إنطلاقاً من إهتمام «صدى الوطن» في رفع الظلم والضيم عن كل فئات مجتمعنا العربي الأميركي، وخصوصاً الضحايا من النساء، حضرت الجريدة مؤتمراً بعنوان «أصوات فوق العنف» خصص لمعالجة مشكلة العنف الأسري داخل العائلات وانعكاساتها على العلاقات الإجتماعية، أقيم يوم السبت في 19 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي في مركز فورد للفنون التابع لبلدية ديربورن. وتضمن البرنامج خدمات مجانية لضحايا العنف الأسري من ضمنها إتاحة المجال للحضور في الحصول على نصائح قانونية والمشاركة في ندوات حول العنف المتولد من علاقات المراهقين كما التقوا مع أخصائيين لمناقشة سبل التخلص من العلاقات التي يشوبها العنف. كذلك تخلل الحفل عروضاً غنائية وشعرية معبرة وكلمات وشهادات من صلب المناسبة.
عدسة: بيل شابمان |
وخلال البرنامج تحدثت «بيانكا»، وهي عربية أميركية لم ترد الإفصاح عن إسمها الحقيقي، عن تجربتها كضحية للعنف الأسري على مدى عشرة أعوام من زواجها السابق، وقالت أمام الحضور «أريد أن أسرد قصتي لكي أساعد النساء واعلمهن بأنهن لسن وحدهن». وقد تمكنت «بيانكا» من الحصول على إهتمام بضعة نساء كن ضحايا العنف الأسري وحملن أنفسهن على حضور البرنامج.
وقالت «بيانكا» إن إحدى النساء قالت لها في علاقة مستمرة منذ 30 سنة ولا تعرف كيف تخرج منها.. «قالت لا يوجد عندي أهل وأنا عاجزة ولا أتمكن من الخروج فقلت لها لا بل يمكنك ذلك وإذا لم يكن عندك أهل فأنا أهلك».
ولاشك أن ضحايا العنف الأسري يصعب عليهم أن يعلنوا أو يناقشوا تجاربهم المريرة مع الغير، خصوصاً إلى النساء الباقيات اللواتي هن جزء من مجتمعهن.
«بيانكا» تعرفت على زوجها السابق أثناء سنوات الدراسة لكنها لم تلاحظ أبداً علامات السلوك العدواني لديه إلا بعد الزواج، حيث تحول إلى استخدام العنف، فوجدت نفسها داخل علاقة زوجية مؤذية، في حين كانت تدرس المحاماة في الجامعة وتربي طفلاً، إلى أن اقتنعت أخيراً أن الإبقاء على هذه العلاقة الزوجية أمر غير صحي و«أن الوقت حان لوضع خطة للرحيل».
وهناك العديد من النساء «خائفات من الجهر (بالعنف ضدهن) وخائفات من طلب المساعدة ويشعرن بأنهن وحيدات والذي نشدد عليه لهؤلاء النساء أننا هنا عندما يكنّ مستعدات والمساعدة متاحة والمصادر موجودة» بحسب بيانكا.
كما قالت منى مكي مديرة البرنامج والمعالجة النفسية في المركز العربي «أكسس» إن برنامج «واحة الأمان لضحايا الإجرام» الذي أشرف على تنظيم المؤتمر يقدم خدمات مجانية خاصة عبر مجموعات دعم وإرشاد إضافة الى خدمات نفسية وتثقيفية لإدارة الأزمات الى جانب خدمات قانونية وقسائم طعام وغير ذلك من المساعدات.
وتتعدد أشكال العنف الأسري إضافة إلى كونه عنفاً جسدياً ليشمل الإساءة الجنسية والشفهية والعاطفية والإقتصادية والروحية. وفي حال الإساءة المالية فإن الزوج قد يحاول التحكم بكل الموارد المالية في مؤسسة الزواج أما الإساءة الدينية فتتضمن إجبار الشريك على عبادة من يريد هو وإختيار مكان العبادة، كذلك فإن منع الزوجة من الدراسة أو قيادة السيارة هو نوع من العنف الأسري.
كذلك شرحت المحامية ناديا حمادة الخريجة من كلية الحقوق في جامعة «وين ستايت» والتي تملك مكتباً للمحاماة في مدينة ليفونيا، قصتها حول العنف الأسري الذي تعرضت له وكيف تخلصت منه. وذكرت أن أولادها هم الذين دفعوها إلى مغادرة هذه العلاقة الجائرة، مضيفة «أعتقد أن أولادي هم الذين منحوني القوة الأكبر. أنا أم لثلاث بنات وأشعر أني إذا لم أتخذ موقفاً لصالح نفسي فإني سوف أشهد حصولهم على نفس الخيار التعس. هذا هو موقفي أن أدافع عن نفسي لأجل بناتي وأحاول أن أحدث تغييراً حتى يتمكنوا من إقامة علاقات أنجح وبفرص أفضل من فرصي أنا. وأعتبر أن علينا أن نسنّ لهن مثالاً يقتدى به وإذا كان المثال هو القبول (بالواقع) فإننا نكون قد علّمناهن رسالة ذات مفهوم خاطئ».
وتابعت: «إني مستعدة لبذل روحي وكل ما أملك على أن أكون شاهدة على مأساة مماثلة من العنف الأسري لأولادي قد تحصل لهم كما حصلت لي وأنا أعتبر أن الطريقة الوحيدة لحمايتهم هي أن أكون مثالاً جيداً بترك العلاقة السيئة المؤذية». وأردفت «إن الخروج من علاقة عنفية في البداية هو صراع حقيقي والذي أرعبني أكثر هو كوني إمرأة لوحدي من دون معيل وعلي أن أربي أولادي وأنفق على البيت».
وإستطردت حمادة الى أن هناك مصادر معينة ومن الضروري الوصول إليها لمواجهة العنف المنزلي، عبر تخطي الوازع الداخلي المتمثل بالشعور بالضعف والإحراج «ولكن في النهاية على أن تستجمعي قواكِ وتستعدين بالعزم اللازم لاستعادة ما أخذ منكِ عنوةً».
وحول آثار ومخلفات العنف الأسري، أشارت مكي إلى خطره كبير على الأطفال حيث مجرد مشاهدتهم للعنف قد يجعلهم من ضحاياه، وهذا الخطر أثار إهتمام وإنتباه العديد من النساء. وذكرت مكي أن أطفال العنف الأسري قد يتعرضون للمتاعب مع القانون لاحقاً وكذلك في المدارس وفي العلاقات الإجتماعية، وقد يتطور لدى البعض يتحول مشاكل نفسية مثل القلق أو الإكتئاب، فالأطفال هم «نتاج بيئتهم وعندما يعيشون ضمن بيئة مؤذية وعنفية فإنها توحي لهم أن العنف شيء غير مستغرب أو عدم الإحترام أمر غير مستهجن».
بدورها قالت سهام جعفر رئيس ومدير الإستشارة والتواصل» والرئيس السابق للإئتلاف «ضد العنف الأسري» التابع لـ«أكسس» أن من المهم للأطفال المولودين في زيجات العنف الأسري» أن يبلغوا الأهل كيف تأثرهم، والأهم الوقوف بجانب أحد الوالدين الذي يريد أن يتخلص من هذه العلاقة المضرة ويمنحوا الأهل الشجاعة والقدرة على إنهاء العلاقة». وأضافت «يمكن للنساء أن يكنّ نموذجاً مثالياً لأطفالهن عن طريق الخروج من هذه العلاقة ورفض العنف، والنساء القويات اللواتي يسحبن أولادهن من هكذا علاقة عنفية هو أفضل عمل يقمن به لهؤلاء الأولاد». كذلك تحدثت في البرنامج المدعي العام الفدرالي لشرق ميشيغن باربرا ماكويد التي قالت إن الأطفال الذين يشهدون العنف الأسري هم أكثر عرضة لمشاكل تعليمية وصعوبة النجاح في المدرسة إضافة إلى معاناتهم من مشاكل نفسية تدفع البعض منهم إلى تعاطي المخدرات والكحول وقد يصابون بصدمات عصبية أيضاً عند مشاهدة تجربة مريعة تماماً مثل الجنود العائدين من مسرح القتال. وأضافت أن «أكثر الأمور الفظيعة التي خبرناها هو تحولهم أنفسهم إلى جزء من دورة العنف، والأطفال الذين يحيون العنف الأسري فعلاً يصبحون هم أنفسهم من فاعليه ما لم يتلقوا العون اللازم». وأضافت أن «العنف الأسري ليس قضية عائلية لكنه جريمة وقد وضحنا للجميع أن الضحايا ليسوا على خطأ أبداً».
ثم تحدث بعد المدعي العام ريمون وينانس وهو أحد النشطاء ومؤسس «الإبقاء عليهن أحياء» وهي منظمة خيرية تمنع العنف الأسري وترك الطلاب للدراسة وتقدم للتلاميذ خدمات تربوية. وينانس شجّع الرجال لأن يتخذوا موقفاً ويساعدوا على وقف العنف الأسري، وأضاف «علينا أن نبدأ بحماية نسائنا ورسالتي لكم اليوم هو أني أرجوكم كآباء وكأزواج أن تقفوا في وجه العنف وتكونوا حماة لأننا إذا لم نحمي فتياتنا ونساءنا فمن يحميهم؟».
للمساعدة ضد العنف الأسري.
– قسم العنف الأسري التابع لمكتب مدعي عام مقاطعة وين: 5857-224-313
– برنامج الخطوة الأولى لمساعدة ضحايا العنف الأسري: 1772-722-734 أو 1111-416-734
– دعم ومأوى: 1274-334-248
– نقطة التحول: 4435-463-586
– خط ساخن للأزمات مفتوح 24 ساعة يومياً على الرقم: 6995-463-586
– «أكسس» 2252-216-313
– «المجلس العربي الأميركي والكلداني» (أي سي سي) 1995-559-248
– خط العنف الأسري الوطني: ٧٢٣٣-٧٩٩-٨٠٠
– الإئتلاف الوطني ضد العنف الأسري ١٢١١-745-202
Leave a Reply