واشنطن، موسكو – رغم الجدل والمعارضة الشعبية للتجسس على الأميركيين، جددت «المحكمة السرية» الأميركية، المكلفة بالبت في برامج المراقبة، العمل ببرنامج جمع المعلومات الهاتفية الذي انتهى مفعوله الجمعة الماضي، حسبما أعلن مدير أجهزة الاستخبارات. وقال جيمس كلابر، مدير الوكالة التي تشرف على 16 وكالة أمنية أخرى، وبينها وكالة الأمن القومي (أن أس أي)، إن محكمة مراقبة الاستخبارات الخارجية «جددت الإذن بالسماح بجمع معطيات هاتفية».
وجاء الكشف عن هذا القرار في سياق رفع صفة السرية عن هذا النوع من الممارسات الأمنية «نظرا للاهتمام الكبير والمتواصل الذي يوليه الرأي العام لبرنامج جمع المعطيات الهاتفية»، كما أوضح بيان كلابر.
وفي منتصف آب (أغسطس)، وعد الرئيس الأميركي باراك أوباما، بمراجعة برامج المراقبة الأميركية بعد النقاشات التي أثارها ما كشفه المستشار السابق في وكالة الأمن القومي الأميركية، إدوارد سنودن، من برامج واسعة لجمع المعطيات الهاتفية والإلكترونية. ودعا أوباما آنذاك إلى المزيد من الشفافية والرقابة على هذه البرامج، إلا أن إدارته أبقت على خط متشدد ضد عمليات تسريب معلومات سرية ولا تزال تلاحق سنودن، -الذي منحته روسيا حق اللجوء المؤقت- بتهمة التجسس!.
النزاهة فـي المخابرات
وفي موسكو، تلقى سنودن الأسبوع الماضي جائزة تمنحها سنويا جمعية أميركية تضم أفراد سابقين في الإستخبارات، وذلك على «نزاهته في عمل المخابرات». وقد قدم ممثلون عن جمعية «مشروع محاسبة الحكومة»، التي أسسها أفراد سابقون من وكالة الأمن القومي (أن أس أي) ووكالة المخابرات المركزية (سي آي أى) والشرطة الفدرالية (أف بي آي)، هذه الجائزة في موسكو حيث لجأ سنودن.
وقالت الجمعية على موقعها الالكتروني ان هذه الجائزة «يمنحها سنويا ضباط متقاعدون من وكالة المخابرات المركزية الاميركية لعناصر في المخابرات بسبب نزاهتهم في عملهم». ولم تعط الجمعية اية تفاصيل حول ظرورف تسليم هذه الجائزة. وقالت عضو الجمعية جيسلين راداك، وهي خبيرة سابقة في وزارة العدل إن «ادوارد في صحة جيدة وهو يتحدث بطلاقة ويركز ويتابع بدقة ما يجري في الولايات المتحدة وفي العالم». وسلمت هذه الجائزة في نفس اليوم الذي وصل فيه والد ادوارد سنودن الى موسكو للقاء ابنه.
جديد «وثائق سنودن»: مئات ملايين الرسائل الإلكترونية
كشفت صحيفة «واشنطن بوست»، الإثنين الماضي مزيداً من المعلومات عن وثائق سنودن، تؤكد أن وكالة الأمن القومي جمعت مئات ملايين لوائح الاتصالات الرقمية للأميركيين من خلال بريدهم الإلكتروني أو مواقع التواصل الإجتماعي.
وتشير الوثائق المسربة الى أنه في يوم واحد من العام 2012، اعترضت وكالة الأمن القومي 444,749 لائحة اتصالات لبريد الكتروني على حساب «ياهو» و82,857 لحساب «فيسبوك» و33,697 لحساب «جي ميل» (غوغل) و22881 لحسابات اخرى على شبكة الانترنت، حسبما أوضحت الصحيفة استناداً الى وثائق وكالة الأمن القومي. وتعميما على عام، فان هذه الأرقام تصل الى أكثر من 250 مليون لائحة اتصالات لبريد الكتروني سنوياً.
وقال مسؤولون في المخابرات الاميركية للصحيفة بأن ملايين لا بل عشرات ملايين الاميركيين معنيون بهذه العملية. وأضافوا ان الوكالة الاميركية للأمن القومي تعترض هذه اللوائح انطلاقا من نقاط تقع «في كل العالم» ولكن ليس في الولايات المتحدة وهذا ما اتاح للوكالة الالتفاف على المنع المفروض عليها لجمع معلومات عن أميركيين انطلاقا من الأراضي الأميركية.
«أخطر الوثائق» لم تنشر بعد
قال غلين غرينولد، وهو أول صحفي عمل على نشر الوثائق التي سربها سنودن، إن المعلومات الأكثر خطورة حول عمليات التجسس الأميركية واتساعها حول العالم لم تكشف بعد، واعدا بتقديم معلومات مذهلة خلال الأسابيع المقبلة.
وقال غرينولد، الصحفي بصحيفة «الغادريان» البريطانية، في حديث له من مقر إقامته بالبرازيل: «هناك الكثير من التقارير المقبلة.. الأرشيف (المسرب) كبير ومعقد وصادم إلى درجة تدفعني إلى الاعتقاد بأن القصص الأكثر إثارة للدهشة هي تلك التي مازلنا نعمل عليها ونعد لنشرها». وأضاف غرينولد أن بعض المعلومات تتعلق بتجسس أميركا على دول مثل فرنسا وإسبانيا، وذلك خلال حوار له مع عدد من الصحفيين على هامش مؤتمر حول الصحافة الاستقصائية، مشيرا إلى أنه كان على اتصال يومي بسنودن لبحث التعامل مع العدد الهائل من الوثائق التي سربها الموظف السابق إلى هونغ كونغ.
وذكر غرينولد أن سنودن، الذي تسببت تسريباته بإحراج كبير للبيت الأبيض في الداخل والخارج، اتصل به لتقديم الوثائق له ولمخرجة الأفلام لورا بويترس، المقيمة في العاصمة الألمانية برلين، ولفت إلى أنه يواصل الاتصال ببويترس لبحث التعامل مع «آلاف الوثائق» معتمدا على «طرق غير تقليدية» من أجل الحفاظ على سرية الاتصال. وقدم غرينولد لمحة حول اللقاء الأول بينه وبين كل من بويترس وسنودن في هونغ كونغ (قبل اللجوء الى روسيا)، مشيرا إلى أنه قام بإغلاق الباب على سنودن لمدة ست ساعات في غرفته بالفندق من أجل استجوابه للتأكد من أنه لم يكن ينصب فخا له، وفقا لما نقلته مجلة «تايم».
Leave a Reply