عواصم – انشغلت الدبلوماسية الأميركية خلال الأسبوع الماضي بالاعتذارات للعديد من قادة دول العالم التي تبين أن الولايات المتحدة تقوم بالتجسس على مواطنيها وزعمائها وفق وثائق جديدة سربها موظف الإستخبارات الأميركية المنشق، إدوارد سنودن.
غرينوولد سيكشف معلومات جديدة حول نظام المراقبة العالمي الذي تديره وكالة الأمن القومي |
فرنسا هي من بين الدول التي تجسّست عليها «وكالة الأمن القومي» الاميركية (أن أس أي). وقد قال البيت الأبيض في بيان إن الرئيس الأميركي باراك أوباما تحدث مع نظيره الفرنسي فرانسوا هولاند، الاثنين الماضي، بشأن التقارير الصحفية التي كشفت النقاب عن تجسس أميركي واسع النطاق على مواطنين فرنسيين.
وفي اعتراف بصحة الوثائق أضاف البيت الأبيض أن الرئيسين «ناقشا ما كشف النقاب عنه في الآونة الأخيرة في الصحف، التي شوه بعضها أنشطتنا، والتي أثار بعضها أسئلة مشروعة من جانب أصدقائنا وحلفائنا عن كيفية توظيف هذه الإمكانيات». وقال البيان إن «الرئيس أوضح أن الولايات المتحدة بدأت في مراجعة الطريقة التي نجمع بها معلومات مخابراتنا حتى نحقق توازنا بشكل ملائم بين المخاوف الأمنية المشروعة لمواطنينا وحلفائنا، وقلقنا على الحياة الشخصية التي يتفق عليها كل الناس».
وقال البيت الأبيض إن الزعيمين اتفقا على ضرورة أن تواصل بلديهما مناقشة هذا الأمر من خلال القنوات الدبلوماسية.
من جهة أخرى أعرب الرئيس الفرنسي عن «استنكاره الشديد» لما أثير بشأن قضية التجسس، معتبرا أنها «ممارسات مرفوضة» بين الحلفاء. وأورد بيان للرئاسة الفرنسية أن هولاند طلب خلال الاتصال الهاتفي بـ«تقديم كل التوضيحات» اللازمة، لافتا إلى أن الرجلين «شددا على وجوب وضع إطار لعمليات جمع المعلومات الاستخباراتية، خصوصا في سياق ثنائي».
وكان رئيس الوزراء، الفرنسي جان-مارك إيرولت، قد أعرب عن صدمته إزاء ورودِ معلومات، تفيد بتجسس واشنطن على اتصالات الفرنسيين. وطالب الولايات المتحدة، بتقديم أجوبةٍ واضحة، بشأن هذه الممارسات.
كما استدعت باريس السفيرَ الأميركي لديها، على خلفية هذه القضية. وقال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، إن هذا التجسس غيرُ مقبول.
وحصلت وكالة الأمن القومي الأميركية على أكثر من ٧٠ مليون سجل هاتف فرنسي خلال فترة 30 يوماً، وذلك حسب وثائق جديدة سربها سنودن لصحيفة «لوموند» الفرنسية التي كشفت أن عملية التجسس شملت رسائل نصية بناء على كلمات معينة في عملية تجسس من العاشر من كانون الأول (ديسمبر)، إلى السابع من كانون الثاني (يناير) الماضيين. وتوجه إحدى الوثائق المحللين بألا يعتمدوا فقط على برنامج المراقبة الإلكترونية، ولكن أيضا على مبادرة يطلق عليها «أبستريم»، تسمح بمراقبة كابلات الاتصالات تحت سطح البحر.
فرنسا ليست وحدها هدفا لوكالة الأمن القومي الأميركية لأن الأخيرة كانت تتجسس كذلك على مناطق النزاع في العالم، على روسيا والصين وألمانيا وبريطانيا. صحيفة «لوموند» تضيف أن الحكومة البريطانية هي من رخص لوكالة الأمن القومي بالتجسس على البريطانيين.
صحيفة «إلباييس» الإسبانية أوردت بدورها مقالا جاء فيه: إن الاستخبارات الإسبانية لديها شكوك كبيرة في أن وكالة الأمن القومي الأميركية راقبت ملايين الرسائل النصية والرسائل الالكترونية والمكالمات الهاتفية القادمة من إسبانيا أو المتوجهة إليها، بغرض جمع معلومات عن مواطنين إسبان. وتقول صحيفة «إلباييس» إن نشاطات الوكالة تتركز حول جمع معطيات عن الأفراد في حالات خاصة فقط، أي عند استعمال رقم هاتفي تحت مراقبة الوكالة أو عند النطق بكلمة مثيرة للشكوك آنذاك يتم تسجيل المعلومات أو الاستماع للمتحدثين عبر الهاتف.
الولايات المتحدة تجسست على أميركا اللاتينية
وكان الصحافي غلين غرينوولد الذي نشر ما كشفه ادوارد سنودن حول نظم التجسس الاميركية، قد أعلن الاثنين الماضي ان الولايات المتحدة تجسست على جميع دول أميركا اللاتينية. وقال الصحافي الاميركي خلال مشاركته في مؤتمر للصحافة في دنفر (كولورادو)، ان «جميع دول أميركا اللاتينية كانت عرضة للتجسس من قبل الحكومة الأميركية».
وقال غرينوولد عبر الفيديو من البرازيل حيث يعيش، في الجمعية الـ69 للهيئة الاميركية للصحافة، ان «العديد من الاجتماعات الاميركية اللاتينية» ومن بينها اجتماعات منظمة الدول الأميركية وكذلك «المحادثات حول معاهدات التبادل الحر» كانت عرضة للتجسس ولكنه لم يعط المزيد من الايضاحات.
واوضح الصحافي الذي استقال الاسبوع الماضي من صحيفة «الغارديان» البريطانية، انه سيكشف أموراً جديدة حول نظام المراقبة العالمي الاميركي الذي تديره وكالة الامن القومي، لافتاً الى ان المعلومات التي نشرتها «لوموند» «كانت بحوزة الصحيفة» الفرنسية منذ «بعض الوقت».
وفي مكسيكو، أعرب الرئيس المكسيكي السابق فيليبي كالديرون عن «احتجاجه الشديد» على التجسس الذي تعرض له من قبل الولايات المتحدة معتبرا انه «هجوم على المؤسسات المكسيكية». وقال في احدى تغريداته على موقع تويتر «تحدثت مع خوسيه انطونيو ميادي، وزير الخارجية، وطلبت منه نقل احتجاجي الشديد على التجسس الذي تعرضت له».
وكانت صحيفة «دير شبيغل» الالمانية نشرت الاحد خبرا مفاده ان وكالة الامن القومي الاميركية تجسست على البريد الالكتروني للرئيس المكسيكي السابق اعتبارا من أيار (مايو) 2010 وان الوكالة «تجسست بشكل منتظم ولسنوات على الحكومة المكسيكية». وفي تغريدة أخرى على «تويتر»، اعتبر كالديرون ان التجسس الذي تعرض له «هو اكثر من هجوم شخصي عليه بل هو هجوم على المؤسسات المكسيكية» نظرا الى أن عمليات التجسس جرت وهو كان لا يزال يمارس «مسؤولية رئيس الجمهورية».
وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما قد أكد للمستشارة الألمانية أنغيلا مركل أن الولايات المتحدة لا تراقب اتصالاتها، كما أعلن البيت الأبيض، رداً على إعلان المستشارية الألمانية أن واشنطن قد تكون تنصتت على هاتف المستشارة. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني إن «أوباما وميركل تحدثا هاتفياً وأنه أثناء هذه المحادثة أكد الرئيس للمستشارة أن الولايات المتحدة لا تراقب ولن تراقب اتصالات المستشارة».
وقال مكتب ميركل في بيان، في وقت سابق، إن «الحكومة الفدرالية حصلت على معلومات تؤكد أن الهاتف المحمول للمستشارة قد يكون تعرض للمراقبة من قبل الاستخبارات الأميركية»، مضيفاً أن «المستشارة اتصلت هاتفياً اليوم الأربعاء بالرئيس باراك أوباما».
سنودن يطل عبر «نيويورك تايمز»
رد سنودن على واحد من أكثر الانتقادات لقراره باللجوء إلى روسيا، حيث اتهم بخيانة بلاده، وبأنه أصبح مرجعاً استخباراتياً للحكومة الروسية، وأن أي معلومات كان يملكها عند وصوله أصبحت بحوزة أجهزة الأمن والمخابرات الروسية، بنفي تلك الاتهامات جملةً وتفصيلاً.
وقال سنودن، في مقابلة مع «نيويورك تايمز»، أجريت معه عبر خدمة إنترنت مشفرة، إن هذا غير ممكن، مؤكداً أنه لم يجلب أياً من هذه المعلومات السرية معه إلى روسيا، وإنما تركها في هونغ كونغ مع الصحفي الذي كان يعمل معه (غرينوولد)، وأضاف أنه لا توجد نسخ إضافية، وأن هذا لا يخدم المصلحة العامة.
كما شدد سنودن على أنه على يقين بأن الصين لم تتمكن من الوصول إلى هذه المعلومات، لأنه كان على دراية كافية بقدرات الصين التقنية للحفاظ على المعلومات من أجهزة استخبارات الدولة الشيوعية.
وكان والده لُن سنودن قد أدلى بتصريحات مماثلة جداً، بينما كان في موسكو مؤخراً لزيارة ابنه، حيث نفى وجود أي اتصال بين إدوارد والاستخبارات الروسية، وأضاف أن ابنه لم يستجوب من قبل أي وكالة تجسس من أي بلد آخر، منذ أن فر من الولايات المتحدة.
Leave a Reply