حان الوقت كي يُوضع فؤاد السنيورة في قفصه، فالأمور زادت عند حدِّها وبات التآمر والعمالة مكشوفيَن لديه من دون أنْ يرفَّ له جفن ومن دون خوف أو رادع أو وازع من ضمير أو أخلاق. فؤاد السنيورة المذهول من فشل العدوان الغربي الخليجي التُركي الثلاثي على سوريا، التقط القلم، حاذياً حذو معلِّمه، فكتب الأول في مجلة «فورين بولسي» الأميركية العريقة وكتب الثاني مقالةً في طقطوقة «المستقبل» الأميركية الهوية والإسرائيلية الهوى.
«فورين بولسي» معروفة بتحليلاتها الإستراتيجية ،الإستخباراتية واستضافتها لمفكِّرين استراتيجيين يحلِّلون أوضاع العالم، وليس فؤاد السنيورة واحداً منهم، حيث ترقَّى من محاسبٍ صغير إلى «خزمتشي» خادم لآٓل الحريري ولو تقلَّد مناصب حكومية ونيابية لتبقيه خارج السجن بسبب الحصانة النيابية والحكومية! فإسمه كان نافراً أمام هؤلاء الكتَّاب الكبار الذين يبعد عن علمهم آلاف السنين الضوئية. إلا إنَّه خادمٌ مطيعٌ لسلالات النفط الوهَّابي حيث ذكرت الأخبار أنَّ آل سعود أمروا جواربهم السياسية من «قرطة حنيكر» بأن يكتبوا ويحثوا الغرب ويكثِّفوا إتصالاتهم للتحريض على العدوان على سوريا فحبِطتْ أعمالهم ولم يُقَم لهم وزنٌ!
فؤاد السنيورة إعترض على قيام «حزب الله» بتشويه موقفه وعنوان مقالته التي ادَّعى أنَّ ترجمتها هي «السيُّد الرئيس، تحمّل مسؤوليتك في سوريا» وليس كما وردت «سيِّدي الرئيس أُضرب في سوريا»، أمّا الوارد بالأصل الإنكليزي فكان كالتالي Step Up in Syria, Mr. President، أي حرفياً «السيِّد الرئيس، تقدَّم في (التصعيد) في سوريا، أو صعِّد من خطوتك في سوريا» ولا يَخفى على عاقل أو مجرَّد مبتدئ في لغة «العم سام» أنْ يُلاحظ أنَّ معنى التصعيد أوالضربة العسكرية كانت المقصودة من كلام المراوغ السنيورة والتي كانت حديث الساعة وحتماً هو لم يكن يطلب من أوباما أنْ «يتقدَّم الصفوف» لكي يؤمّ المصلِّين، ولو فعلها أوباما لكان السنيورة وحلفاؤه السلفيون المنافقون أول الواقفين!
ولو افترضنا أنّ السنيورة الدجَّال أراد أنْ يذكر أي شيءٍ عن المسؤولية لكان اختار معنىً آخر مغايراً تماماً من قبيل Mr. President, shoulder your responsibility، لكنَّه تقصَّد الدعوة إلى ضرب سوريا والمشكلة أنَّ قصوره الفكري جعله يظن أنًه ضليعٌ في اللغة الإنكليزية وأنَّ غيره لن يكتشف كذبَه وتملُّقه!
مخاطبة رئيس أميركا بالسيِّد الرئيس، تعني الكثير في عالم السياسة وهي مخصَّصة للمواطنين والإعلاميين في أميركا الذين ينادون رئيسهم بهذا الوقار والحميمية احتراماً منهم لموقع الرئاسة من منطلق وطني بحت. فالمراسلة الاميركية الراحلة اللبنانية الاصل إلى البيت الأبيض كانت تنهي المؤتمرات الصحفية بعبارة «شكراً السيُّد الرئيس»، ويبدو أنَّ السنيورة يحسب نفسه من «أهل الدار» أيضاً باختياره نفس التعبير ولا غريب إلا الشيطان. ألم يربت جورج دبليو على كتفه نتيجة لخدماته الجليلة في حرب تمَّوز وما بعدها؟! وألم تكره إسرائيل كل ساسة لبنان وتشغف به لوحده؟!
غير أنَّ عنوان المقالة التي كُتِبتْ للسنيورة لا تُقرأ من عنوانها، ففي متنها تبدو أكثر وضوحاً جبال خبثه وسموم حقده، التي هي أكبر من جبال نفايات صيدا أو المليارات الإحدى عشرة التي سرقها من خزينة الدولة بلا حسيبٍ ولا رقيبٍ حتى اليوم!! وإنْ كان الكلام يمثِّل «روح» فؤاد السنيورة إلا أنّه في الشكل كان متيناً وكُتِب بأُسلوبٍ أدبيٍ لغويٍ جيِّد مما يعني، كبرهان جديد، أنَّه ومعلمه اللذين بالكاد يفكّان الحرف (لكنهما بارعان في فك حروف الخيانة والتآمر) لم يكتبْ من المقال إلا إسمه!
تساءَل السنيورة في بداية المقالة كيف تمكَّن «طاغية وحشي من تحويل ثورة سلمية إلى واحدة من أبشع الحروب الأهلية في هذا الجيل». طبعاً لا يتحدَّث هنا السنيورة الأجير لسلالات النفط والغاز عن ثورة البحرين والقمع البربري لها، رغم سلميتها، من قبل آٓل خليفة الطغاة!
ثم في محاولة رخيصة لاستدرار عطف الغرب حذَّر السنيورة أنَّه إذا لم تتدخَّل أميركا والأُسرة الدوليَّة في سوريا فإنَّهما سوف يُرسلان رسالةً «كارثية الى الطغاة» في المعمورة مفادها أنَّهما سوف يجلسان من دون رد فعل إزاء قيام هؤلاء الطغاة بذبح شعوبهم. ولكن ماذا عن شلة أصدقاء السنيورة والحريري من الديكتاتوريين العرب؟ في السعودية مثلاً ممنوع على المرأة أنْ تقود سيارة ويُعتبرأتباع مدرسة أهل البيت مواطنون من الدرجة العاشرة كما أن أي معارض ولو على «الفيسبوك» يختفي في السجون لعقود طويلة. ألم يقل سعدو عن محمد بن نايف أنَّه سفَّاح، في تسريبات «ويكيليكس»؟! فهل يشمله السنيورة وغيره من السلالات الحاكمة منذ مئات السنين؟
ومن الاستجداء المُّذل الى الدجل العلني حيث حضَّ السنيورة أسياده لحماية سوريا ومنع تقسيم العالم العربي الأوسع من خلال دعم «قوى الإعتدال». لا يوجد أكثر من هذا المخلوق نفاقاً! فهل يطبِّق هذه الدعوة على نفسه، أم أن الإرهابي المجرم أحمد الأسير الذي استمات هو و«أنديرا الحريري» في الدفاع عنه، هو «شيخ المعتدلين»؟ وماذا عن دعم السلفيين التكفيريين في لبنان وسوريا؟! بل ماذا عن خدماته وتسكُّعه على أبواب الوهابية التي تُكفِّر حتى السُّنة أنفسهم؟!
لكن النفاق الأكثر وقاحةً جاء عندما كذب السنيورة بالقول أن ايران وحزب الله زوَّدا الأسد بالأسلحة لقتل شعبه بينما عبَّرتْ باقي الدول عن «تعاطفها المعنوي» فقط. أي أنَّ دول تركيا والسعودية وقطروالإمارات والخليج والغرب الذين بعثوا بحثالاتهم إلى سوريا كانوا يستعملون القذائف المعنوية لمحاربة النظام ولم يكونوا منذ البداية أوَّل من عمل على تهريب السلاح وقتل الشعب السوري الذي لم يشعر به السنيورة ولا غيره من المتآمرين من قبل. أي يريدالسنيورة من القاريء الغربي أنْ يُصدِّق أنَّ عقاب صقرفعلاً يرسل الحفَّاضات وعلب الحليب والبطَّانيات والجرعات المعنوية إلى سوريا. لكن من هو الشعب الذي يقاتله الرئيس الأسد؟ السعودي والكويتي والتونسي والكويتي والليبي والأُسترالي والشيشاني والقوقازي والبلجيكي واللبناني السلفي الذين جاءوا من كل حدبٍ وصوب؟!
وختم السنيورة سمومه بالقول أنَّ الأسد مستعدٌ لذبح آلاف السوريين وتدمير مدن عمرها مئات السنين لإبقاء قبضته على السلطة. هل يقصد الذبح وقطع الرؤوس وشيّها وشق الصدور وأكل الأكباد وخطف الحجاج والرهبان وتدنيس المقدَّسات الإسلامية والمسيحية التاريخية وإعدام الأطفال وممارسة الزنا والشذوذ وتدمير أسواق حلب التاريخية ومعاملها وثرواتها وتفكيك آثارها وتهريبها الى تركيا، التي يقوم بها النظام؟! وهل عرف القرَّاء الذين توجَّه لهم أنّ نصف الشعب اللبناني تظاهر ضدَّه وأنّ دم الشهيد علي المحمود برقبته، فظل متمسِّكاً بالسلطة ولم يرف له جفن؟!
لقد كانت ٩٩ بالمئة من ردود القراء مستنكرة وعنيفة ومُدينة لمقالة السنيورة الذي نعتوه بما يستحق من الألقاب ولم يترك القرَّاء الشرفاء صفةً تعتب عليهم من لص سارق الى عميل الى غبي الى كاذب مزوِّر للحقائق الى «مجنون أخرق على أحدهم أنْ يرمي له عظمة» إلا وأسبغوا على السنيورة! و«بالصدفة» وجد كاتب هذه السطور نفسه يتفق مع هؤلاء من أصحاب الضمير الذين لم تنطل عليهم حيل السنيورة الكلامية.
فالسنيورة فعلاً يُعتبر «مرجعاً» في الخيانة الوضيعة والعمالة منذ محاولته في حرب تموز الطعن بظهر المقاومة، وخيانته لم يشهد لها التاريخ مثالاً إلا عند الحسين بن طلال الذي ينكشف كل سنة حجم تآمره مع إسرائيل ضد أُمَّته، وخيانة بشير الجميِّل وسمير جعجع. ولو كان هناك عدلٌ في «شبه الوطن» البائس لكان منزله اليوم في حبس الرمل مع السلفيين والمجرمين لا في القصور التي بناها على ظهورالفقراء في لبنان. واليوم يتنطَّح هذا المخلوق المشوَّه خَلْقاً وخُلُقاً لكي يحلَّ مكان معلِّمه مستغلاً غيابه عن الساحة ومعتبراً أنّه أجدر بالمسؤولية.
أنَّ من وضاعة هذا الزمن الرديء أنْ يكون شخص نهب خزينة الدولة يبقى يتشدق بالمبادىء ويدمي قلبه أمام الشعب السوري الذي كان وشلته يجملونه مع النظام الى أن بدأ المرتزقة التكفيريون بحربهم على الشعب السوري وجيشه ونظامه.
إنها نقطة انحطاط لمجلة عريقة أن تنشر أكاذيب سياسي لبناني ممتهن الفساد لكنه اليوم يحاضر في العفَّة! بئس الكاتب والمكتوب!
Leave a Reply