أظهرت النتائج النهائية للإنتخابات البلدية الأخيرة في ديربورن تطابقاً تاماً من ناحية الإقبال على التصويت مقارنة بنتائج الإنتخابات السابقة خلال العقد الماضي، حيث أدلى 18,520 شخصاً بأصواتهم من أصل 61,295 ناخباً مسجلاً في المدينة أي نسبة 30,2 بالمئة. أما إذا تم تحليل عدد الأصوات في كل قلم إقتراع فإن النتيجة تكون مخيبة أكثر في منطقة القسم الشرقي من ديربورن، حيث الكثافة العربية الأعلى في أميركا، إلا أن ذلك لا يغير في حقيقة أن «الصوت العربي» في كافة أنحاء المدينة كان عاملاً أساسياً في تحديد النتائج النهائية، التي أسفرت عن تصدر المرشحة العربية الأميركية، سوزان دباجة، لسباق المجلس البلدي، في إنجاز تاريخي للجالية العربية، التي لم يسبق لأحد أبنائها أن تولى هذا المنصب.
متطوعون أمام أحد المراكز الإنتخابية |
وقد أظهرت أقلام الإقتراع الرئيسية في شرقي ديربورن مثل قلم إقتراع «ماكدونالد» و«لاوري» و«وودورث» و«وليام فورد» عن إقبال تراوحت نسبته بين 15 و20 بالمئة أما في جنوب المدينة، في منطقة ديكس، حيث تتركز الجالية اليمنية، فإن نسبة الإقبال في «سالاينا» كانت 17 بالمئة، وهي نتيجة متساوية مع نتائج شرقي ديربورن عموماً.
لكن في مراكز الإقتراع الأكبر الواقعة غربي المدينة، مثل مركز «ثانوية ديربورن» و«هيغ» و«فيرست بريسبيتاريان» و«هاورد»، تراوحت نسبة الإقبال على التصويت مابين 25 إلى 30 بالمئة والمعروف أن معظم الناخبين هناك هم من غير العرب الأميركيين بالرغم من أن التواجد السكني العربي آخذ بالنمو بإضطراد في تلك المنطقة.
عامل آخر حاسم في المعركة الإنتخابية كان الإقتراع الغيابي، فقد أدلى 4316 شخصاً بأصواتهم غيابياً، أي 23 بالمئة من مجمل الأصوات.
وفي قراءة لنتائج سباق المجلس البلدي يظهر تفاوت كبير في ترتيب المرشحين المتنافسين تبعاً لأقلام الإقتراع. ففي الجانب الشرقي حصدت سوزان دباجة ومايك سرعيني وطارق بيضون معظم الأصوات، ونال بيضون الذي حصل على المرتبة التاسعة في السباق النهائي، المرتبة الأولى والثانية في العديد من أقلام الإقتراع بالجزء الشرقي لكن أداء حملته المتواضع في غرب المدينة جعله يفقد حظوظ الفوز. ففي مدرسة «ماكدونالد» حصل بيضون على 433 صوتاً، أقل بثلاثة أصوات من سوزان دباجة وأكثر من 200 صوت من توم تافيلسكي الذي حاز على المرتبة الثانية بعد دباجة في السباق. تافيلسكي، رئيس المجلس الحالي، كان أحد المرشحين المدعومين من قبل «أيباك» مما يفسر حصوله على نسبة معتبرة من الأصوات في شرق ديربورن حيث تخلف بحوالي 100 إلى 200 صوت عن المرشحين العرب الثلاثة الأوائل.
وفي «لاوري» حصدت دباجة 293 صوتاً جعلها الفائزة رقم واحد، وحلّ بعدها بيضون ثانياً بـ269 صوتاً، وسرعيني ثالثاً بـ232 صوتاً. أما تافيلسكي فحلّ رابعاً بـ130 صوتاً. أما المرشحون الذين لم يحالفهم الحظ والمدعومون من «أيباك» باتريك ميلتون وكريسين تيلور وجاين أهيرن فقد حصلوا على 90 و86 و71 صوتاً على التوالي.
عضوا المجلس البلدي الحالي، العربيان الأميركيان روبرت إبراهام وديفيد بزي، أيضاً حصلا على عدد أقل بكثير من الأصوات التي حازها كلٌّ من دباجة وبيضون وسرعيني في الجانب الشرقي وإستطاعا الفوز بالمركزين الخامس والسادس في مجموع الأصوات في تلك المنطقة، مع العلم أنهما لم يحصلا على دعم «أيباك».
وفي الجزء الشرقي (أقلام 1 – 12 و14 -21) فازت دباجة بالمرتبة الأولى بمجمل الأصوات بحصولها على 3614 صوتاً يليها سرعيني بـ3423 صوتاً وبيضون بـ3313 صوتاً وقد حل تافيلسكي بالمرتبة الرابعة بـ 1953 صوتاً ثم بزي وأبراهام وميلتون.
وفي مركز «وودورث» حصد إبراهام وبزي 154 صوتاً أي حوالي أكثر من نصف أصوات دباجة التي حصلت على 301 صوتاً. وبالعكس حصل إبراهام في مدرسة «هاورد» غربي المدينة على 323 صوتاً، وبزي على 293 صوتاً مقابل حصول الفائز بالمرتبة السابعة مارك شوشانيان على 322 صوتاً.
توم تافيلسكي حلّ أولاً في القسم الغربي بحصوله على 4757 صوتاً (أقلام إقتراع 22- 50) بالرغم من وجود هجمات مكثفة ومتوالية عليه من قبل رئيس البلدية جاك أورايلي الذي روّج للائحته الإنتخابية الخاصة من دون تافيلسكي، عبر المنشورات البريدية.
وقد تحدث المحامي علي حمود نائب رئيس «أيباك» لـ«صدى الوطن» قائلاً إن بعض المتطوعين كانوا يطلبون من الناخبين إنتخاب المرشحين العرب فقط، وأضاف «تبين بوضوح أن لائحة «الصوت العربي» التي أصدرها «اتحاد الطلاب العرب» وروّج لها أحد المرشحين، ساعدت بزي وإبراهام في الجانب الشرقي، بينما ساعدت لائحة «أيباك» تافيلسكي وميلتون، «غير أن دعمنا لم يساعد ميلتون كفاية للإطاحة بالعضو الحالي مارك شوشانيان» الذي فاز بفارق 386 صوتاً. وأضاف حمود «لو التزم الناخبون العرب بلائحة «أيباك» أكثر لربما كان ميلتون فاز على شوشانيان، وما كان إبراهام وبزي حصلا على نسبة عالية من الأصوات في الشرق وهو ما كان قد يجعل نتائج السباق تصب في صالح بيضون» الذي حل تاسعاً.
وعكست النتائج الإنتخابية أن المرشح الذي يسعى للحصول على أكبر عدد من الأصوات يجب أن يتوجه، إلى حد كبير، إلى كل الناخبين في المدينة.
فمثلاً سوزان دباجة التي حصدت أكثر الأصوات، سيطرت على صناديق الإقتراع في الجانب الشرقي من ديربورن وأبلت بلاءً حسناً في الغرب حيث حلّت سابعة، كما أنها أيضاً نجحت في حصد أصوات المقترعين غيابياً حيث حصلت على حوالي ألفي صوت، بالمرتبة الثالثة خلف تافيلسكي وأبراهام.
أما بيضون فحصل على 808 أصوات غيابية ولم يحصل على أصوات كثيرة في الغرب مما فوت عليه فرصة الفوز بمقعد بلدي. ويبدو أن دعم أورايلي لدباجة وسرعيني وأبراهام وبزي وشوشانيان وبراين أودونل قد يكون أدى إلى زيادة التصويت لهم.
وأشارت مديرة حملة دباجة، ملاك بيضون، أنها عملت على التوجه نحو كافة ناخبي المدينة من مختلف الإتجاهات، وأضافت «لقد أقمنا حملة بشكل تجعل سوزان مقبولة من كل المصوتين في المدينة، شرقاً وغرباً، إضافة إلى المسنين الذين عادة ما يصوتون غيابياً». فشرق المدينة حيث تعمل دباجة في مكتب للمحاماة هو قاعدتها الأساسية، أما الجانب الغربي فجديد عليها نوعاً ما «لذا كنا فخورين بالأرقام التي حصلنا عليها هناك، إنها وجه جديد فيما بعض المرشحين قابعون في المجلس البلدي منذ أكثر من 12 عاماً وكانوا مألوفين أكثر للناخبين».
وأردفت «إن مرشحي الجالية لم يتكلوا على مجموعة واحدة لتأمين الفوز لأنك لا يمكنك أن تربح على أساس الصوت العربي لوحده بل عليك أن تقوم بحملة إنتخابية شاملة جامعة تشمل كل أطراف المدينة».
وفي حين أقر بيضون بأدائه الضعيف في غرب المدينة إلا أنه قال أيضاً إن حملته الإنتخابية كانت تتوقع إقبالاً عربياً أميركياً عالياً في كل أنحاء المدينة. وأضاف «كنت أتوقع إقبالاً عربياً أكبر، لكن ضعف الإقبال كان مؤثراً». وأردف في حديث إلى «صدى الوطن» قائلاً «لقد تعرضت إلى تحديات كثيرة في الجانب الغربي أولها أني أحمل إسماً عربياً وأني في مقتبل العمر… لقد تنافس على المجلس 14 مرشحاً ومن الصعب أن تحمل المقترعين على النظر إليك عندما تقف في وجه خمسة أعضاء حاليين الى جانب مرشحين بأسماء أميركية (سوزان ومايك) ومدعومين من قبل رئيس البلدية». وإستطرد بيضون «بعض الناس استندوا في قرارهم الإنتخابي على العمر والجنس والعرق لكني حاولت أن أتوجه إلى غير العرب وطرقت أبواب ألف منزل وأرسلت المئات من المناشير، إلا أنه بالرغم من خيبة الأمل من ضعف الإقبال العربي، إلا أن أعداد الناخبين العرب في مختلف أنحاء ديربورن قد تزايد مقارنة بالإنتخابات المحلية السابقة».
وبدورها، قالت رئيسة «أيباك»، المحامية مريم بزي، إن المنظمة «قامت بما عليها لإعلام السكان وتثقيفهم حول الإنتخابات لكن على مايبدو أن الجالية لم تشارك بأعداد كبيرة يوم الإنتخابات». وأضافت «أعتقد أن أعداد الناخبين كان من الممكن أن تكون أفضل، لكن يجب التذكر أنها كانت إنتخابات محلية ولم يكن هناك سباق رئاسي».
وبالرغم من أن إقبال الناخبين في الجالية لم يكن بالمستوى المطلوب الذي كان يعول عليه المرشحون ونشطاء الجالية، إلا أنه في المحصلة النهائية شكل عاملاً حاسماً في مساعدة دباجة في الوصول إلى رئاسة المجلس البلدي وسرعيني للحصول على المركز الثالث.
وفيما لا تزال المشاركة العربية السياسية غير ناضجة تماماً قالت ملاك بيضون لـ«صدى الوطن» إن العرق لا يلعب دوراً رئيسياً في قرارات الناخبين. وقد أوردت مثالاً على ذلك إنتخاب مايك داغن لرئاسة بلدية ديترويت. وأضافت «الفترة الإنتقالية هنا وأغلب الناخبين لاينظرون إلى العرق بل إنهم ينتخبون المرشحين الذين يعتقدون أنهم قادرون على تطوير مدنهم بغض النظر عن خلفياتهم».
Leave a Reply