وأخيرا وبعد جهود مضنية ومطالبات متكررة من الجالية الاسلامية المتنامية في مدينة ديربورن هايتس، بدأت مدارس «كريستوود» العامة بتقديم اللحم الحلال كخيار على لائحة الطعام المقدم للتلاميذ في فسحة الغذاء من أجل مراعاة الحاجات الغذائية للتلاميذ المسلمين الذين يشكلون أكثر من 62 بالمئة من إجمالي عدد طلاب المنطقة التعليمية.
ومع مطلع العام الدراسي الحالي فإن مدارس «كريستوود» سوف تقوم بتأمين قطع الدجاج الحلال كل يوم اثنين وأربعاء وجمعة لجميع المدارس الابتدائية وكل أيام الاسبوع الدراسية لمدرسة «ريفرسايد» المتوسطة وثانوية «كريستوود» العامة.
وقد أثمرت جهود مجلس العلاقات الاسلامية الاميركية (كير-ميشيغن) وعدد من المؤسسات الأخرى مثل «منظمة الجالية في ديربورن هايتس»، و«اللجنة العربية الأميركية لمكافحة التمييز» (أي دي سي-ميشيغن) و«الرابطة العربية الأميركية للحقوق المدنية»، في تحقيق هذا المطلب الملح من سكان ديربورن هايتس العرب الأميركيين.
وقد دأبت، وردة كليم من «كير-ميشيغن» على العمل مع المسؤولين في منطقة «كريستوود» التعليمية وبالأخص مدير الإدارة الغذائية، لوري سكواير، حيث بحثتا جملة من القضايا التي تهم الاقليات مع ناظر ادارة التربية الدكتور لورين فانكنبرغ. وذكرت كليم أن المباحثات كانت إيجابية وأن المجلس يتوق الى بناء علاقة مميزة وبناءة مستمرة مع المقاطعة كما هي الآن مع باقي المدارس.
وكانت كليم قد اتصلت بإدارة «كريستوود» بعد أن تواصلت منظمة «جالية ديربورن هايتس» بـ«كير» معربة لها عن قلقها من عدم تأمين اللحم الحلال في مدارس المنطقة الخمسة كذلك اوصلت «المنظمة» نفس الرسالة الى أعضاء مجلس «كريستوود» التربوي. وقد قامت كليم بمقارنة لائحة الطعام في «كريستوود» مع مدارس في منطقة ديترويت الكبرى التي لاحظت انها توفر خيارات اكثر لطلابها من أجل التماشي مع ضرورات الحاجات الغذائية للعديد من التلاميذ. وقد اعربت كليم عن غبطتها لتوسيع المقاطعة المدرسية للائحة النباتية كخيار جديد، وقالت: «نرحب بتطبيق فكرة الوجبات الغذائية الحلال في كل مدارس «كريستوود» كما نرحب بقرار المدارس توسيع لائحة الطعام لتتضمن وجبات نباتية لتسهيل أمور وحاجات مجموعة كبيرة من الطلبة». وأردفت: «نحن نأمل أن تحذو مدارس أخرى في منطقة جنوب شرق ميشيغن حذو كريستوود بتطبيق سهيلات مماثلة لخدمة السكان المسلمين الذين تتزايد اعدادهم». وكشفت بأن «كير» قد عملت مؤخرا مع عدد من المؤسسات الحكومية لحملها على تأمين وجبات حلال.
أما بالنسبة الى يومي الثلاثاء والخميس عندما لا تتضمن لائحة الطعام اللحم الحلال في ثلاثة مدارس ابتدائية، فبإمكان الطلاب اختيار طعام «البوريتو» بالجبنة والفاصوليا أو سندويش سمك الذي يقدّم يوميا. وفي مدرسة «ريفرسايد» وثانوية «كريستوود»، تتضمن لائحة الطعام، اضافة الى قطع الدجاج الحلال يوميا، خيار انتقاء سلطة وسندويش «تونا» وخبز مصنوع من الدقيق وسندويش سمك و«بوريتو» مع جبنة.
وصرّح أحد نشطاء الجالية رشيد بيضون: «إن إضافة اللحم الحلال على قائمة الطعام كان يجب أن تتم منذ زمن بعيد، وأن تحدث قبل وقت طويل من نمو الجالية العربية الاسلامية حيث يشكل تلاميذها اكثر من 60 بالمئة من إجمالي عدد التلاميذ في مدارس كريستوود».
ولفت حميد سويدان، العضو السابق في المجلس التربوي وخريج ثانوية «كريستوود»، الى أن إدارة المدارس كانت قد قامت بتقديم اللحم الحلال عام 2003 لكنها في النهاية توقفت عن ذلك. وعزا بيضون السبب الى ان بعض الاهالي بدأوا يشكون لإدارة المدارس من تضمين وجبات الغذاء الحلال، فأزيلت نتيجة لذلك. وأضاف بيضون: «لسوء الحظ اختار مجلس ادارة المدارس أن يستجيب لبعض الاشخاص بدلا من مراعاة مصلحة أغلبية التلاميذ». أما سويدان فعلّق قائلا: «لقد أبلغوني ان اللحم ازيل من قائمة الطعام والسبب هو عدم شعبيتها بين التلاميذ»، لكنه أردف قائلا: «ان مجلس ادارة المدارس اتخذ خطوة في الاتجاه الصحيح بزيادة خيار اللحم الحلال الى لائحة الطعام لكنه يجب ان يمضي قدما في توسيع خيار الوجبات الحلال لان تقديم قطع دجاج حلال ليس كافياً».
ويبدو أن مسألة أسعار اللحوم الحلال كانت في عمق المشكلة وذكر مصدر مطلع ان الجالية العربية تعمل جنبا الى جنب مع إدارة المدارس لإيجاد لحوم حلال بأسعار مقبولة وشرائها من عدة بائعين ورغم ايجاد بائع واحد حاليا كانت أسعاره مقبولة الا انه لم يتم اعتماده.
ومند العام 2012 كان اعضاء مجلس «كريستوود» التربوي يتعرضون لضغوط متزايدة من العرب الاميركيين لتقديم اللحوم الحلال في المدارس، وفي العام نفسه، قامت المستشارة في ثانوية «كريستوود» العامة هيام برنجقجي بتقديم شكاوى متعددة الى عدد من الدوائر الحكومة الفدرالية.
وقد قامت اللجنة الفدرالية «للمساواة في فرص العمل» بفتح تحقيق في ممارسات ادارة «كريستوود» واصدرت تقريرا اعلنته للملأ وجدت فيه تمييزا عنصريا قد مورس ضد العرب الاميركيين في التوظيف والتجنيد، وقد حثت شكاوى هيام العديد من العرب الاميركيين على الإعراب عن شكاواهم لمجلس ادارة المدارس لسنوات عديدة والتي لم تعالجها الادارة بشكل مناسب مثل قضية اللحم الحلال.
وفي حزيران (يونيو) 2012 التقى الاهالي ونشطاء الجالية المهتمون مع مسؤولين من دائرة العدل الفدرالية في مكتبة «كارولين كينيدي» العامة في ديربورن هايتس واعربوا عن امتعاضهم من العديد من القضايا بينها مسألة اللحوم الحلال في المدارس.
وقد انشأت «منظمة جالية ديربون هايتس» اثر شكاوى هيام وبدأ اعضاؤها منذ ذلك الحين الجهر بمواقف الجالية ليس امام مجلس ادارة المدارس فقط بل المسؤولين المنتخبين في بلدية المدينة.
وقالت عضو المنظمة زينب حسين والمرشحة السابقة لمجلس «كريستوود»: «إني سعيدة جدا برؤية المجلس الاداري للمدارس يمضي في الاتجاه الصحيح كما انني متأثرة جدا بحماسة التلاميذ والطلاب حول مسألة اللحم الحلال لكن هناك مسائل عالقة ومهمة يجب ايضا معالجتها الا ان العمل الاخير الذي قامت به المدارس يظهر انه عن طريق المشاركة والتمثيل من الجالية تحقيق ما نريد. انا اشكر مجلس ادارة مدارس «كريستوود» واقول له اني مشجعة أكثر وأشعر باندفاع اكبر للعمل معه بشكل وثيق لكي نبقي على زخم العمل والتغيير، هذا التغيير الذي سوف يؤدي الى تمثيل حقيقي لمصالح الطلاب».
ومنذ العام 2012 كان للعرب في اجتماعات مجلس ادارة التربية حضور مميز وعرض للقضايا الطلابية العربية ذات الاهتمام المشترك.
رئيس «منظمة جالية ديربون هايتس»، حسن بزي، شكر بدوره مجلس ادارة «كريستوود» وقال ان خطوة المجلس الاخيرة كانت مستحقة منذ زمن وإن من الاهمية بمكان لكل الاهل وابناء الجالية ان يعبروا عن قضاياهم للمسؤولين المنتخبين إذا أرادوا أن يروا تغييراً لصالحم. وختم قائلا: «نرحب بالخبر الكبير هذا ونعبر عن تقديرنا لكل من جعل من هذا الانجاز ممكنا، هذا النصر لم يكن ليتحقق لولا جهود كل العاملين على بناء حلف واسع من التفاهم».
Leave a Reply