تونس – تبدو حركة «النهضة» التونسية مأزومة إزاء محاولتها معالجة الأزمة السياسية التي بدأت في التصاعد منذ الربيع الماضي، فهي تواجه ضغوطاً متصاعدة لإعلان استقالة حكومة علي العريض لبدء الحوار الوطني، كما تواجه اتهامات الحركة بتغطية «الإرهابيين» في البلاد.
فقد تواصل انكشاف مؤشرات انفلات أمني، حيث أعلن المتحدث باسم وزارة الداخلية محمد علي العروي العثور على سيارة «جاهزة للتفجير» في ولاية سيدي بوزيد، بالتزامن مع تشييع مهيب لعدد من عناصر الحرس الوطني الذين سقطوا في الولاية ذاتها، الأسبوع الماضي.
وقررت «جبهة الإنقاذ الوطني» تعليق مشاركتها في الحوار الوطني في وقت أعلن عن تأجيل المؤتمر الصحفي الذي كان من المقرّر أن يعقده رئيس الحكومة علي العريض بعد الجلسة الاستثنائية لحكومته، الأمر الذي تسبَّب في إرجاء مؤتمر الحوار الوطني الذي كان من المفترض أن ينطلق الأربعاء الماضي.
وكان أنصار المعارضة قد خرجوا بتظاهرات في شارع الحبيب بورقيبة يوم «٢٣ أكتوبر»، ووقعت صدامات بينهم وبين قوات الأمن. ورفع المتظاهرون لافتات تدعو الحكومة للرحيل واعتبروا أن الحكومة الحالية فاقدة الشرعية.
وأعلن الرئيس التونسي المنصف المرزوقي في كلمة له مساء الاربعاء الماضي، أن رئيس الحكومة علي العريض أكد له أن مبدأ استقالة الحكومة لا رجعة فيه حال الانتهاء من وضع الدستور الجديد.
أمنياً، قالت «حركة النهضة»، في بيان خصص للتنديد بـ«الإرهاب» الذي ضرب قوات الأمن في ولاية سيدي بوزيد، «تدعو (الحركة) الجميع إلى دعم الوحدة الوطنية والتعاون من أجل المصلحة العليا للبلاد وتنمية سبل العيش المشترك والعمل على إنجاح الحوار الوطني باعتباره أحسن ردّ على الإرهاب».
في غضون ذلك، تعتبر مصادر متابعة لسياق الأزمة التونسية أنّ الأمور عالقة عند نقطة استقالة الحكومة نظراً إلى أن «حركة النهضة»، التي تترأس الحكومة الحالية، تخاف من أي بديل، خصوصاً أن الحكومة المقبلة ستشرف على الانتخابات التي من المفترض أن تقام العام المقبل.
وبعد يوم على مقتل ثمانية من عناصر الأمن وإصابة 4 آخرين في مواجهات مع مسلحين في ولاية سيدي بوزيد تعهد المجلس الأعلى للأمن، الذي انعقد بحضور رئيس الجمهورية المنصف المرزوقي ورئيس الحكومة علي العريض ورئيس المجلس الوطني التأسيسي مصطفى بن جعفر ووزراء آخرين وقادة أجهزة أمنية وعسكرية، بالقضاء على «المجموعات الإرهابية».
وبحسب البيان، فقد شدّد الرؤساء الثلاثة على أنّ هذه الاعتداءات «الإرهابية الجبانة» لن تزيد التونسيين إلا «إصراراً على مواجهة ظاهرة الإرهاب والانتصار عليها»، كما أشاد المجلس بتضحيات قوات الحرس والأمن والجيش وجهودهم المتواصلة في الذود عن الوطن.
يذكر أنه إضافة إلى المواجهات التي وقعت في ولاية سيدي بوزيد، فإنّ مدينة منزل بورقيبة في محافظة بنزرت شهدت مقتل شرطي وإصابة آخر على يد مسلحين مجهولين. وشاركت حشود كبيرة، بولاية الكاف في شمال غربي البلاد في جنازة الضابط سقراط الشارني، الذي قتل في سيدي بوزيد. وقال شهود إن طريقاً طولها خمسة كيلومترات امتلأت بالمشيّعين الذين رددوا شعارات معادية لـ«حركة النهضة».
وأعلنت «النهضة» كذلك أن خمسة من أنصارها أصيبوا بجروح في هجوم شنه متظاهرون على مقرّها في مركز ولاية باجة، إثر إقامة جنازة شرطي.
Leave a Reply