الإيمان والعمل الصالح
«ربِّ هبْ لي من لدُنك عملاً صالحاً يقربني إليك»..
ورد في القرآن الكريم، العديد من الآيات التي تربط بين الإيمان والعمل الصالح، في سورة العصر: «إن الإنسان لفي خسر إلاّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات». فالذين آمنوا وعملوا الصالحات هم الفائزون دوماً.
العمل الصالح مع الإيمان يثمر الحياة ويبنيها على أسس التقوى والمحبة والعطاء. العبادة هي بين العبد وربّه، من يصوم ويصلي ويحج ثم يأتي بعملٍ يؤذي من حوله، لا جدوى من عبادته.. ومن ثمارهم تعرفونهم كما قال المسيح العظيم عليه السلام، و«الأعمال بالخواتيم» ودقات قلب الإنسان تُذّكره بمرور الزمن، وتقول له: يا ابن آدم مهما تفعل فأيامك معدودة والساعة تجري والعمر يخلص وما من مخلوق يدري متى تحضره المنية.
أراد أحد اللصوص المجرمين التوبة. فقصد رجل دين فاضل، يلتمس الغفران وقال له: أسرفت على نفسي بالذنوب وفي رقبتي دم تسعة قتلى، وقد سمعت الآية «يا أيها الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله». قال له الشيخ: كيف يغفر الله لك بعد كل مافعلت؟؟ على كل إذا كانت توبتك نصوحة، أعط كل ماتملك للفقراء، ثم إذهب إلى مكان بعيد وتعبد وإبتهل واقصد الزهد في الحياة واطلب الرحمة من الله. وخذ معك هذه العصا وأغرسها في أرضٍ قاحلة. ستعلم إن الله قد غفر لك عندما تراها تكللت بالإخضرار.
وبالفعل هذا ما فعله الرجل. وقضى الأيام والشهور عابداً زاهداً من دون نتيجة. يئس من رحمة ربه وغفرانه وقرر العودة إلى حياته الأولى. وقام ليقتلع العصا ويتكئ عليها ويمضي، لكنه سمع صراخ إمرأة تصرخ وتستنجد. فأسرع لمصدر الصوت فرأى رجلاً يحاول سرقتها وإغتصابها. فكّر في الأمر كثيراً، لقد عاهد الله على التوبة وعدم اقتراف الذنوب وعدم التعرض لأحد، واحتار ماذا يفعل أمام هذا المشهد، فكيف يترك هذا الصعلوك يعتدي على هذه المرأة البريئة؟؟ قال لنفسه لقد قتلت تسعة أشخاص فليكونوا عشرة. هجم على الرجل وقتله وأنقذ المرأة، وأوصلها إلى ديرتها بسلام وقال لها لا تعودي لهذا المكان مرة أخرى». ثم عاد لمكانه فماذا رأى؟
وجد العصا يانعة بالأوراق الخضر. عندها أدرك أن الله قد غفر له ذنوبه.
عمل صالح ينفع الناس سبيلٌ لمرضاة الله ونيل غفرانه، أفضل من مئة ركعة صلاة في الليل، يتبعها عمل خبيث في النهار.
مـحبة الله
من اللوحات الشائعة المعلقة في الدكاكين والمطاعم والمساجد والبيوت والمحلات العامة والخاصة لوحة تقول «رأس الحكمة مخافة الله».
وبالطبع لا يلتزم بها الكثيرون ممن علقوها. وتكفي نظرة إلى ما يجري حولنا هنا في غربتنا أو هناك في بلاد العُرب أوطاني، حيث لا حكمة ولا خوف من الله، وتنطبق على أكثرهم هذه الآية: «ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حباً لله» سورة البقرة الآية (165)
إذن المؤمنون أشد حباً لله وليس الخائفون.
فالحب أو المحبة هو أصل العلاقة بالله عز وجل، فمحبة الله هي دفء الحرية والخوف من الله هو صقيع العبودية. الإنسان الحر يعبد الله لإنه خالق عظيم يستحق العبادة. الإنسان الخائف يعبد الله طمعاً في مقعدٍ في الجنة ومجموعة من الحور العين فيفجر نفسه وسط العباد البائسين.
الإيمان الممتلئ بمحبة الله هو رأس الحكمة وأصل الدين، وأصل العلاقات العظيمة المتناهية في السمو والكمال بين البشر، وبدون حب لا يصح تديّن ولا تصلح دنيا: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه»، هذا ما أكده النبي المحب محمد (ص) بكلامه وفعله. يؤتي الحكمة من يشاء ومن أُوتي الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً ولا شك عندي أن المحبة المقرونة بالحكمة هو ما يحتاجه هذا العالم المجنون الخائف…
Leave a Reply