليب عقلانية في إزالة المنازل بدلاً من «الأساليب العشوائية والبطيئة» المتبعة حاليا و«التي لا تترك فرصة لاصلاح ما يمكن اصلاحه من تلك المنازل».
كما تضمنت خطة داغن تشديد ملاحقة سارقي الخردوات المعدنية وغيرها من محتويات المنازل المهجورة، وكذلك الجهات التي تشتريها، وقال «إنه من الصعب ملاحقة الآلاف من سارقي الخردوات كما أن الاحكام الصادرة ضدهم لن تكون أكثر من جنحة، الأهم ملاحقة تجار الخردة الذين يشترون هذه المسروقات فهؤلاء تكون الأحكام ضدهم جنائية وصارمة».
وقال إنه سيدعم اقتراحا تقدمت به النائبة في كونغرس الولاية رشيدة طليب (ديمقراطية عن ديترويت) لسنّ قانون يمنع محلات الخردة من دفع ثمن الخردوات المشتراة نقداً، والاستعاضة عن ذلك بالشيكات وإرسالها الى جهة محددة بحيث يتم التعرف على هوية السارق. وقال «بهذه الطريقة يمكن حماية المنازل من السرقة».
خطة نابليون: الأمن أولاً
مؤكداً أن العنف هو التحدي الاكبر لاستعادة ديترويت بريقها، كشف نابليون ما اسماه استراتيجية صارمة للحد من الجريمة بنسبة 50 بالمئة في ولايته الاولى في حال انتخابه لهذا المنصب. وقال في كلمة أمام 90 شخصاً تجمعوا في «كنيسة كرايست أوف غود» الواقعة على تقاطع الميل السابع مع شارع شايفر في غرب المدينة «لا أحد أكثر مني عازم على مواجهة هذا التحدي».
وتحدث نابليون عن تفاصيل خطته المسماة «مبادرة الميل المربع الواحد» والتي تعهد فيها بنشر ضابط في كل ميل مربع ضمن مساحة ديترويت البالغة 139 ميلا مربعاً. وبضمن المبادرة مقترحات كان طبقها إبان قيادته لشرطة المدينة في عهد رئيس البلدية الأسبق دنيس آرتشر قال إنها اسهمت بخفض الجريمة 30 بالمئة حينها. وأكد نابليون أن تلك الفترة شهدت انخفاضاً ملحوظاً في نسبة عمليات إطلاق النار وعدد القتلى في صفوف الشبان، خاصة من هم دون سن 16 عاماً. وأضاف أن خفض معدلات جرائم القتل ستشكل التحدي الاكبر أمامه، بعد أن اثبت القدرة على مواجهة جرائم العنف والممتلكات بشكل عام.
وقال «لا يمكننا تحقيق نقلة نوعية في مدينتنا قبل ان نحقق فيها درجة من الامن»، مشيراً الى «أننا أُرغمنا على التعوّد على هذا النمط من الحياة المصحوب بالعنف في ديترويت.. وهذا ما لن نقبله بعد الآن».
وتقوم خطة نابليون الأمنية على استخدام الوقت الحقيقي في بيانات الابلاغ عن الجرائم بغية تتبع الانماط الجرمية واستهداف المواقع الساخنة، بنفس الاساليب التي كان يتبعها فريقه بديترويت في تسعينيات القرن الماضي. «المجرمون لهم أنماط، فهم يقومون بما يقومون به وفقاً لرغباتهم، وكلما أسرعنا بالاستجابة كلما أنقذنا المزيد من الضحايا المحتملين»، بحسب نابليون.
وتستند خطة «الميل المربع الواحد» أيضاً على اعادة التاكيد على دور السلطة المجتمعية ويقول نابيلون إنه سيكون هناك ضباط متخصصون لهذه المهمة حيث ستناط بهم مسؤولية المساعدة في تشكيل اندية في الاحياء، واجراء مسوحات امنية للمنازل في الجوار والتهديدات المحتملة للمحلات التجارية، وتنظيم الدوريات في المناطق وعقد الاجتماعات الأسبوعية والشهرية مع السكان.
ووفق الخطة ستعمل البلدية «على التطبيق الصارم لمعايير المعيشة النوعية مثل المنازل المهجورة، تلطيخ الجدران، رمي النفايات، الاراضي المهملة، التسكع، الموسيقى الصاخبة، السرعة المتهورة، الكلاب الضالة، والمسائل المماثلة الاخرى». والهدف «توصيل رسالة مفادها انه لم يعد مسموحاً التهاون مع أي نوع من الجرائم والمخالفات».
وقال نابليون إن خطته تهدف الى التأكيد على أن ديترويت مدينة آمنة، و«اذا نجحنا في هذا نستطيع فعل الكثير.. سنبني حينها المرافق الرياضية العملاقة والاماكن الترفيهية الجذابة والمنازل الفاخرة، ولكن اذا لم يشعر الناس بالامان فلن يأتي أحد الى هنا».
تكتلات إنتخابية
وكانت لجنة الانتخابات في ميشيغن أقرت الأسبوع قبل الماضي نتائج الانتخابات التمهيدية التي أجريت في 6 آب (أغسطس)، وانتهت بتأهل المرشحين، بحصول داغن على 51,7 بالمئة من الأصوات، ونابليون 30,1 بالمئة، وذلك بعدما اضطرت الولاية الى التدقيق بالأصوات وإعادة الفرز في ضوء طعن بالنتائج تقدمت به لجنة الانتخابات في مقاطعة وين في 20 من الشهر الماضي.
ومع احتدام حدة التنافس بين المرشحين حصل داغن مؤخراً على دعم اتحاد متقاعدي بلدية ديترويت والذي يمثل 6500 من مجموع 23500 متقاعد وذلك في مؤتمر صحفي عقده في مقر حملته الانتخابية على شارع جيفرسون في ١٢ الجاري. ويضم الاتحاد أيضاً 5600 من المستفيدين من المعاشات التقاعدية. ويأتي هذا الدعم في ظل اوقات عصيبة يمر بها المتقاعدون حيث يواجهون تخفيضات حادة في الرواتب وامتيازات الرعاية الصحية نظرا لتداعيات اشهار ديترويت الافلاس، حيث قالت رئيسة الاتحاد شيرلي لايتسي موجهة كلامها لداغن «نحن سعداء جداً بوقوفنا خلفك».
من جانبها قالت رئيسة لجنة العمل السياسي في الاتحاد كارول كامبل، ان احد الاسباب الرئيسية لدعمنا داغن رؤيتنا للرافعات في ساحة «مركز ديترويت الطبي»، الذي كان داغن يشغل فيه منصب المدير التنفيذي على مدى العقد الماضي حتى ترشحه لرئاسة البلدية السنة الماضية، وقد نجح في انتشال المركز من أزمة مالية خانقة وحوله الى مؤسسة رابحة في جميع المقاييس.
وقالت كامبل «إذهب الى شارع ماك وشارع جونار لتر ما يجري، ذلك كله لأن داغن كان هناك»، مؤكدة أن «هذا الجزء من مدينتنا كان موضوعا على بند الاغلاق وتفريغه من المقيمين ومن المحلات التجارية وربما الإزالة. الآن بفضل داغن ها هي البنايات تصعد في السماء، والوظائف تخلق والمرضى الذين تم الاعتناء بهم ورعايتهم».
في المقابل حصل نابليون على دعم وتأييد النائب في كونغرس الولاية فريد دورهال (ديمقراطي عن ديترويت) والذي كان منافساً على الترشح لمنصب رئيس البلدية وأخفق في الانتخابات التمهيدية، إضافة لـ17 مرشحاً سابقاً على مقاعد المجلس البلدي ومناصب أخرى لم يحالفهم الحظ في التمهيدية.
وقال دورهال في بيان «أدعم نابليون لأني أشاركه الرؤية في إعادة إحياء مناطق الجوار في ديترويت، فهو له تجربة ناجحة في ادارة واحدة من اكبر الدوائر في المدينة». وقال آخرون إن تركيز نابليون على تحسين الأمن أساسيٌ للاحتفاظ بالمقيمين وبالاعمال التجارية بل وجذب المزيد منهم الى المدينة» واشاد هؤلاء بخطة «الميل المربع الواحد» كذلك حصل نابليون على دعم عدد من الاتحادات العمالية بينها اتحاد عمال الطوارئ والاسعاف في ديترويت وموظفي خدمات «الاتحاد الدولي للرعاية الصحية في ميشيغن» لكن أهم الإعتمادات جاء من اكبر اتحاد عمالي وهو الاتحاد الفدرالي لموظفي الولاية والمقاطعة والبلدية.
كما جاءت هذه الموجة من الاعتماد بعد يوم من نشر صحيفة «ديترويت فري برس» لخبر حول اعتزام مدير الطوارئ في ديترويت كفين اور تقديم اقتراح بنقل متقاعدي البلدية تحت سن 65 عاماً من قائمة المشمولين بالرعاية الصحية للمتقاعدين الى شركات تأمين الرعاية الصحية ضمن قانون أوباماكير، ونقل من هم فوق سن 65 عاما الى نظام «ميديكير».
Leave a Reply