أقامت «الرابطة العربية الأميركية للحقوق المدنية» حفل عشائها السنوي الثاني، مساء الأربعاء الماضي، في مدينة ليفونيا، حيث تم تكريم ناشر صحيفة «صدى الوطن» الزميل أسامة السبلاني ورئيس المعهد العربي الأميركي في واشنطن، الدكتور جيمس زغبي، وكان المتحدث الرئيسي في الحفل داعية الحقوق المدنية القس جيسي جاكسون، الذي حضّ العرب الأميركيين على «النضال من أجل العدالة والعمل الحثيث للحصول على حقوقهم في وجه العنصرية».
جاكسون زغبي السبلاني عياد |
وتحت عنوان «الكفاح من أجل العدالة»، حضر المئات من النشطاء وأبناء الجالية العربية ومسؤولون رسميون الى قاعة «بيرتون مانور» لحضور الحفل الذي كان لافتاً به الحضور المكثف للأفارقة الأميركيين، وقد تولى تقديمه نيما شافي، الإعلامي في محطة «أي بي سي» المحلية (القناة ٧)، فيما قام رئيس فرع ديترويت «للجنة الوطنية لتقدم الملوّنين» (أن أي أي سي <ـي)، القس ويندل أنطوني، بتقديم جاكسون بمقدمة «نارية» وصف فيها الأخير بـ«المعلم والمناضل والناشط والأب»، كما شكر أنطوني رئيس ومؤسس «الرابطة» المحامي نبيه عياد ووصفه بصاحب «رؤية» بسبب جهوده في الدفاع عن الحقوق المدنية للعرب الأميركيين، كما إمتدح المكرّمَين، السبلاني وزغبي، لتمسكهم بقول الحقيقة.
واعتلى جاكسون المنبر مستهلاً كلمته بالقول «إن الشيء الأسوأ من العبودية هو الخضوع لها» متوجهاً للعرب الأميركيين بضرورة التحالف مع الأفارقة الأميركيين الذين يناضلون لتحقيق المساواة، حيث قال للحضور «عليكم أن تحاربوا الظلم.. لكنكم لن تتمكنوا من ذلك لوحدكم، ولهذا لدينا أشخاص مثل القس ويندل أنطوني معنا في هذه الأمسية. لا تتراجعوا تقدموا دائماً إلى الأمام وبرهنوا على وجودكم. نحن نجتمع معاً ونتحرك معاً إنطلاقاً من الإيمان والعزيمة والقوة».
واستحضر جاكسون إرث الدكتور مارتن لوثر كينغ الذي إبتدع شعار «عندي حلم»، فقال إن المقصود من الشعار الذي رفعه كينغ كان دعوة الحكومة الأميركية لكي تفي بوعودها بمعاملة كل المواطنين الأميركيين سواسية تحت سقف القانون بعد إنتهاء الحرب الأهلية عام ١٨٦٥. وأضاف «إن اليوم الذي ألقى فيه كلمته الشهيرة، كان الناس من تكساس إلى نورث كارولاينا غير قادرين على إستعمال نفس المرحاض» في إشارة الى الفصل العنصري الذي كان سائداً في العديد من الولايات الأميركية في الجنوب، وأضاف «لم نكن قادرين على شراء البوظة من محل «هاورد جونسون» أو إستئجار غرفة في فندق هوليدي إن». وتابع القس جاكسون بالقول «اليوم نحن أحرار لكننا لسنا متساوين». وأشار جاكسون إلى بعض ممارسات التمييز ضد العرب في الولايات المتحدة مثل وضع بعضهم على «لائحة الممنوعين من الطيران»، إضافة الى إستهداف شبان الأقليات من خلال سياسة «الوقف والتفتيش» العشوائية التي تتبعها شرطة نيويورك، معتبراً ذلك «مثال على عدم المساواة» معتبراً أن العنصرية «وباء معد» يجب محاربته بشتى الطرق والوسائل.
كما لم ينس جاكسون الإشارة الى وضع ديترويت تحت سلطة ولاية ميشيغن ودفعها الى إشهار إفلاسها. وأردف «يتم تسريح البعض من وظائفهم بينما يجري إنقاذ المصارف مالياً بعد أن يأخذوا بيوت الناس، ومدينة مثل ديترويت تشهر إفلاسها لأن المصانع أغلقت والوظائف صودرت إلى الخارج وترك الأهالي من دون شيء يذكر».
ويتمتع جاكسون بعلاقة خاصة مع الجالية العربية الأميركية وكان زغبي أحد كبار مستشاريه عندما ترشح للرئاسة الأميركية في الإنتخابات الديمقراطية التمهيدية في العامين ١٩٨٤و١٩٨٨.
وفي كلمته، قال زغبي إنه عبر العقود الماضية أثبت العرب الأميركيون وجودهم بشكل أكبر من السابق على الساحة السياسية وأعطى مثلاً إنتخابات ديربورن التمهيدية في شهر آب (أغسطس) الماضي التي أوصلت العديد من العرب الأميركيين إلى المراتب الأولى في سباق عضوية المجلس البلدي وذلك لأول مرة.
وقال زغبي «فكروا بعام ١٩٨٥ وفكروا باليوم حيث نرى العديد من الأشخاص يترشحون ويفوزون.. هذا شيء كبير وبدأ كل هذا منذ ٣٠ عاماً فجاليتنا مرغوبة في أميركا وأميركا يجب أن تعرف كم تحتاج إلينا» وتابع زغبي «لنا صوتنا حول العديد من المسائل التي تهم بلداننا مثل سوريا ولبنان وفلسطين ومسألة تجنب الحروب التي لسنا بحاجة إلى خوضها. العرب الأميركيون هم صوت بحاجة الى أن تسمعه أميركا».
المحامي عياد عدّد بعض الإنجازات التي حققتها الرابطة هذا العام والتي تضمنت إزالة إسم أحد العرب الأميركيين المصابين بالشلل من لائحة الممنوعين من الطيران بعد شكوى قانونية رفعتها الرابطة ضد مكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي أي) ووزارة العدل ومركز «إستكشاف الإرهابي». كما نجحت الرابطة في منح مسلم أميركي حق اعتمار قبعة إسلامية داخل قاعة المحكمة بعد تقديم شكوى قانونية ضد محكمة أجبرته على خلعها أثناء سير المحاكمة.
كذلك تحركت «الرابطة» ضد سياسة تتبعها عدة مصارف أميركية تقوم بإقفال الحسابات المصرفية لرجال أعمال عرب أميركيين من دون سبب أو مسوغ. وأطلقت «الرابطة» خطاً هاتفياً ساخناً لتلقي الشكاوي ممن يتعرضون لقرارات تعسفية مماثلة من قبل البنوك. وتمكنت «الرابطة» من توحيد جهود ثلاثة مكاتب محاماة من أجل تقديم شكوى جماعية ضد المصارف، كما انضمت المنظمة إلى جمعيات حقوقية أخرى للجهر ضد سياسة «التوقيف والتفتيش» العشوائي المتبعة حديثاً في ديترويت.
بعد ذلك قدّم المحامي جيمس ألن الزميل السبلاني ليلقي كلمته بعد أن قدم له جائزة «رحاب وأحمد عامر للدفاع عن العدالة». وقال ألن «إن السبلاني عندما كان يافعاً في لبنان قام بتنظيم تظاهرة طلابية ضد تقصير النظام التربوي والجامعي وإفتقاره إلى مبدأ تكافؤ الفرص والمساواة في البلد، وكان السبلاني في ذلك الوقت بمثابة مالالا يوسفازي قبل أن تولد، هذه المراهقة الباكستانية الشجاعة التي أطلقت عليها «طالبان» النار فأصابوها في رأسها وعنقها بسبب دفاعها عن حقوق المرأة في التربية والثقافة. وأضاف ألن «نحن فخورون جميعاً بصحيفة «صدى الوطن» وسمعتها الصحافية الممتازة وبتغطيتها الجريئة لأحداث محلية وعالمية ساخنة دون خوف أو تردد أو إعتذار». وأضاف ألن بأنه ليس بالصدفة أن نُصّب السبلاني في قاعة مشاهير الصحافة الأميركية في ميشيغن، في نيسان (أبريل) الماضي.
وبدوره، قال السبلاني إنه يقبل هذه الجائزة بإسم جميع العاملين المثابرين في «صدى الوطن» على مدار ٢٩ عاماً من عمر الصحيفة متعهداً بمواصلة مسيرة الدفاع عن القضايا العربية العادلة. وأعرب السبلاني عن فخره وإعتزازه بمشاركة المنبر مع القس جاكسون وزغبي اللذين يتشارك معهما بصداقة قديمة «فقبل ٢٩ عاماً ذهبت مع جاكسون وزغبي إلى واشنطن للقاء كبار المسؤولين في وزارة الخارجية الأميركية للتباحث في أمر معالجة خطف طائرة «تي دبليو أي» عام ١٩٨٥ والتي أدت إلى احتجاز عدد من الركاب الأميركيين».
وتطرق السبلاني إلى التحديات التي تواجه العرب الأميركيين اليوم «في وقت يستمر خرق حقوقهم المدنية وحرياتهم الشخصية وإرهابهم»، كما تحدث عن دور «صدى الوطن» الإعلامي كمراقب لأداء مؤسسات الجالية ومدى فعاليتها في معالجة قضايا العرب الأميركيين وخدمتهم، مؤكداً إلتزام الصحيفة بإعلاء المبادئ الصحافية المهنية الأخلاقية. وختم السبلاني قائلاً «البعض يتهمنا بالتعاطي بصرامة مع بعض القضايا، فيما البعض الآخر يريدنا مهادنين.. لكننا ملتزمون بدورنا في كشف الحقائق أمام الناس وممارسة دورنا في الرقابة كحراس لمصالح هذه الجالية، ولن نفكر مرتين قبل انتقادنا الموضوعي لأي فرد أو منظمة تتسبب بإيذاء جاليتنا أو حتى أحد أفرادها، بغض النظر إن كان صديقاً أو غير ذلك.. إننا هنا من أجل نشر الحقيقة فقط لا غير».
Leave a Reply