سرطان الثدي مرض يمكن تجنبه من خلال التشخيص المبكر، وتسهل معالجته مع اكتشافه قبل بلوغه مرحلة الخطر، إلا أن «ثقافة العيب» لطالما منعت العديد من النساء العربيات الأميركيات من الإفصاح بحرية عن هذا المرض الخطير ما أخّر تلقي العلاج الذي تحتاجه المريضة للتعافي منه. فبالنسبة للعديد من النساء في الجالية العربية يبقى سرطان الثدي من المواضيع المحرمة «تابو» لا يمكن التحدث عنها حتى مع أقرب أفراد العائلة، وهذا مايؤرق العديد من خبراء الصحة سيما وأن مرض سرطان الثدي يمكن إيقافه ومنعه من الإنتشار السريع إذا عولج مبكراً.
معظم النساء العربيات يشعرن بالإحراج والعيب إذا تطرقن إلى موضوع سرطان الثدي، حسب كلام هيام حمادة، مديرة برامج «الوقاية من الأمراض المستعصية» التابع لمركز «أكسس» في ديربورن، والمشرفة على برنامج «ضبط سرطان الرحم والثدي».
تقول حمادة «هذه ثقافتنا ومن الشائع جداً أن ترفض النساء التحدث عن سرطان الثدي. إنهن لا يردن الكلام عنه ويفضلن الإحتفاظ بالسر لأنفسهن.. إنه موضوع من المحرمات (تابو)». وأردفت «إن أغلبية النساء العربيات اللواتي سعين للحصول على مساعدة برنامج الوقاية التي تديره، شعرن بالإحراج عندما يفتح الموضوع، «لكن ليس كلهن». وتضيف حمادة «إن مرض السرطان هو بشكل عام مسألة صامتة داخل الجالية حتى بين الرجال».
الدكتورة نينا دخني، رئيس برنامج سرطان الثدي في مستشفى «بومانت»، تقول لـ«صدى الوطن» إنه من الأهمية الفائقة أن تخبر النساء اللواتي يتم تشخيصهن بسرطان الثدي، حقيقة الأمر لعوائلهن وأفراد الأسرة، فور معرفتهن بذلك «لأن المرض وراثي مما يجعل إحتمال إصابة أحد أفراد العائلة به إحتمالاً كبيراً».
وأضافت «أنت بخطر أعلى إذا كانت إحدى أفراد أسرتك أصيبت بالمرض سابقاً ويجب أن تسارعي إلى إجراء الفحوصات.. عليك أن تبلغي إخواتك حتى يقمن بالفحوصات اللازمة وإلا فإنك تؤذين عائلتك إذا أبقيت الأمر سراً».
وأكدت الطبيبة المختصة أنها رأت العديد من المريضات يزرن العيادة لإجراء فحص شعاعي لأن إحدى أفراد الأسرة تم تشخيصها بالمرض لأنهن يعلمن أن الإكتشاف المبكر من شأنه أن يساعد على إيقاف سرطان الثدي.
غير أن مقربة هذا المرض قد بدأت تشهد تغيرا في الأجيال الناشئة من الجالية العربية.
وفي هذا الصدد، علقت حمادة بالقول «إن الجيل الأسبق يختلف عن جيل اليوم، فالنساء الأكبر سناً يتحاشين الحديث عن سرطان بسبب المفهوم الخاطىء بأن الذي يصاب بالسرطان لا أمل لديه ومصيره الموت المحتوم». أما السبب الثاني فهو أن إثارة الإنتباه إلى منطقة الصدر من الجسم تجعل العديد من النساء في وضع محرج كذلك هناك عوامل أخرى تجعل من المرضى قضية صامتة داخل الجالية العربية».
يذكر أن حمادة هي إحدى الناجيات من مرض سرطان الثدي وقد شخصت بالمرض لأول مرة عام 2004 وهي تتحدث دوماً عن تجربتها أمام النساء الأخريات لكي تبرهن لهن أنه بالإمكان أن يعشن حياة طبيعية سعيدة ويتمتعن بأجساد صحية.
وبمناسبة شهر تشرين الأول (أكتوبر) الذي يحتفل به عالمياً للتوعية من مخاطر سرطان الثدي، تؤكد حمادة والدكتورة دخني على أهمية الإكتشاف المبكر لمنع تفشي الأورام السرطانية
وتنصح دخني النساء بأن يقمن بعمليات فحص لصدورهن بأنفسهن مرة في الشهر لكي يلاحظن أي تغيير فيهن ويسارعن إلى مشورة الطبيب المختص فوراً وأن يقمن مرة كل عام بفحص شعاعي لصدورهن. ومن المعلوم أن سرطان الثدي يتسبب بوفاة آلاف النساء سنوياً حول العالم بسبب عدم الإكتشاف المبكر للمرض وعدم القيام بالفحص الشعاعي (ماموغرام).
وتشير الإحصائيات الى أن واحدة من بين كل أربع نساء ناجيات من سرطان الثدي، لم تتم معالجتهن من المرض وهؤلاء غالباً ما يصبن بأمراض قلبية، أو السكري أو الجلطة لأنهن كن غير قادرات على دفع تكلفة التصوير الشعاعي والفحوص المختبرية.
وحول هذا الواقع المؤسف، تقول حمادة إن النساء غير القادرات على دفع الرسوم الطبية، لا يجب صدهن عن تلقي العلاج السرطاني، وأشارت إلى أن برنامج «أكسس» الذي تشرف عليه يقوم بإجراء فحوصات خاصة بسرطان الثدي لذوات الدخل المحدود من سن الأربعين ومافوق، وأيضاً النساء اللواتي لا يمتلكن تأميناً صحياً. كذلك يؤمن البرنامج فحوصاً لسرطان الرحم من دون كلفة.
وحسب الدكتورة دخني فإن أي إمرأة تُشخّص بسرطان الثدي تصبح مؤهلة أوتوماتيكياً للبرنامج الحكومي «ميديكيد». إلا أن حمادة أسفت لأن العديد من النساء لا يسعين إلى طلب مساعدة المركز إلا حين يشعرن بألم في الصدر أو يصبن بالتهاب.
وينظم مركز «أكسس» ندوات عمل تثقيفية، باللغتين العربية والإنكليزية، حول سرطان الثدي وضرورة الإكتشاف المبكر له. كما يؤمن برنامج الوقاية في «أكسس» مجموعات دعم للنساء المصابات مما يشعر المريضات بالإرتياح كما يؤمن العلاج إلى حوالي ألفي مصابة سنوياً في مقاطعات وين وماكومب وأوكلاند. أما برنامج سرطان الثدي في مستشفى «بومانت» فيخدم 1200 مريضة سنوياً من كل أرجاء الولاية.
وفي عموم ميشيغن، تُصاب 7 آلاف إمرأة سنوياً بسرطان الثدي، 1500 منهن دون سن الخمسين أما في الولايات المتحدة فتتعرض إمرأة واحدة من كل ثماني نساء إلى مرض سرطان الثدي خلال حياتهن.
في الختام حذرت الدكتورة دخني من أن العديد من النساء المهاجرات قد يعتقدن أنهن محصنات ضد سرطان الثدي لأنهن حتى في بلادهن الأصلية التي قد لا يكون هذا المرض واسع الإنتشار فيها ولكن إذا إستقرت النساء المهاجرات هنا من خمس إلى عشر سنوات فإنهن قد يتعرضن للمرض مثل غيرهن من النساء الأميركيات لأن أسباب المرض قد تحمل عوامل بيئوية.
للمزيد من المعلومات أو للإتصال بهيام حمادة الرجاء الإتصال على الرقم ٣١٣.٢١٦.٢٢٠٦ أو زيارة مقر «أكسس» في ديربورن على ٦٤٥٠ شارع مايبل.
Leave a Reply